وقائع تاريخية
من الصراع السياسي الذي شهدته شبوة
بعد الإستقلال
من المعروف أن مناطق شبوة،أو ما كانت تعرف سابقاً باسم المحافظة الرابعة_ في ضوء التقسيم الإداري السابق الذي اعتمدته سلطة الشطر الجنوبي لمناطق الجنوب بعد رحيل الإستعمار البريطاني في الثلاثين من نوفمبر عام 1967م_قد شهدت الكثير من الأحداث والوقائع التاريخية الهامة التي جاءت بسبب الإختلافات السياسية التي تفجرت حينذاك بسبب تفّّرد الجبهة القومية انذاك بحكم الشطر الجنوبي من الوطن وعدم اعترافها بالقوى والفئات الوطنية والسياسية الأخرى التي برزت فيما بعد نتيجة للصراعات السياسية والفكرية والمناطقية.
لكن كثيراً من تلك الوقائع التاريخية الهامة التي شهدتها مناطق المحافظة خلال تلك الحقبة من تاريخنا السياسي المعاصر لم تدوّن حتى الآن، بل ولم تكشف خيوطها وأسرارها رغم الأهمية البالغة التي تحتلها تلك الوقائع التاريخية ووجود الوثائق التاريخية التي تتعلق بتلك الحقبة لدى الكثير من الجهات ووجود الكثير من الأشخاص المعاصرين لها والذين يمكننا أن نعتبرهم شهوداً على العصر أو على تلك الحقبة تحديداً.
ومن بين تلك الوقائع التارخية الهامة التي شهدتها المحافظة خلال تلك الفترة- أي أواخر الستينات من القرن الماضي-(واقعة السوداء)أو معركة السوداء وهي معركة شهيرة جرت بين ثوار الوحدة الوطنية والقوات العسكرية التي كانت تتمركز في حامية عتق عاصمة المحافظة،وأسفرت عن نتائج هامة وخطيرة في سياق ذلك الصراع الذي شهدته مناطق البلاد في الشطر الجنوبي من الوطن سابقاً لكن أحداً لم يكتب حتى اللحظة عن تلك المعركة التاريخية الهامة،وما أسفرت عنه من نتائج مؤثرة.وما هي الخلفية السياسية والتاريخية التي نتجت عنها تلك المعركة؟وفي أي سياق جرت؟ومن هم قادة تلك المعركة..؟وكيف جرت تلك المعركة..؟وأسئلة كثيرة أخرى.
وباعتباري واحداً من المهتمين بتاريخ هذه المحافظة كنت ومازلت باحثاً عن خيوط هذه المعركة الهامة..لا لشيء وإنما لتدوين وقائعها للأجيال القادمة وأخذ الفطنة والعبرة والدرس من ما جرى وللتعرف على المواقف السياسية والفكرية التي دفعت بأولئك الرجال الذين خاضوا تلك المعركة للدخول في معركة شرسة وربما غير مُتكافئة غير عابئين بما يمكن أن تسفر عنه من نتائج، مضحين بأرواحهم في سبيل تحقيق أهدافهم الوطنية التي نذروا أنفسهم لتحقيقها...
وقد عثرت مؤخراً على إحدى الوثائق التاريخية التي صدرت في أواخر الستينات من القرن الماضي،وهي عبارة عن عدد خاص من مجلة أو نشرة شهرية كانت تصدرها رابطة الجنوب العربي انذاك وتحمل اسم(رسالة الجنوب العربي)وقد كرس ذلك العدد الخاص لتغطية أحداث الوحدة الوطنية التي شهدتها مناطق المحافظة وبعض المحافظات الأخرى في الشطر الجنوبي من الوطن،ونظراً لأهمية ذلك وعلاقته بما كنا نبحث عنه وما يحويه من معلومات تاريخية هامة تتعلق بتلك الفترة فإننا نقوم هنا بنشر بعضاً من تلك المعلومات التاريخية على أمل أن نكون بذلك قد أوضحنا بعضاً من الخلفية السياسية والأحداثية التي نشبت فيها تلك المعركة الشهيرة وهي معركة السوداء التي سنتحدث عنها في العدد القادم اعتماداً على أحد الرواة من المشاركين فيها:-
تقول مجلة رسالة الجنوب العربي الصادرة بتاريخ أكتوبر عام1968م وتحت عنوان يوميات ثوار الوحدة الوطنية ما يلي:-
22يوليو1968:-
*تحركت مسيرة شعبية مسلحة في كل من الصعيد ويشبم والمصينعة،وعتق،في المحافظة الرابعة وكان المتظاهرون،من رجال القبائل في هذه المسيرة،ويدعون إلى تحقيق الوحدة الوطنية في الحنوب،ويهتفون بسقوط أوحدية حكم الجبهة القومية.
*عقد رجال القبائل في المحافظة الرابعة مؤتمراً شعبياً كبيراً تدارسوا فيه الأوضاع في الجنوب منذ أن تولت جبهة القوميين حكمه بعد تسليم بريطانيا السلطة لها..
ثم قاموا برفع برقية إلى كل من رئيس الجمهورية،ووزير الدفاع،وقائد القوات المسلحة ومدير الأمن العام..تضمنت المطالب التالية:-
1-تحقيق الوحدة الوطنية في الجنوب العربي .
2-عودة جميع المنفيين السياسيين الوطنيين.
3-إقامة حكومة انتقالية تشترك فيها جميع العناصر الوطنية.
4-إلغاء الحزبية المحدودة،واعتبار كل الفئات الوطنية شريكة في حكم البلاد.
5-إطلاق سراح جميع المعتقلين من مختلف الهيئات الوطنية.
6-إطلاق الحريات العامة.
7-إقامة حكومة فورية يساندها كل أبناء الشعب.
8-مطالبة الحكومة بأن تحدد موقفها من هذه المطالب بأسرع وقت ممكن وإلا فإنها تتحمل كل النتائج الوخيمة التي ستنتج إذا ما وقفت من هذه المطالب الموقف السلبي.
25يوليو 1968م
*اجتمع في منطقة(المسحا)وفد من الحكومة تكون من فيصل الشعبي ومحمد صالح العولقي والمحافظ منصور سيف والعقيد حسين عشال وعبدالله سبعة والمقدم عبدالله مجور والمقدم أحمد بن لحمر ودعو وفد الثوار للمشاورة في مسـألة المطالب التي تقدم بها الثوار في المحافظة الرابعة وقد حاول وفد الحكومة المساومة مع الثوار بخصوص إعادة بعض الضباط المسرحين من الجيش إلى مناصبهم مقابل التنازل عن المطالب التي تقدموا بها،لكن الثوار رفضوا وفشلت المفاوضات!!.
*أعلنت قبائل الباكازم وربيز تأييدها للثورة المسلحة..والتزامها بقرارات المؤتمر الشعبي..
27يوليو1968م
*قام الثوار في مدينة(نصاب)باقتحام سجن المدينة وأطلقوا سراح المعتقلين السياسيين هناك لدى الجبهة القومية وهم من دعاة الوحدة الوطنية.
*حوصرت سرية من الجيش في(النقبة)واستسلمت بكافة اسلحتها بعد معركة قصيرة،كما استسلمت سرية أخرى في(الصعيد)بعد حصارها ومقاتلتها من قبل الثوار.
29يوليو1968م
*حاصر الثوار قوات الجيش المرابطة في معسكر(عتق)وأسقطوا(نصاب)..
وأنظم الجنود المرابطون هناك،كما قاموا بالاستيلاء على مخازن الأسلحة والذخيرة للقوات المسلحة وكذلك أسلحة وذخيرة تنظيم الجبهة القومية.
*أيدت منطقة الواحدي الثوار وأعلنت مشاركتها في الثورة.
*ظرب الثوار معسكر عتق بعد أن حاول قائد المعسكر الأعتداء على الثوار في غفلة منهم ودارت معركة عنيفة بين الجنود المحاصرين داخل العسكر والثوار وكانت حصيلتها ثمانين قتيلاً من جنود اللواء العشرين بينهم القائد محمد عبدالله.
30يوليو1968م
Bookmarks