الحزب لغة وإصطلاحاً : عن لسان العرب لإبن منظور هو جماعة من الناس . وعن معجم مقاييس اللغة لأحمد بن زكريا هو تجمع الشي وجمع الحزب " أحزاب" .
وقد ورد لفظ الحزب في القرآن الكريم في أكثر من موضع .. فيقول تعالى "يا قوم إني أخاف عليكم مثل يوم الأحزاب" ويقول تعالى " أي الحزبين أحصى لما لبثو أمداً " ويقول تعالى " فتقطعوا أمرهم بينهم زبراً كل حزب بما لديهم فرحون" ويقول تعالى " فأختلف الأحزاب من بينهم فويل للذين كفروا من مشهد يومً عظيم " ويقول تعالى "ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده " ويقول تعالى " استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله أولئك حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون " ويقول تعالى "ألا إن حزب الله هم المفلحون "
أما بالنسبة للفكر الحزبي عند المسلمين فهو فكر ممقوت .. ربما لفظ كلمة حزب ممقوتة لدى المسلم لأن وقعها عليه بغيض نوعاً ما وذلك لأن أول تحالف سمي بالأحزاب هو من أقامه المشركون في معركة الأحزاب كما يقول زكي الميلاد في كتابه " الفكر الإسلامي "
الجميع يعرف أن اليمن بلد ديمقراطي يتسع لجميع الآراء فالمعارضة لها دور فعال في اليمن وتجربة اليمن الديمقراطية هي مثال يُحتذى لبعض الدول العربية فصار يُضرب بنا المثل في ديمقراطيتنا .. ولكن مع كل أسف فهي ديمقراطية مزيفة محشوة بدكتاتورية معتقة في داخلها .. وقديماً كان لا يلمس هذه الإزدواجية إلا القلة ولكن مع مرور الزمن أصبح الجميع يعرف بأننا إبتعدنا عن الديمقراطية أيما إبتعاد .
إن دور المعارضة مهم لبناء أي مجتمع ..فالمعارضة هي صوت الأمة هي صوت الشعب وهي نبض الشارع .. وعلى عاتقها يقع هم الأمة .. ومن مسؤليتها محاربة الفساد وتصحيح أخطاء الحزب الحاكم وما أكثرها . كنا نقول في السابق إن مداهنة الأحزاب المعارضة ومسايرتها للسلطة في محاولة لعدم إغضاب السيد الرئيس هو سبب تأخرنا وتراجعنا قياساً بالدول المجاورة .. ولكن إحقاقاً للحق فليس هذا هو السبب المباشر .. نعم إن أهم سبب مسؤول عن ضياع جزء من آمال شعبنا هو تشتت المعارضة أو كما يقال " كلٌ يغني على ليلاه"
فلان من الناس يعارض لأنه ضد الرئيس .. والآخر يعارض لأنه ضد سنحان .. وفلان يعارض لأنه ضد الوحدة .. وفلان يعارض لأنه ضد الفساد .. أما فلان فإنه يعارض لأنه ضد المؤتمر .. وعلى الجانب الآخر فلان يعارض بدون سبب اللهم إنه ولد في بيئة معارضة فانتقلت له جينات المعارضة من والده وهذا قد أسميه " معارض بالفطرة" .
حتى إن البعض وصل به الأمر إلى أنه يقول ما عدت أفرق بين المعارضة والحزب الحاكم فجميعهم سواسيه بالنسبة لي .. بل إنني أمقت المعارضة والسبب تخلفها وتأخرها فمنذ أن وُجدت لم تستطيع فعل أي شيء في اليمن .. يقول فلان حتى إننا صرنا لا نصوت لهم في الإنتخابات لأن النتائج محسومة مقدماً فلماذا أتعب نفسي في طوابير الإنتخابات .
وللمعلومية فإن للمعارضة طعم لذيذ .. فالمعارض دائما ما يحس بأنه رجل المبادئ والأخلاق .. بل إنه رجل نزيه وذو قيم .. ولم يخضع يوماً للإغراءات .. فما أجمله من شعور .. ولكن هذا الشعور وحده لا يكفي لحل مشاكلنا التي فاحت رائحتها للقريب والبعيد .
إن ما شهدناه في الإنتخابات الماضية من تكاتف المعارضة والدخول تحت مضلة المشترك .. قد يجعلنا نعيد الأمل من جديد وقد يغير الرسم البياني للمسيرة السياسية في اليمن .. ولكن هل سيدوم هذا التحالف ؟!! لا أدري أو ربما لا أعتقد .
إذا كان ترابط أبناء الحزب الواحد داخل اليمن لم يدم طويلاً وكل ذلك بفضل الإغراءات المقدمة من رجال المصالح .. فما بالكم بترابط أحزاب المعارضة ككل .. والتي لم تتفق في يوم ما .. حتى إنني أشك أنها إتفقت في القول بأن السلطة مخطئة .
عموما لن نستبق الأحداث .. فخير برهان للجميع هي إنتخابات 2009 والتي ينتظرها الجميع بشغف .. وكأن هذه الإنتخابات ستكون نقلة نوعية في تاريخ الإنتخابات في اليمن سواء كانت نيابية أو رئاسية أو حتى إنتخابات مجالس العموم .. هذا في حال عدم تأخر إنتخابات 2009 كما تسربت أقوال بأن فترة أعضاء البرلمان سوف تمدد .. ولكنها تضل شائعة حتى تتضح الأمور.
ومن الغريب جداً أن جميع الأحزاب تتعذر بالوقت أو كما يقال مسألة وقت .. فهذه هي كلمتهم دائماً عندما يُسألون عن الحل .. ولكن أعتقد أنهم يعرفون أننا شعب مستعجل في كل شيء "دماءنا حارة" فالأحرى بهم أن يجدوا مبرر آخر غير الوقت .. فما عاد هذا المبرر يتناسب مع طموحاتنا
ونقول أيضاً أن الثورات في جميع انحاء المعمورة لم تخرج إلا من رحم المعارضة .. إذا فالتغيير هو بيد المعارضة .. ولسنا نطالب بالثورة فقد قامت وإنتهت جميع ثوراتنا ولكننا نطالب بما هو أدنى من ذلك بكثير .. نطالب بالرغيف واللبن .. وتأمين السكن .. والدواء للفقير دونما أي ثمن .. والوطن .. كما يقول شاعر الحرية أحمد مطر .. فهل هذه المطالب صعبة .. لا أعتقد ذلك فمطالب أبناء الدول المجاورة أصعب بكثير من مطالبنا بل إنها مطالب ترفيهية في نظر أبناء الشعب اليمني .
بعض الناس قد ضاقت به الحلول .. وفقد الأمل في الأحزاب المعارضة .. وهذا ما دفعه للتمسك بالحركات الشعبية الجديدة في الساحة علها تشفي غليله فأنخرط في حركات جديدة بدأً من تلك التي تنادي بحقوق الإنسان وإنتهاءً بتلك التي تطالب بالإنفصال .. فهل هذا هو الحل ؟! لا أدري وأعتقد أنك أخي القارئ أيضاً لا تدري .. فمن يدري إذاً ؟؟ قد يجيب على هذا السؤال أمناء الأحزاب المعارضة .
خارج النص 1 : الرئيس علي عبدالله صالح يهجر القات ويبتعد عن أي مقيل وذلك للمحافظة على وقته الثمين .. ونحن إذ نقول لفخامة الرئيس بالفعل كانت خطوة جبارة ولكنها جاءت متأخرة نوعاً ما .. كما أننا نقول إننا لا نعرف ماهو السبب في هذا القرار أهو سبب صحي أم إنه مراجعة للنفس.. ولكنه كان قراراً صائباً .. كما أننا لا نود أن يطبق الرئيس هذا القرار على نفسه فحسب .. بل نريده أن يسعى في محاولة منه لتطبيقه على المجتمع اليمني شيئاً فشيئاً .
خارج النص 2 : بالنسبة لإجتماع مجلس النواب والشورى الذي دعا إليه فخامة الرئيس قبل ذهابه إلى أوروبا لإجراء فحوص طبية .. فقد قرأت بعض الشائعات التي تقول إن الإجتماع تحدد موعده يوم الثلاثاء القادم .. وسوف يتم في هذا الإجتماع عدة قرارات من ضمنها : تحويل مسمى مجلس النواب إلى مجلس أمة مع توسيع صلاحيات أعضاء المجلس مع تمديد فترة أعضاء مجلس النواب .. أيضاً مجلس الشورى سوف يكون بالإنتخاب .. وأخيراً تقليص فترة حكم الرئيس إلى خمس سنوات بدلاً عن سبع .. وقد يكون هناك تعديل في مهام رئيس الوزراء .. ولكن تبقى هذه شائعات نتمنى أن تخدم هذه القرارات الوضع في اليمن .
* كاتب يمني - القاهرة خاص
Bookmarks