عندما أتكلم عن انقطاع الكهرباء في عدن يبادرني البعض بالسؤال .. ما رأيك في الإنفصال ؟
وعندما أنتقد الإسفاف في نقد شخصيات مثل الرئيس السابق للجنوب علي سالم البيض وأستنكر التساهل في رميه بالكفر
يبادرني الأحبة بالسؤال ما رأيك في الإنفصال ؟؟
وعندما أعدد ما أراه وأشاهده من مظاهر لتفكك الوحدة في قلوب بعض الناس واتجاه الأمور الى مالا يحمد عقباه ..
أيضاً يبادرني الإخوة بسؤالهم عن رأيي في الإنفصال ؟؟؟
لا أدري لماذا غدى الإمتحان بهذه المسألة شغل البعض الشاغل وكأن المسئول أعلم بالجواب من السائل ! وكأنه أقدر على
وضع حد لهذا الأمر أو تشجيعه !!
لا أدري لماذا وبدلاً عن هذه الطريقة العجيبة لايحاول هؤلاء الإخوة تفهم الوضع كما هو لاكما يتمنون ويرغبون ويأملون
فهناك فرق بين أن تتمنى أن يشعر إخوانك تجاه أمر ما بشعور تريده أنت وبين حقيقة شعورهم تجاه هذا الأمر ..
للتوضيح أكثر .. فرق بين أن تسألني عن أمنيتي ورغبتي تجاه الوحده وبين أن تسألني عن واقع الوحدة اليمنية عندي وفي
محيطي ..
الأول أظن حتى علي سالم البيض يقول به ويتمناه ولا أظن أن عاقل في العالم العربي أو الإسلامي لايتمنى هذا الشيء ..
الثاني هو أمر لادخل لأبي تميم ولا ليحيى الجبر به .. هو أمر يُعرف ويُستشف من الواقع والحقائق دون حاجة الى سؤال
أحد عن رأيه الذي لن يقدم ولن يؤخر في الأمور شيئاً ..
هناك نقطة أتمنى أن تتسع صدور إخواني أبناء شمال اليمن _ سابقاً _ لها لأني لم أجد من يفهمها منهم الا القلة القليلة ..
إن النخبة من أبناء الشمال عندما يتحدثون عن قضية الوحدة من منظورهم هم فإنهم لايحسون ولا يقدرون موقف
إخوانهم في الجنوب الذي يختلف من حيث منطلقاته ورؤاه .. فعندما يستشهد لنا مستشهد بفتوى للشيخ الزنداني أو مقال
لمشرفنا الحبيب يحيى الجبر أو كلام للشيخ صادق أو تصريح لعضو مجلس النواب الجباري فإن كل هؤلاء مع شديد
احترامي لهم يتكلمون عن تنظيرات وقيم ومعاني جميلة دون أن يكونوا متحدثين ينطلقون في حديثهم من نفس المعاناة
والبيئة ..
ما أستغربه بالفعل خصوصا من نخبة القوم أن هناك تجاهل لما يجري في أرض الواقع والإصرار على أن كل مانقوله
هو مجرد عواطف كما قال لي أحد الأحباب البارحة !!
حسناً .. هذا المقال محاولة لإيقاظ ما يمكن ايقاظه لعل عاقل يتأمل ويتدبر ويعرف أن هناك مخاض عسير مقبل على
اليمن إن لم يتداركه العقلاء ويعرفوا حجم الداء وحقيقة المشكلة فلن يستطيعوا بعد ذلك أن يفعلوا شيئاً فعند الفتنة لايسمع
لعاقل كلمة ولا لحازم رأي ..
كنت في رحلة لأقصى محافظات اليمن محافظة المهرة ومعروف عن هذه المحافظة هدوئها وسكونها وذلك يعود لأمور
منها تأثرهم الشديد بالحضارم ونزوح الكثير من قبائلها الى دول الخليج المختلفة واستيطانهم هناك مما أدى لقلة عدد
السكان رغم اتساع رقعة الأرض هناك .. ياترى ماهو الوضع في هذه المحافظة الهادئة والوديعة وهل هي خارج اطار
التأثر بشيء اسمه قضية جنوبية التي غالباً ما نظن أنها محصورة ومقصورة في المحافظات المشاغبة لحج وأبين وعدن ؟
أردت شرب كأس من الليمون من عند كشك صغير يعمل فيه شخص من تعز فطلبت العصير وكعادتي حاولت ممازحة
الأخ الذي بادلني أيضا المزاح وكان مما قاله بعد ذلك أن المهريين ينادونهم بـ ( شماليت ) وهذا بلغتهم أو لهجتهم الخاصة !
في المطاعم والكفتريات عند اذاعة نشرة الجزيرة والعربية يتجمع أبناء المحافظات الشمالية بشكل لافت عند الشاشات
لمتابعة أي خبر عن المظاهرات والإحتجاجات والقلق بادي على وجوههم على الرغم من وجودهم في هذه المحافظة الهادئة والوادعة ..
كنت في مبنى المرور بانتظار انهاء معاملة وكنت جالساً في غرفة المدير وكان نائبه هو الجالس محله وهو برتبة مقدم
وكالعادة دردشت معه وقلت له مازحاً مبانيكم يا أصحاب المهرة هي هي مباني الحزب البائد .. فأجاب نعم المباني نفسها
لكن النظام اختلف .. فقلت له كيف الفندم مدير الأمن معكم _ وهو من أبناء شبوة _ وألقيت عليه باللوم كيف لايطور لهم
مبانيهم .. فقال : لولا الفندم لداس علينا الشماليون !!
هذه بعض مظاهر على عجل ولم أستقص أو أتعمد البحث عنها بل جرت أمام عيني دون أي بحث .. فمابالك لو أخذت جولة
في مدينة عدن واستطلعت آراء الناس على اختلاف مشاربهم .. اذاً لرأيت العجب العجاب فمن الدكتور في الجامعة الذي
يتذمر من الوضع ومن الحكم الشمالي الذي أوصلنا لهذه الحال الى طالبة الصف الأول ثانوي بنات التي عثر في كتابها على
عبارات تشطيرية وتحريضية !
مؤخراً بت أسمع عن رموز دينية انخرطت هي ايضاً في مجاراة دعاة الحراك ولم يعد الأمر مقتصراً على شوية صيع
أو روافل كما يحلو للنظام وصفهم به .. سمعنا عن تصريح النائب الإصلاحي محسن باصرة الذي قال أننا نواب عن الشعب
ونحن مع الشعب في أي قرار يتخذه ! كذلك موقف باحداد وغيرهم .. ايضا عندنا في عدن هناك مواقف مقاربة لذلك صدرت
من دعاة مهتمين بأمر الحسبة وانكار المنكرات التي زادت وطغت بفضل برعاية النظام ..
حتى من يراهن عليهم النظام من المؤيدين للوحده تجدهم حين تتناقش معهم بعيداً عن الوحدة والإنفصال في مواضيع مثل
الأراضي والفرص التي ضاعت على أهل عدن حين كانت الأراضي رخيصة والمواقع المهمة شاغرة يبادرون بالقول
أن الأراضي جالها الشماليون وما بقوا شي !!
الكلام أعلاه أريد منه ايقاظ بعض النيام وبعض من لايريد أن يفهم الا الوضع الذي يريده ويحلم به فقط .. هناك مشكلة كبيرة
في الجنوب ** هناك انفصال حقيقي في قلوب كثير من أبناء الجنوب سببته تداعيات حرب 94 التي تعاملت مع الجنوب
كغنيمة حرب ..
أعرف أن كثير من الأفاضل كالأخ يحيى والأخ المطرقة وغيرهم يرون أن الوحدة مكسب لاتفكير بالتفريط فيه فأقول لهم
نعم صدقتم من كان في نفس موقعكم لن يقول الا هذا الكلام ولكن ربما أناس بنفس مستواكم الفكري والعلمي يرون أنه يمكن
التفريط بهذا المكسب لأنهم ينطلقون من واقع غير واقعكم ويتحدثون من قلب المشكلة ..
الخلاصة .. لاتنجروا خلف من يتحدث عن الجنوب من بعيد وحاولوا أن تسمعوا لأهل الجنوب أنفسهم لتحولوا بعد ذلك كل
جهودكم لإنقاذ الوحدة الى مكانها الصحيح فمن أراد إنقاذ الوحدة فعليه بالتوجه للنظام الحاكم لا للحراك الشعبي ..
أخيراً كلامي هذا لا أقصد به الا تجلية الواقع كما هو لا كما أريد لأنه في نهاية المطاف لو تحرك اللئام في الخارج وقرروا
أن من صالحهم فصل اليمن فسوف يتم فصله ولن ينفع حينئذ رأي أبي تميم وعظم بالحنجرة بأن الوحدة مكسب ..
لأن الأستاذ عظم سيكون مشغول حينئذ باستخراج جواز جديد لأجل زيارة أهله لاقدر الله حصول ذلك ..
تحيات وحدوي ناصح
* تلك كلمات كتبها الكاتب المبدع ابو تميم أحسست انها تخاطب وجداني وأحاسيسي
كلام واقعي ومنطقي وليس فيه مزايدة ولا تطبيل
Bookmarks