مســـــــــــــــــــؤول يبحث في وادي العقـــــــــــر عن عـــــــلاج للصلعـــــــــة

عند محطة المواد البترولية وقفت سيارة تيوتا أخر موديل تتمون بالبترول ورجلان بداخلها أحدهما كهربائي متمكن من عمله تعرفه من مظهرة الذي يميزه ويكسبه هذه الصفة .. قلم الرصاص فوق أذنه اليسرى والمطرقة في جيبه الخلقي وكلابة وألة إلكترونية لقياس الميجاوات الكهربي ومتر لقياس المسافات وشنب اكبر من شنب عنترة وأصغر قليلا من شارب الزير أبو ليلى المهلهل .. ورأس بدأ يغزوه الصلع من وسطه ويجلس في الكرسي الأمامي من السيارة الأبهه .. وفي مكان السائق جلس صديقي ذو الطلعة البهية والثياب المهندمة والفكر النبه والرأس الذي تصحر حتى منتصفه فصار يلمع في شمس أيلول الحارقه ويجبر صاحبي على الهرب من الشمس الى برد السيارة المكيفه .. قال له صاحبه وقد أثرت فيه الصحبة والهم المشترك وحب المغامرة وركوب الخطر ..: يا أخي لا يقولوا إن حليب الجمال إذا خلطته مع قطرات من بول الناقة البكر ومسحت رأسك مرتين في الصباح والمساء فإنه علاج مظمون ومجرب للصلعه .. في نفس الوقت أذا تناولت منه كوبا من العيار المتوسط ممزوجا ببعض عســـل بلدي ثلاث مرات في اليوم قبل الأكل فإنه علاج مجرب للشفاء من أمراض القولون والمعده .. قال له صاحبي: أأأأأأأأأأأأأه شوقي عليه وانا إدَي الثمن الذي يريدوه .. لكن منين لصاحبك منين .. لا عاد عسل بلدي ولا جمال وعادك حددت ناقه بكر ههههههه .. قال صاحبه: شا تعمل الذي شا قول لك ومن راسي لك ذي تشتي وأكثر ..
بعد لحضات كانا يمضيان في طريق العوابل نحو العقر طريق ممهد شكرا لها هيئة التعاون الأهلي والمجلس المحلي ومصلحة الطرق لاحقا .. وفي العقر وعند المدرسة اليتيمة ذات الحالة المهلهلة وقفت السيارة وهي تلمع كأنها خرجت للتو من المصنع ولفت مظهر السيارة البديع إنتباه الأولاد فتحلقوا حولها وهذا بدوره لفت إنتباه الكبار فأقبلوا مهرولين ظانين أن مسؤولا كبيرا من وزارة التربية قد تذكر هذه العزلة فرق لها قلبه وجاء لتفقد حالها والأطلاع على مشاكلها ووظع الحلول لمعالجتها .. غمز الزيرسالم صاحبه وهو يقول: مش قلت لك .. أما الآن فإلى المرحلة الثانية من الخطة .. خرجا من السيارة يلبسان معطفين عسكريين ويحمل صاحبي في يده حقيبة دبلوماسية من نوع "سامسونيك" ونظارة سوداء .. تقدم منهم أحد المواطنين المبهورين بهذا المسؤول المتواضع الذي يأتي بدون مرافقين ولاسيارات تحمل في وسطها مدافع رشاشة عيار 50م م وهو يقول في نفسه هذا مسؤول صادق مش مثل الأولين الذين زارونا ترافقهم معسكرات بحالها ووضعوا لنا أحجار أساس جرفتها سيول الأمطار وخسرنا مئات الألاف من الريالات ولم يتحقق منها شيئ .. مرحبا سيدي .. أنا واحد من أمناء العقر أرحب بحضرتك بين أهلك واخوتك وأبنائك حللت أهلا ونزلت سهلا يا فندم..
صاحبي متواضع جدا إحتج على كلمة سيدي وفندم وقال في تواضع يحسده عليه كبار الساسه والمحترفين قال يا أخي أنا مواطن مثلك برتبة عقيد إسمي علي محسن البيضاني وهذا المرافق ومدير أعمالي ولدينا مدرسة نريد أن نقدمها لمن يستحقها من عزل هذه المديريه والحقيقه قد زرنا مجموعة قرى وعزل في حجاج والربيعتين والأوديه ووجدنا أن عزلتكم هذه أكثر حاجه لها من كل من زرناهم .. صاح مواطن "ينصر دينك .. مشــــــــــرووووووووب ياوليـــــــــد ..
صـــــاحبي إحتج بشــــــــــــــده وهو يقول لا .. لا والله .. ما جينا نتضيف ولا نكلف المواطن .. الدوله ماقصرت كل شيئ نحتاجه موجود لدينا في السياره .. الماء والمشروب والطعام والدواء نريد منكم تحددوا لنا مكان المدرسه في ورقه وتوقعوه ونعمل له بيان كروكي وتعملوا له رسم حدود وإنشاء الله ما تروا الا كل خير .. صاح مواطن أخر .. لا والله ما تسيروا من عندنا بدون غدى .. أنتوا ضيفنا اليوم نتغدى ونخزن سوى وبعدين تشتوا تبيتوا معنا الى الغد يا حيا ويا ألف مرحبا وان تشتوا تغادروا بعد التخزينه فحياكم الله وودعناكم من لا تضيع ودايعه ..
يـا إخواني انا ما عندي وقت مهمتي محدده .. أنا عملي جداً .. الموقع لو سمحتوا .. أيش رأيكم في هذا الصّالب .. موقعه مناسب وقريب من المدرسه الأم ... قاطعه مواطن .. لا .. لا يا فندم هذا الذي باقي معي لعيالي القصّر يبنوا لهم فيه بيت لمَّا يدي لهم الله .. صاح آخر من وراء الصفوف قد قال الأ فندم وكلمته ما نرجعها خائبه .. تقدم أعقل الناس وهو يقول الأرض نتحملها كلنا سوى هذه أو غيرها نِدِّي ثمنها لصاحبها كلنا لأن أولادنا كلنا شا يستفيدوا منها .. وكان مخرجا أرضى الجميع .. أخرج عنتر المتر وباشر في وضع المقاييس الهندسيه ورسم ذلك على ورقة رسم بياني أكدت للناس الطيبين بما لا يدع مجالا للشك صدق المسؤول المحترم الذي أخجلهم بتواضعه .. وعندما أكمل صاحبي وصاحبه عملهم حشوا الأوراق في حقيبة السامسونيك الدبلوماسية وأرادوا أن يودعوا هذا الحشد الكريم ، وقف الناس في طريق السياره يمنعوها من التحرك ويطالبوا العقيد بتناول وجبة الغدى معهم .. قال لهم صاحبي في إختصار شديد: غدى لا وألف لا .. إنما إذا كان ولا بد وبدون إحراج إذا لديكم حليب جمال من ناقة بكر وبعض بولها ..(عزكم الله) والله يسامحني .. وإذا شي عسل بلدي من عسل البلاد الطيبه هذه فعليكم به لي وأنا إدِّي ثمنه مضاعف أصل عندي مرض في المعده والقولون وقد قيل لي بأن هذا أنجع علاج لهذا المرض العضال .. لم تمر نصف ساعه من زمان إلا وقد كان في السياره جالونين من العسل وحليب النوق وعلبة ماء معدني من بول الناقة البكر .. ورفض كرم الأهالي الطيبين أن يأخذوا الثمن وأضافوه على حساب الأرضية ليتوزع عليهم بالتساوي ..
مرَ أسبوع من الزمان أو يزيد وفي سوق مدينة جبن أمام المواصلات وقف صاحبي عند باب دكان سليمان لمواد البناء والكهرباء ورصف سيارته في موقف على حافة الشارع وبجانبه وقف رجل يتأمله ثم إقترب منه وسلم عليه .. يا أفندم عافاك الله ويش عاد صلحتوا من شان موضوع المدرسة؟ (الله يلطف ياجــ صـــابر ــا) .. هاه المدرسه .. لا .. الإمور بخير إنشاء الله .. إعتمدوها وباينزلوها في المناقصات قريب .. ومن الدكان نادى عليه سليمان .. صابر .. يا صابر عــادك شا تبيع السياره تعال ياخي كلمة ولو جبر خاطر ولا سلام من بعيد .. غامزه صاحبي ولمّح إليه بإشارات مبهمه لم يفهمها سليمان .. إنتبه الرجل إلى أن هناك شيئ غامض في الموضوع فتقدم مخاطبا صاحبي: يا أخي أنت إسمك صابر ولا العقيد علي محسن حيرتني يارجال أخذه صاحبي على إنفراد وأخرج من جيبه ورقتين من فئة الألف ريال ودسها في يده وهو يقول والله إني جيت عندكم باحثا عن علاج للصلعة والقولون عسل وحليب جمال وقد وضعني صاحبي في هذا الموقف المحرج وأنتم مثاليين وطيبين إنطلت عليكم حيلة صاحبي وصدقتونا بسهوله .. نظر اليه الرجل باستغراب ثم أعاد لصاحبي ورقتي الألف ريال وهو يقول: إحنا ناس صادقين لا نقول الا الصِّدق ومفترض في الناس الصِّدق لاكن الله يســـــامحك ولا بقى لك ولا لصاحبك شـــــــــــــــــــعــــره ..