القاهرة - خالد البرديسي – لندن " عدن برس " : 11 – 8 – 2009

كشفت مصادر دبلوماسية يمنية واسعة الاطلاع -رفضت الكشف عن هويتها- عن تحرك دبلوماسي عربي تقوده مصر والسعودية والأردن والإمارات، لانتشال اليمن من الأخطار الداخلية المحدقة به في الشمال والجنوب، عبر التنسيق لحوار وطني يشمل جميع القوى اليمنية في الداخل والخارج ، لحقن الدماء وحفظ الوحدة اليمنية.

وقالت المصادر في تصريحات خاصة لـ"إسلام أون لاين. نت": إن "التحرك الدبلوماسي العربي يتم بتنسيق مصري - سعودي، وبدعم من الأردن والإمارات، وإن هذه الدول أوكلت قيادة هذا التحرك لمصر، لأنها تحظى بثقة معظم اليمنيين، وغير متصلة جغرافيا به مثل السعودية، وبالتالي تحركها سيكون مقبولا ونزيها عند معظم الأطراف اليمنية، سواء مع الحراك الجنوبي، أو مع الحوثيين في الشمال، أو مع أحزاب المعارضة اليمنية (اللقاء المشترك) " .
وأكدت المصادر "أن القاهرة الآن بصدد التحضير لحوار وطني يمني على أراضيها بمباركة من الرئيس علي عبد الله صالح"، واستدلت المصادر على هذا الأمر بأن "مصر كانت تضع عددا من السياسيين اليمنيين على قوائم الممنوعين من دخول أراضيها، لكنها في الأيام الأخيرة بادرت برفع أسمائهم من هذه القوائم، كي يتمكنوا من حضور مؤتمر الحوار الوطني اليمني المقرر أن تستضيفه القاهرة".
ولفتت المصادر الدبلوماسية اليمنية إلى أن "القاهرة والرياض يشعران بالقلق البالغ على ما يدور في اليمن من أخطار تدفعه دفعا للفتنة والتقسيم، لاسيما بعد أن أظهر الحوثيون شراسة في الشمال، وزادت مطالب الجنوبيين بالانفصال، فضلا عن التواجد الملحوظ لتنظيم القاعدة على الأراضي اليمنية، ناهيك عن مخاطر القرصنة في خليج عدن".
وقبل نحو أسبوعين أطلق نايف القانص المتحدث باسم اللقاء المشترك المعارض -وهو تكتل يضم عددا من الأحزاب السياسية اليمنية المعارضة- في تصريح لـ"إسلام أون لاين.نت" دعوة بمثابة الصرخة لـ"جامعة الدول العربية أو أي دولة عربية تريد خير اليمن للقيام بجهد من أجل إعادة اللحمة للشعب اليمني، الذي تهدده أخطار التدخل الدولي في شئونه بسبب تواجد تنظيم القاعدة على أراضيه وأعمال القرصنة المنتشرة في خليج عدن".


أنباء عن تهدئة


وفيما نقلت وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) عن الرئيس اليمني علي عبد الله صالح قوله إن "استمرار عناصر التمرد (الحوثيين) بارتكاب هذه الخروقات والأعمال التخريبية يثبت إصرارها على مواصلة غيها وعدم التزامها بخيار السلام الذي أعلنته الدولة قبل عام"، قالت تقارير إعلامية اليوم الثلاثاء إن السلطات اليمنية وجماعة الحوثي قد توصلتا إلى هدنة مؤقتة، تم بموجبها وقف الاشتباكات التي اندلعت منذ ما يقرب من أسبوعين.


وبحسب هذه التقارير تقضي الهدنة بوقف إطلاق النار في كل جبهات القتال، وفي ذلك منطقة الحصامة الحدودية مع السعودية، وانسحاب الحوثيين من المناطق التي سيطروا عليها وفتح الطرقات وتبادل المحجوزين، وعدم اعتداء أي طرف على الآخر، بالإضافة إلى إطلاق سراح أسرى الطرفين، على أن يستأنف الحوار بعد شهر رمضان.
وقال الشيخ محمد راكان عضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي اليمني: "إن اتفاق الهدنة تم بعد أن رفعت العناصر المسلحة حصارها لموقع (الغيل) الذي كانت تسيطر عليه، وبعد ذلك طلبنا من الحوثيين وقف الاشتباكات والإذعان إلى الهدنة فوافقوا وتمت الهدنة بين الأطراف المتنازعة".
من جهته أكد الناطق باسم الحوثيين محمد عبد السلام أنه تم الاتفاق مع السلطات اليمنية على مجموعة من النقاط: تثبيت وقف إطلاق النار، فتح الطرقات، عودة السلطات المحلية إلى المديريات لتقديم الخدمات إلى المواطنين، رفع الاستحداثات العسكرية من الطرفين، ومن ثم التفاوض حول المعتقلين الحوثيين والأسرى من الجنود والضباط.
وأضاف أنه تم الاتفاق على تجميد أي حوار بشأن مصير المواقع العسكرية التي استولى عليها الحوثيون خلال الأسابيع القليلة الماضية، والابتعاد عن مناقشة أي من القضايا الخلافية والشائكة مثل قضية الأسرى من الجنود لدى الحوثيين، وكذا قضية الحوثيين المعتقلين لدى السلطات اليمنية، حيث يطالب الحوثيون بإطلاق سراح كل أنصارهم الذين اعتقلوا منذ اندلاع الحرب الأولى في صيف عام 2004.


الأخطار من كل جانب


وتعصف الأخطار باليمن من كل جانب.. ففي الشمال عادت أجواء الحرب في محافظة صعدة بين القوات الحكومية والقبائل المؤيدة للدولة من جهة والمتمردين الحوثيين (شيعة) من جهة أخرى إلى واجهة الأحداث والأزمات في الأيام القليلة الماضية، وقد بدأ الصراع في هذه المحافظة يأخذ الطابع المذهبي بعد قتال دار بين الحوثيين وسلفيين.
ويرفض الحوثيون -وهم من الطائفة الزيدية الشيعية- النظام اليمني الحالي الذي يعتبرونه غير شرعي، ويدعون إلى إعادة حكم الأئمة الزيديين الذين أطيح بهم في انقلاب عسكري عام 1962، كما يدعون لاستخدام العنف ضد الولايات المتحدة وإسرائيل، بحسب تصنيف السلطات اليمنية التي أكدت عدم وجود صلة بينهم وبين القاعدة.
ويقودهم حاليا شخص يُدعى عبد الملك الحوثي، ويتمركز تمردهم في المناطق المحيطة بمدينة صعدة عاصمة محافظة صعدة المتاخمة للسعودية، وهي منطقة جبلية وعرة وفقيرة ينتمي معظم سكانها إلى الطائفة الزيدية الشيعية، ويشار إلى أن السنة يشكلون معظم سكان اليمن البالغ عددهم 19 مليون نسمة، في حين يمثل الشيعة نحو 15% منهم.
وفي الجنوب يتصاعد النشاط المناوئ للحكومة والداعي إلى الانفصال، الذي يديره "الحراك الجنوبي" في محافظة أبين (جنوب) بزعامة حليف السلطة السابق و"الجهادي" الأسبق طارق الفضل، بالإضافة إلى عصيان مسلح في عدد مناطق في المحافظة الجنوبية.


وكان الرئيس صالح قد وقع إعلان الوحدة اليمنية مع علي سالم البيض رئيس الشطر الجنوبي في الثاني والعشرين من مايو 1990، وبموجب اتفاقية الوحدة أصبح الشطران يمنا واحدا، وأصبح صالح رئيسا لليمن الموحد، والبيض نائبا له.
لكن سرعان ما ظهرت دعاوى جديدة للانفصال في أبريل 1994 في وادي "دوفس" بمحافظة أبين الجنوبية، ومن ثم تفجرت حرب دموية شرسة عُرفت بحرب الانفصال أو حرب الألف ساعة، وانتهت بتسليم الانفصاليين سلاحهم للقوات الحكومية، وتم إعادة الوحدة في السابع من يوليو 1994، وأصبح صالح الرئيس بعد أن كان لقبه "رئيس مجلس الرئاسة" في أكتوبر 1994.
وتأتي هذه التطورات في شمال اليمن وجنوبه في وقت تنفذ فيه قوات خاصة لمكافحة الإرهاب، تابعة للحرس الجمهوري والأمن المركزي، عمليات ملاحقة ومداهمة لمطلوبين على قائمة "الإرهاب" ينتمون إلى تنظيم "القاعدة" في محافظة مأرب (شمال شرقي صنعاء) بالإضافة إلى حملات اعتقالات تستهدف مطلوبين لأجهزة الأمن على خلفية خطة أمنية واسعة وملاحقة ناشطي "القاعدة" في مأرب، حيث جرت معارك سقط فيها عدد من الجنود بين قتيل وجريح، وقتل فيها وجرح واعتقل عدد من العناصر المتمردة.