قبل قليل ... وبعد صلاة المغرب ، أحببت أن اخرج كي استنشق نسمات باردة من نسيم جدة العليل هذه الأيام ..
خرجت من المنزل سيرا على الأقدام ، فضلت أن اسير داخل الحي هذه المرة وليس على الشارع العام .. وللأسف الشديد لم يكن معي أحد من زملائي هذه المرة ...
كان القليل من المارة يسيرون في الشارع ، حيثٌ يبدوا وكأنه مهجورا لان المنطقة سكنية .. واليوم هو الجمعة ، ففي هذا اليوم غالبا تجد معظم الناس يستمتعون باجازتهم الأسبوعية على البحر او المنتزهات ،او في منازلهم لمشاهدة التفاز ..
بعد دقائق من السير في ذلك الشارع الخافت الأضواء ، تتجاوزني سيارة مسرعة لم آبه كثيرا لها .. إلا انها تتوقف امامي بسبعة أمتار تقريبا ..
وبجانب طفلين صغار ... الأول منهم لا يتجاوز عمره الست سنوات وأخوه الأصغر لا يتجاوز الأربع سنوات تقريبا ..
ينزل من السيارة رجل متين ، خفيف اللحية ، متوسط القامة ..
فجأة .. يمسك بألطفل الأكبر .. ويهوي بيده على مؤخرة رأسه .. ثم يدفعه امامه بقوة كاد الطفل أن يسقط على وجهه فوق الأسفلت ..
أثناء هذا كان الرجل يسب ويلعن .. ( يا كلب ، يا حقير .. من ساعة أوصيك وما ترجع ) معذرة أيها الأخوة على كتابتي لهذه الكلمات التي لا تليق أن تكون بينكم ... إلا انها أثارتني بقوة حينما سمعتها تُقال لإطفال صغار ..
تابعت المسير دون توقف ولكن بخطوات ثقيلة ..
ينطلق الأطفال بعد ما حصل في الاتجاه العكسي لمسيري ... بينما الأب يركب سيارته وينطلق .. ليتجاوزني مرة أخرى ... بعد عدة أمتار يتوقف مرة أخرى ..
ثم يقوم بالدوران ليلحق باطفاله ...
تفكرت ، لماذا لم ياخذ اطفاله معه في سيارته بعد كل ما حصل ... ولماذا كل ذلك السباب والضرب ... ولماذا هذه المعاملة ...
كيف ونحن نخال أنفسنا في مجتمع يتطور ويتثقف بشكل سريع ... وما مدى إهتمام الأسرة بتربية أطفالها ومعاملتها السليمة ... وخلق العوامل النفسية في اعماق الطفل حتى ينشاء نشأة سليمة خالية من التناقضات أو المعوقات النفسية السلبية التي قد تنشاء وتلازم الأطفال خلال مراحل العمر المستقبلية ..
كثير من الأسئلة دارت بخلدي ... بينما كنت أواصل المسير ... حتى جئت إلى هنا ...
لكم أن تتفكروا في ذلك المشهد ... وتستنجوا الاسئلة والحلول .. من خلاله ...
وتقبلوا خالص وأرق تحيات الصدى . ( :61_61: )
Bookmarks