من بين المقالات الشنيعة التي انتشرت بين المسلمين القول بأن الله تعالى في كل مكان ( تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً )
وهو ما يُخالف القرآن والسنة وإجماع السلف، فهذه المصادر جميعها أرشدتنا إلى أن الله بذاته فوق سماواته مستو على عرشه بائنٌ ( منفصل ) من خلقه على هذا تضافرت الأدلة من الكتاب والسنة وإجماع السلف
ومن الأدلة على هذا أخذتها من كتاب ( العلو ) للذهبي والأحكام على الأحاديث للألباني في كتابه ( مختصر العلو) :
من القرآن :
قال الله تعالى و من أصدق من الله قيلا ( إن ربكم الله الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش )
وقال تعالى ( إليه يصعد الكلم الطيب )
وقال تعالى ( إني متوفيك ورافعك إلي )
وقال تعالى ( وما قتلوه يقينا بل رفعه الله إليه )
وقال تعالى في الملائكة ( يخافون ربهم من فوقهم )
وقال تعالى ( أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا )
وقال تعالى ( وقال فرعون يا هامان ابن لي صرحا لعلي أبلغ الأسباب أسباب السموات فأطلع إلى إله موسى وإني لأظنه كاذبا ) فلو لم يُخبر موسى عليه الصلاة والسلام فرعون بأن ربه في السماء لما قال فرعون : أريد سبماً لأصعد إليه
و ( في السماء ) بمعنى : ( على السماء ) كقوله تعالى : ( ولأوصلبنكم في جذوع النخل ) أي : على جذوع النخل
ومن السنة :
( صحيح ) حديث معاوية بن الحكم السلمي قال :
كانت لي غنم بين أحد والجوانية فيها جارية لي فاطلعتها ذات يوم فإذا الذئب قد ذهب منها بشاة وأنا رجل من بني آدم فأسفت فصككتها فأتيت النبي فذكرت ذلك له فعظم ذلك علي فقلت : يا رسول الله صلى الله عليه وسلم أفلا أعتقها ؟ قال : ( ادعها ) فدعوتها فقال لها : ( أين الله ) قالت : في السماء قال : ( من أنا ؟ ) قالت : أنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( أعتقها فإنها مؤمنة ) رواه مالك في الموطأ ومسلم في صحيحه وأحمد في مسنده
( صحيح ) حديث جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في خطبته يوم عرفة : ( ألا هل بلغت ) فقالوا : نعم يرفع أصبعه إلى السماء وينكتها إليهم ويقول : ( اللهم اشهد )
( صحيح لغيره ) حديث عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء )
( حسن ) حديث سعد ابن أبي وقاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لسعد بن معاذ : ( لقد حكمت فيهم بحكم الملك من فوق سبع سموات )
( صحيح ) عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لما قضى الله الخلق كتب في كتابه فهو عنده فوق العرش إن رحمتي سبقت غضبي )
( صحيح ) عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أمطرت السماء حسر عن منكبيه حتى يصيبه المطر ويقول : ( إنه حديث عهد بربه )
( صحيح ) عن ابن مسعود الذي يقول فيه : والعرش فوق الماء والله عز وجل فوق العرش ولا يخفى عليه شيء من أعمالكم
( إسناده جيد ) حديث زيد بن أسلم قال : مر ابن عمر براع فقال : هل من جزرة ؟ فقال : ليس هاهنا ربها قال ابن عمر : تقول له أكلها الذئب قال : فرفع رأسه إلى السماء وقال فأين الله فقال ابن عمر أنا والله أحق أن أقول أين الله واشترى الراعي والغنم فأعتقه وأعطاه الغنم
( صحيح ) عن أبي ذر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( يا أبا ذر ما السموات عند الكرسي إلا كحلقة ملقة بأرض فلاة وفضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على الحلقة )
( صحيح ) عائشة أن ابن عباس دخل عليها وهي تموت فقال لها : ( كنت أحب نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يكن يحب إلا طيبا وأنزل الله براءتك من فوق سبع سموات )
و من كلام أئمة السلف :
( حسن ) روى عبد الله بن أحمد بن حنبل في كتاب السنة له عن أبيه عن نوح بن ميمون عن بكير بن معروف عن مقاتل بن حيان في قوله تعالى : ( ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ) قال هو على عرشه وعلمه معهم
( صحيح ) قال إسحاق بن عيسى الطباع قال مالك : كلما جاءنا رجل أجدل من رجل تركنا ما نزل به جبرائيل على محمد صلى الله عليه وسلم لجدله
( صحيح ) وروى عبد الله بن أحمد بن حنبل في الرد على الجهمية حدثني أبي حدثنا شريح بن النعمان عن عبد الله بن نافع قال : قال مالك بن أنس : الله في السماء وعلمه في كل مكان لا يخلو منه شيء
( صحيح ) وروى يحيى بن يحيى التميمي وجعفر بن عبد الله وطائفة قالوا جاء رجل إلى مالك فقال : يا أبا عبد الله ( الرحمن على العرش استوى ) كيف استوى ؟ قال : فما رأيت مالكا وجد من شيء كموجدته من مقالته وعلاه الرحضاء يعني العرق وأطرق القوم فسري عن مالك وقال : الكيف غير معقول والإستواء منه غير مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة وإني أخاف أن تكون ضالا وأمر به فأخرج.
( صحيح ) صح عن علي بن الحسن بن شقيق قال : قلت لعبد الله بن المبارك كيف نعرف ربنا عزوجل قال :
في السماء السابعة على عرشه ولا نقول كما تقول الجهمية : إنه هاهنا في الأرض فقيل هذا لأحمد بن حنبل فقال : هكذا هو عندنا
وفي رواية للمصنف عنه قال :
سألت ابن المبارك : كيف ينبغي لنا أن نعرف ربنا عز وجل ؟ قال : على السماء السابعة على عرشه ولا نقول كما تقول الجهمية : إنه هاهنا في الأرض
( صحيح ) قال عبد الله بن شرويه : سمعت إسحاق بن راهويه أنبأنا بشر بن عمر قال : سمعت غير واحد من المفسرين يقولون ( الرحمن على العرش استوى ) على العرش إرتفع
( صحيح ) قال ابن أبي حاتم حدثنا زكرياء بن داود بن بكر سمعت أبا قدامة السرخسي سمعت أبا معاذ خالد بن سليمان بفرغانة يقول كان جهم على معبر ترمذ وكان فصيح اللسان لم يكن له علم ولا مجالسة لأهل العلم فكلم السمنية فقالوا له صف لنا ربك عزوجل الذي تعبده فدخل البيت لا يخرج منه ثم خرج إليهم بعد أيام فقال هو هذا الهوا مع كل شيء وفي كل شيء ولا يخلو منه شيء فقال أبو معاذ كذب عدو الله بل الله جل جلاله على العرش كما وصف نفسه
( صحيح ) قال محمد بن مخلد العطار حدثنا الرمادي قال سألت نعيم ابن حماد عن قول الله تعالى ( هو معكم ) قال معناه أنه لا يخفى عليه خافية بعلمه ألا ترى قوله ( ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ) الآية
( صحيح ) فقال يوسف بن موسى القطان شيخ أبي بكر الخلال قيل لأبي عبد الله ( أحمد بن حنبل): الله فوق السماء السابعة على عرشه بائن من خلقه وقدرته وعلمه بكل مكان قال نعم هو على عرشه ولا يخلو شيء من علمه
( حسن ) محمد بن أحمد بن النضر ابن بنت معاوية بن عمرو قال كان أبو عبد الله الأعرابي جارنا وكان ليلة أحسن ليل وذكر لنا أن ابن أبي دؤاد سأله أتعرف في اللغة استوى بمعنى إستولى فقال لا أعرفه
( صحيح ) عبد الرحمن بن أبي حاتم قال سألت أبي وأبا زرعة رحمهما الله تعالى عن مذهب أهل السنة في أصول الدين وما أدركا عليه العلماء في جميع الأمصار وما يعتقدان من ذلك فقالا : أدركنا العلماء في جميع الأمصار حجازا وعراقا ومصرا وشاما ويمنا فكان من مذهبهم أن الله تبارك وتعالى على عرشه بائن من خلقه كما وصف نفسه بلا كيف أحاط بكل شيء علما ليس كمثله شيء وهو السميع البصير
( صحيح ) قال أبو سعيد الدينوري مستملي محمد ابن جرير قال قريء على أبي جعفر محمد بن جرير الطبري وأنا أسمع في عقيدته فقال : وحسب إمرئ أن يعلم أن ربه هو الذي على العرش استوى فمن تجاوز ذلك فقد خاب وخسر
( قد صحح ابن تيمية إسناد هذا الأثر في الحموية ) قال الحافظ أبو عبد الله الحاكم سمعت محمد بن صالح بن هاني
يقول سمعت إمام الأئمة أبا بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة يقول : من لم يقر بأن الله على عرشه استوى فوق سبع سمواته بائن من خلقه فهو كافر يستتاب فإن تاب وإلا ضربت عنقه وألقي على مزبلة لئلا يتأذى بريحته أهل القبلة وأهل الذمة
أتمنى أن تعم الفائدة الجميع
Bookmarks