تعتبر نظرية الـ"memetics" إحدى النظريات التي تهدف إلى تحسين طريقة تفكير الإنسان وتخليصها من المشكلات الفكرية التي قد يقع فيها ومن بينها على سبيل المثال قبول المسلمات على الرغم من أن تلك المسلمات قد تكون خاطئة.

وتنطلق تلك النظرية من الرؤى التي فسرت المجتمع على أنه كائن حي وهي الرؤى المعروفة باسم "النظرية العضوية" والتي تتبلور في أنه يمكن فهم المجتمع الإنساني من حيث النشوء والتطور من خلال تطبيق ذات القوانين التي تفسر تطور ونشوء الإنسان أو الكائن الحي بصفة عامة.

مضمون النظرية
تقول نظرية الـ"memetics" أو التي يمكن أن نطلق عليها "نظرية الجينات العقلية" - وهي التسمية التي تعتبر ترجمة للمضمون أكثر منها ترجمة حرفية – أن العقل الإنساني وكذلك الثقافة الإنسانية يتكونان من وحدات أساسية وهي الـ"memes" والتي تمثل حجر الأساس في البناء العام للعقل والثقافة، وهنا تبرز مقارنة العقل البشري والثقافة الإنسانية بالكائنات الحية حيث يقول واضعو النظرية إنه بالمثل تشكل الجينات الإنسانية حجر الأساس لبناء الكائن الحي.

الهدف الرئيسي من علم الـ"memetics" هو استخدام النظرية الداروينية - الخاصة بنشوء وارتقاء الكائنات الحية عن طريق الانتخاب الطبيعي – في فهم الثقافة الإنسانية وتفسيرها وتأويلها، ومن بعض التطبيقات المحتملة لذلك الاستخدام هو التأكد من أن الأفكار الإنسانية تنتقل بين الأفراد وذلك ليس بسبب كونها جيدة ولكن بسبب كونها تحمل "memes" جيدة أو "جينات عقلية" جيدة ومن بينها الخوف والحب وغيرها، إلا أن النظرية لا تغفل دور الإرادة الحرة للإنسان في نقل وتلقي تلك الأفكار بعيدا عن قوانين الارتقاء الطبيعية.

يستخدم هذا العلم أو تلك النظرية علوم الأنثروبولوجيا وعلم النفس والبيولوجي والعلوم المعرفية من أجل التوصل إلى أهدافه والتي تقول إنه يمكن فهم العقل الإنساني والثقافة الإنسانية وكل المنجزات الإنسانية من علم ومعرفة وبناء حكومات وذلك من خلال تطبيق قوانين النمو الطبيعي عليه كما نصت أفكار تشارلز دارون، إلى جانب أنه يمكن من خلال ذلك العلم تلافي الأخطاء التي قد يقع فيها العقل البشري من خلال عملية التطور حيث تنتقل بعض الأفكار السلبية بين البشر ومن بينها المسلمات وكذلك التعميم وما إلى ذلك من الأخطاء التي يقع فيها الفكر البشري والتي تتراكم عبر تاريخ التطور الإنساني إلى الدرجة التي تصبح معها واحدة من مكونات الفكر الإنساني العام بدلا من أن تقتصر فقط على أن تكون أحد مكونات عقل أحد الأشخاص وفكره وثقافته الخاصة.

من هذا جاء موضوع كتاب "فيروسات العقل" أو "Virus of the Mind" والذي يعتبر الكتاب الأبرز الذي تم تأليفه في هذا المجال والذي لا يمكن الحديث عن تلك المسألة من دون الإشارة إليه.

لكن في البداية ينبغي التعرف على مؤلف الكتاب وهو ريتشارد برودي أحد كبار المستشارين الشخصيين لصاحب شركة البرمجيات الأمريكية المعروفة مايكروسوفت بيل جيتس وقد تلقى تعليمه في جامعة هارفارد الأمريكية.

يؤكد المؤلف على أن الفكرة الرئيسية في كتابه هي البحث عن الأمراض التي تضرب العقل البشري والتي يسميها الكاتب "فيروسات العقل"، ويقول الكاتب إنه من خلال علم الـ"memetics" أو الجينات العقلية يمكن الخروج من هذا الفخ العقلي وبالتالي العمل على تحسين العقل الإنساني عملا بأفكار النشوء والارتقاء.
فطالما كان النشوء والارتقاء يمضي وفق القوانين التي تحكم الطبيعة فإنه يمكن أيضا استخدام القوانين التي يتبعها الإنسان في محاولاته الارتقاء بالأجناس الحية، وهو ما يقودنا إلى مفاهيم مقاربة لمفاهيم الهندسة الوراثية أي تعديل الفكر الإنساني من خلال تطبيق القواعد الخاصة بالهندسة الوراثية.

تدور فكرة الكتاب حول ضرورة الوعي بالقيم الفكرية أو بالأفكار بصفة عامة والتي يقوم المرء بنقلها إلى الآخرين من خلال أية وسيلة من وسائل التفاعل الاجتماعي والثقافي والإنساني، ويضيف الكاتب قائلا في ملخصه حول الكتاب إن المشكلات والتعقيدات التي يمر بها العالم والمجتمع الإنساني حاليا ترجع إلى فيروسات العقل.

ويؤكد الكاتب أن هناك علما جديدا يسمى "علم النفس التطوري" أو "علم النفس الارتقائي" والذي يعني بالإنجليزية (evolutionary psychology) وهو العلم الذي يبحث في الكيفية التي يمكن من خلالها دراسة النمو النفسي للإنسان وفق قوانين النشوء والارتقاء، ويشير إلى أنه يتوقع العديد من الانتقادات لتلك النظرية بسبب أحد المشكلات التي يعاني منها العقل البشري وهي الحيل الدفاعية التي يرى الكاتب أنها إحدى آفات العقل الإنساني.

منقول

تعليقي فيمكن أن يقراء شخصين كتاب لكن الإختلاف الجيني يختلف لذا كل فرد منهم في فهمه وتحليله وبالتالي الفكر يرتبط ايضا بواقع جني اكيد