بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ صنعاني فرص...في هذا رد على مفهومك المكتوب بالمشاركة 15 من الصفحة الأولى من الموضوع
و العائد إلى تلك المشاركة يتبين له مفهومك و المتلخص في النقطتين التاليتين:
المشكلة في القول بخلق القرآن هي
1- ابتداع كلام لم يقله الله ولا رسوله
2- تعطيل صفة اثبتها الله لنفسه وهي صفة الكلام
النقطة الأولى:
أولاً: على فرض صحة كلامك و هو أننا ابتدعنا كلاماً لم يقله الله ولا رسوله ولا حتى الصحابة... فهل كل ما لم يقله الله أو رسوله أو الصحابة حرام القول به؟؟!!
وهل يستطيع عاقل القول بذلك؟
فهل أخبرنا الله أو رسوله أو الصحابة مثلاً بتقسيمات الأحاديث و بينوا أن منها الصحيح و منها الحسن و منها الضعيف ووو ؟؟؟؟؟
و هل أخبرنا الله أو رسوله أو الصحابة بالمصطلحات المستخدمة لدى علماء الأصول والفروع والحديث لدى كل فرق ا لمسلمين شيعة وسنة، كالعموم والخصوص والمطلق والمقيد، وكتقسيم أهل السنة للتوحيد بعدة أقسام منها توحيد الصفات وتوحيد الألوهية وتوحيد الذات، ووو نحو ذلك كثير..
ثانيا:- بناء على كلامك وانطلاقا من مفهومك، فأهل السنة أيضا قالوا في القرآن بما لم يقله الله ولا رسوله ولا الصحابة، وهو قولهم إن القرآن قديم، فكيف تقول إن قولنا في القرآن لم يقل به الله ولا رسوله ولا الصحابة وتنسى قولكم، أم أنه -يا ابن صنعاء- حقكم حق وحق الناس مرق؟
ثالثاً: من قال أن الله لم يخبر بأن القرآن مخلوق؟ فقد قالها سبحانه صراحة و تأويلاً...
أما الصراحة ففي قوله تعالى في سورة الأنبياء آية 2 :{ مَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مَّن رَّبِّهِم مُّحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَْْ}
وقوله في سورة الشعراء آية 5:{ وَمَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مِّنَ الرَّحْمَنِ مُحْدَثٍ إِلَّا كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَْ}
فالذكر هو القرآن وصفه الله بالمحدث، والمحدث هو المخلوق.
و أيضاً قوله في سورة هود آية 17:{ أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إَمَامًا وَرَحْمَةً أُوْلَـئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ}
و قوله في سورة الأحقاف آية 12:{ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُّصَدِّقٌ لِّسَانًا عَرَبِيًّا لِّيُنذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ}
و ما كان له قبل فهو محدث..و ليس قديماً.
هذا ما أشرت عليه بالصراحة،،
أما التأويل: فقد ذُكر فيه ( أي القرآن) أمكنة و أزمنة و أشخاص كزيد، و محمد، و الأنبياء و أبا لهب... وغيرهم؛ فلو كان القرآن قديماً لكان كل ذلك قديماً.
النقطة الثانية:
أما النقطة الثانية وهي قولك أن الفرض بأن القرآن مخلوق ينفي صفة الكلام عن الله أو يعطلها فشيء عجيب !!!
و يظهر منه الخلط بين كلام الله وكون الله متكلماً* -بغض النظر عن كيفية كلام الله ومفهومه- أي الخلط بين صفة من صفات الله و هي الكلام وأحد آثار هذه الصفة و هو القرآن
و قد أكد لي هذا الخلط تعليلك لسبب قول أهل البيت (ع) بخلق القرآن على أنه ظن منهم أن في القول بقدم القرآن تشبيه لله،، وذلك غير صحيح
فقولهم بخلق القرآن ليس لأجل هذا، بل لأجل الواقع، ولأجل توحيد الله عن الشريك في أي صفة من صفات الإلهية التي منها القدم، أما تنزيههم عن التشبيه في الكلام فليس من ناحية كون القرآن مخلوقاً أو قديماً، بل من ناحية نفيهم لكلام الله عن الأدوات المحسوسة كالفم و اللسان و اللهوات و الهواء، فكلام الله سواء كان مخلوقاً أم قديماً لا يثبت التشبيه ولا ينفيه.
وبمعنى آخر القول بقدم القرآن لا يؤثر في الله(بمعنى لا يؤثر في صفاته)
أي لا علاقة للتشبيه بالقول بخلق القرآن.
و أظن ذلك هو سبب الخلاف و لهذا سألتك عن تحديد مفهومك لخلق القرآن؛
فقولنا إن كلام الله مُحدَث ليس معناه إن كونه متكلماً* غير قديم، فهو كما نقول فعل الله و خلقه محدث كالكون،
وليس معنى هذا إن كون الله قادراً على الخلق محدث فافهم ذلك و تأمله تجد أن مخالفتكم ليست إلا سوء فهم لمرادنا و عدم تفريق منكم بين كلام الله و كون الله متكلما ً*، و هو مثل عدم التفريق بين خلق الله وكون الله خالقاً و قادراً على الخلق.
لتبسيط الفكرة أكثر:
الله سبحانه و تعالى (خالق) وهذه صفة قديمة (غير محدثة)
و خلق الله (أثر كونه خالقاً) غير قديم (محدث)
كذلك
الله سبحانه و تعالى (متكلم*) وهذه صفة قديمة (غير محدثة)
و كلام الله ( أثر كونه متكلماً*) غير قديم (محدث)
فقولنا أن القرآن الكريم محدث لا ينفي صفة الكلام* عنه جل وعلا.
اللهم ثبتنا على كلمة الهدى و الصواب وقوام الكتاب هادين مهتدين راضين مرضيين غير ضالين ولا مضلين
___________________________________
* أؤكد إزاء كل كلمة متكلم قلتها في حق الله أنها بغض النظر عن كيفية ذلك ومفهومه، ففي ذلك نقاش مستقل، ليس محله هنا لكي لا تتفرع المواضيع ونخرج عن أساس موضوعنا.
....
المفضلات