إذا داهمتك داهية فانظر في الجانب المشرق منها، وإذا ناولك أحدهم كوب ليمون فأضف إليه حفنة من سكر، وإذا أهدى إليك ثعبانا فخذ جلده الثمين واترك باقيه، وإذا لدغتك عقرب فاعلم أنه مصل واقي ومناعة حصينة ضد سم الحيات. تكيف في ظرفك القاسي، لتخرج لنا منه زهرا ووردا وياسمينا.

(وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ)[البقرة:216]

انظر إلى الوجه الآخر للمأساة، لأن الشر المحض ليس موجودا بل هناك خير ومكسب وفتح واجر.

(أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ)[النمل:62]

من الذي يفزع إليه المكروب، ويستغيث به المنكوب وتصمد إليه الكائنات، وتسأله المخلوقات، وتلهج بذكره الألسن وتألهه القلوب انه الله لا إله إلا هو.

وحق علي وعليك أن ندعوه في الشدة والرخاء والسراء والضراء ونفزع إليه في الملمات ونتوسل إليه في الكربات وننطرح على عتبات بابه سائلين باكين ضارعين منيبين حينها يأتي مدده ويصل عونه ويسرع فرجه ويحل فتحه.

(أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ)[النمل:62]

فينجي الغريق ويرد الغائب ويعافي المبتلي وينصر المظلوم ويهدي الضال ويشفي المريض ويفرج عن المكروب.

(فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ)[العنكبوت:65]

إذا نزلت بك النوازل، وألمت بك الخطوب فالهج بذكره، واهتف باسمه، واطلب مدده واسأله فتحه ونصره، مرغ الجبين لتقديس اسمه، لتحصل على تاج الحرية، وأرغم الأنف في طين عبوديته لتحوز وسام النجاة، مد يديك، ارفع كفيك، أطلق لسانك، أكثر من طلبه، بالغ في سؤاله، ألح عليه، إلزم بابه، انتظر لطفه، ترقب فتحه، أحسن ظنك فيه، انقطع إليه، تبتل إليه تبتيلأ حتى تسعد وتفلح.


من كتاب لا تحزن

للدكتور عائض القرني