عندما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أساس دعوته العودة بالناس لعبادة الله سبحانه وتعالى وقد حمل لنا عليه السلام شريعة تشمل تنظيم لحياة العباد بما يضمن لهم السعادة في الدنيا والآخرة .

وقد جاءت هذه الشريعة بالتفصيل في جوانب والتعميم في جوانب أخرى ، فقد منح تعالى الناس العقل لاستخدامه وعدم الاتكال على السماء في أدق التفاصيل طالما أنها أرشدتهم إلى الحق والصواب ، وقد عمل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على حل كل ما واجههم من تحديات الحياة ومستحدثاتها بالاعتماد على فكرهم الخاص الذي عمل على أساس الكتاب والسنة ، وهذا ما يطلق عليه مسمى الاجتهاد .

ولكننا في عصرنا الحالي وما سبقه من عصور قريبة تم إهمال هذا الجانب وأصبحنا نسمع الكثير من العلماء يقف نفسه على أقوال علماء العصور الغابرة الذين اجتهدوا بما ناسب عصورهم التي عاشوا فيها ، واعتبر كل عالم يأتي بما يخالف أقوال العلماء السابقين أو يستقي منها معنى غير مألوف عالما مارق خارج عن الصراط المستقيم ، وتناسى هؤلاء بان حجة الاسم ابن تيمية قد وجد في عصره من اتهمه بأقذع التهم وعد أقواله زورا وانحراف عن الطريق القويم .

للأسف بان الكثير من المشاكل اليوم تواجهنا ولا نجد في القضاء من القوانين ما يعالجها علاج قاطع وجذري ، ونجد الكثير من المشاكل مازالت تحل على أساس حلول وضعت في عصور تختلف كل الاختلاف عن عصرنا الحالي .

سمعنا قبل فترة عن قضية الفتى الكويتي الذي امتنع والده الغني عن الأنفاق عليه رغم انه مازال طالب ، فأعطته المحكمة الحق في مصروف شهري وسكن وسيارة لان الأب قادر على توفيرها دون أن يسبب له ذلك ضيق مالي أو يعد ترف لان هذه الأمور تعد من الأساسيات طالما من الممكن توفيرها ، ودرا أي حقد يمكن أن يتولد في قلب ذلك الفتى ضد والده والمجتمع الذي يعيش فيه ، وهو حكم لا يخالف الإسلام بل انه روح الإسلام وجوهره ، وللأسف فان قضاءنا هنا يتشدق بالعلاقات المقدسة بين الآباء والأبناء وبين الأزواج والأقرباء في الوقت الذي يحول فيه بتخاذله عن اتخاذ الأحكام الصارمة والعادلة هذه العلاقات إلى مأزق نفسية وحقد ضد الآخر والمجتمع .

إننا نملك شريعة فذة ومتكاملة وشاملة وعادلة ، حولها بعض المتشدقين والمتحجرين إلى شريعة مكتوفة اليدين قاصرة عن ملاحقة المستجدات وحل المشكلات من جذورها .