بسم الله الرّحمن الرّحيم
الحمد لله والصّلاة والسّلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه ، ثمّ أمـّا بعد



نعم أخي الحبيب وأختي الفاضلة فلقد رجوتكم أن تدخلوا عسى الله تعالى بفضله وكرمه ومنـّه يمنّ عليّ وعليك وعليكِ وعلينا أجمعين بنعمة قلّ من ينالها في عصرنا الحالي وكثر بفضل الله تعالى من نالها في سلفنا الصالح ،
نعمة ومنـّة لا يعطيها الله تعالى إلاّ لمن أحبّ جلّ في علاه ،
كيف لا وهي نعمة ومنـّة عظيمة وجليلة من أكرمه الله تعالى بها فقد حاز على خير عظيم ،
ولعلـّه يكون من أسعد خلق الله تعالى في دنيانا الفانية وآخرتنا الباقية ،
بل لعلـّه يكون في جوار الحبيب صلـّى الله عليه وسلـّم في الفردوس الأعلى .
أعتقد أنّ الكثير منكم سوف يظنّ أنـّني أقصد مثلا (( الجهاد في سبيل الله تعالى ، أو أقصد حسن الخلق ، أو قيام الليل ، أو الذبّ عن المجاهدين الأطهار))

فمن ظنّ أيّ ظنّ كهذا فلقد صدق فهذه النـّعم من النـّعم العظيمة الجليلة ،(( ولكن كلـّها لا تـُعطى والله أعلم إلاّ لمن منّ الله تعالى عليه بهذه النـّعمة التي سأتحدّث عنها الآن بإذنه تعالى .))

وأقصد نعمة أخرى وهي المفتاح لكلّ هذه النـّعم


(( والله تعالى أعلم وأجلّ))

لن أترككم كثيرا تفكـّرون بها وتخمـّنون بها فأقول لكم ما هي:

(( ولكن بعد أن تتكرموا بالدعاء لي ولكم بأن يمنّ الله علينا بها ))













أين الدعاء فهل دعوتم ؟؟!!



(( ابتسامة لإخواني الأحبـّة))

النـّّعمة هي :







اقرأ قول الله تعالى :












(قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ) (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ) (المؤمنون:2)


نعم أخي الحبيب وأختي الفاضلة الخشوع الذي افتقدناه في عصرنا كثيرا وقد كتب الكتـّاب وأرشد الوعـّاظ كثيرا كثيرا كثيرا ،

بل لعلّ أحدنا قرأ سيرة الحبيب صلـّى الله عليه وسلـّم وسيرة أصحابه والتـّابعين وتابعي تابعيهم إلى يوم الدين ،

وقرأنا كيف كانوا يبكون ، ويتضرّعون ويخشعون بل من التـّابعين من بترت رجله وهو في الصلاة ولم يشعر بها لخشوعه بين يدي ربـّه .

ولن أطيل عليكم اليوم بذكر الوسائل التـّي تعين على الخشوع في الصلاة أو في قراءة القرآن فهي كثيرة جدا جدا وقد كتب فيها الأوّلون والآخرون .



ولكن سأكتفي ب :







هذه القصـّة التي حدثت معي

(( وطبعا قبل أن أشرع بذكرها أخشى أن يتـّهمني أحد بالنـّفاق ولكن لأنـّي مجهول لديكم ولا تعرفونني ولا تعرفون من أنا ، وحتـّى لو قال لي بعضهم مثلا أنا أعرفك وهذا نفاق وووو
أقول له يا غالي من أوصل إلينا خشوع فلان وفلان ،
بل إنـّنا لو تدبـّرنا كثيرا من قصص الصالحين نجدهم أنـّهم يتكلـّمون عن أنفسهم من باب واحد فقط ألا وهو حثّ المسلمين على العمل بعملهم حبـّا للخير لهم وكانوا يسألون الله تعالى قبل إبلاغ النـّاس والمسلمين عن فعلهم أن يخلص المولى أعمالهم لوجهه الكريم ، وهذا ما أساله تعالى أن يخلص عملي لوجهه الكريم وألاّ يحبط أعمالنا بالنـّفاق أو الرّياء أو السّمعة ، ثمّ أسأله تعالى إن فعل أحدكم بفعلي أن يكرمني بأن يعطيني مثل أجرهم فالدّال على الخير كفاعله فمن هذا الباب (( أي الطمع والرجاء بالله تعالى أن يهديكم بي وأن أكسب مثل أجوركم ))
اكتب موضوعي هذا سائلا المولى عزّ وجلّ وحده أن يتقبـّل منـّي .

فأقول بعد هذه المقدّمة الطويلة أخي الحبيب كلـّنا قرأ ويقرأ قول الله تعالى:
(حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ) (المؤمنون:99)
وكثيرا منـّا سمع قصـّة الشاب الذي مضى من عمره ستـّة عشر سنة فقط وكان كثير الصيام والذكر والخشوع والخضوع والذلّ لله تعالى والصلاة والقيام بين يدي الله تعالى حتـّى في سفره ، فتعجـّب منه من كان معه في سفره وقالوا له يا أيـّها الشـّاب من أين حصلتَ على طاعتك هذه وكيف ربـّيتَ نفسك على هذه الطاعات ؟؟!!
فقال لهم دعوني وربـّي ، فقالوا لا والله حتـّى نتعلـّم منك ونفعل مثلك ، فقال لهم تكلـّمتُ مع نفسي فقلتُ لها يا نفسي إذا جاءك ملك الموت لقبض روحك فماذا كنتِ تتمنـّين ، فقالت(( أي قالت نفسه))
كنتُ أتمنـّى أن أعود إلى الدنيا فأكثر من العمل الصالح ** وذلك مصداقا لقوله تعالى (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ) (المؤمنون:99)***
، ثم تكلـّمتُ مع نفسي فقلتُ لها يا نفسي إذا وضعوك في القبر وحيدة فريدة وجاءك الملكان للسؤال فماذا كنتِ تتمنـّين ؟!
فالجواب نفسه ((كنتُ أتمنـّى أن أعود إلى الدنيا فأكثر من العمل الصالح ))
ثمّ تكلـّمتُ مع نفسي فقلتُ لها يا نفسي إذا نفخ في الصور ، وخرجتي من القبور ، إلى يوم البعث والنـّشور فماذا كنتِ تتمنـّين فالجواب نفسه ،
ثمّ تكلـّمتُ مع نفسي فقلتُ لها ، إذا وقفتي بين يدي الله تعالى للحساب وتطايرت الصحف ، وأناس يدخلون الجنـّة وآخرون يقذفون في النـّار فماذا كنتِ تتمنـّين ؟؟!!
أيضا الجواب نفسه .
فقلتُ لها يا نفسي ويحك أنت الآن في الدنيا فاعملي صالحا.

نعم عباد الله تعالى انظروا كيف منّ الله تعالى على هذا الشـّاب بتزكية نفسه بهذه الكلمات .

الشاهد من هذه القصـّة عباد الله تعالى أنّ أخوكم العبد الفقير إلى الله تعالى سمع هذه القصـّة وغيرها فأردتُ أن أزكـّي نفسي وأقتدي بسلفنا الصالح وأحببتُ أن يعمّ هذا الخير لي ولعائلتي ولإخواني وأحبابي ومن يقرأ لي ، فأقول نعم إخواني جربوا تجربتي وبإذنه تعالى وفضله وكرمه ومنـّه سيتمّ لكم المولى عزّ وجل ويحقـّق لكم ما أردتم (( طبعا بعد تحقيق شروط استجابة الدعاء ، وغض البصر وحفظ اللسان عن الطعن والهمز واللمز بالمسلمين عموما وبالمجاهدين خصوصا ، فيستحيل (( والله تعالى أعلم)) أن يخشع قلب أو تبكي عين أو يلهج لسان بذكر الله تعالى وقد اعتادت هذه العين على رؤية الحرام ، وتلك الأذن عن الاستماع إلى الأغاني والموسيقى ، وهذا اللسان عن الطعن والهمز والغيبة وووو ))

فيا عبد الله يا أخي الغالي يا أختي الفاضلة جرّبوا تجربتي أنا أخوكم العبد الفقير وافعلوا فعلي ألا وهو
(( وأساله تعالى القبول وأن يصرف عنـّا أجمعين النـّفاق والرياء))
اخلُ (( من الخلوة)) بنفسك في جوف الليل بعيدا عن أعين النـّاس في غرفتك أو مصلاك لا يراك إلاّ الله تعالى ، واقرأ بتدبـّر وخشوع وصوت تـُسمع به نفسك قول الله تعالى:

(حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ) (المؤمنون:99)

أعد قراءة الآية مرات ومرات تفكـّر بها تخيـّل نفسك أنتّ أنت المعنيّ بها ، تخيـّل نفسك وملك الموت فوق رأسك يعالج روحك فتمرّ بمخيـّلتك سريعا سريعا أفعالا فعلتـَها لا ترضي الله تعالى ، تريد أن تتوب منها ولكن هيهات هيهات فلقد أمهلك الله كثيرا وأعطاك الفرصة تلوى الفرصة والعظة تلوى العظة ، والموعظة تلوى الموعظة، والنـّصيحة تلوى النـّصيحة فلم تتب إلى الله تعالى ، ثمّ تخيـّل نفسك أنت أنت من يقال لك :
أيتها النفس الخبيثة أخرجي إلى سخط من الله وغضب فتفرق في جسده فينتزعها كما ينتزع السفود من الصوف المبلول فيأخذها فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يجعلوها في تلك المسوح وتخرج منها كأنتن
جيفة وجدت على وجه الأرض فيصعدون بها فلا يمرون بها على ملء من الملائكة إلا قالوا ما هذه الريح الخبيثة فيقولون فلان ابن فلان بأقبح أسمائه التي كان يُسمى بها في الدنيا حتى ينتهي بها إلى السماء الدنيا فيستفتح له فلا يفتح له ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم** لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط** فيقول الله عز وجل اكتبوا كتابه في سجين في الأرض السفلى(( جزء من حديث طويل صحيح صحـّحه الألباني رحمه الله تعالى))

اقرأ أخي الغالي هذه الآية التي ذكرتـُها من سورة المؤمنون بصوت مسموع وبتدبـّر وخشوع وتخيـّل نفسك أنت الميـّت ، أنت المحتضر أنت من سينطق لسانك بها (( ربّ ارجعون))

صدّقني أخي الحبيب وصدّقيني أختي الفاضلة سنشعر جميعا حينها بخشوع وذلّ وافتقار إلى رحمة الله تعالى .
نعم أخي الحبيب إن جعلتَ نصب عينيك أنـّك لا تريد أن تنطق بهذه الكلمات(( ربّ ارجعون))

لو تصوّرتَ نفسك أنت أنت سيـُنادى باسمك للوقوف بين يدي الله تعالى والعرض عليه وتذكـّر قوله تعالى :

(وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً) (الكهف:49)

تخيـّل نفسك أنت أنت من ستقول:

(أنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ) (الزمر:56)

حينها أخي الحبيب ستمنع لسانك(( طبعا بفضل الله تعالى ومنـّه ))
من الطعن ،
وعينيك من النـّظر إلى الحرام ،

وأذنيك من الاستماع إلى الموسيقى والأغاني ،

ويدك من أن تخطّ كلمة تسيء فيها إلى المجاهدين الأطهار والعلماء الأخيار .

أخي الحبيب أختي الفاضلة نحن جميعا ما الذي يمنعنا أن نكون كذاك الشـّاب الذي ذكرتـُه آنفا ؟؟!!

أخي الحبيب الغالي تذكـّر حينما تهمّ بمعصية الله تعالى أنـّك تطمع أن ترى الله تعالى في الفردوس الأعلى فعندما ترى امرأة تمشي في الشارع فغضّ بصرك وقل يا ربّاه أعني على غضّ بصري حتـّّى تكرمني برؤيتك يا أرحم الراحمين .
فإن فعلتَ فبإذنه تعالى لن تعصي الله تعالى إلاّ الـلمم .

أختم بهذه العبارة التي كثيرا ما قرأتموها منـّي اجعلها نصب عينيك فبإذنه تعالى أيضا لا تعصي الله تعالى إلاّ اللمم
((احرص على ألاّ تعمل عملا ما وأنت تخشى أن تلقى الله تعالى وأنت تعمله أي تعمل هذا العمل ، فهل تحبّ مثلا أن تموت وأنت تطعن بالمجاهدين أو تنظر إلى راقصة ، أو تستمع إلى الأغاني أو أو أو ؟؟!!
الجواب طبعا لا إذن لا تعمله فلعلـّك تموت وأنت تقترفه ))

جرّبوا اليوم عباد الله قفوا وقت السـّحر واعملوا بنصيحتي وقولوا لي غدا ألم تجدوا بإذنه تعالى هذه الثمرة وهذه النـّعمة (( البكاء من خشية الله تعالى ))

أسأله تعالى أن يجعلنا جميعا من أهل هذا الحديث النـّبوي الشريف :
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عينان لا تمسهما النار عين بكت من خشية الله وعين باتت تحرس في سبيل الله(( صحيح التـّرغيب والتـّرهيب))

فهلمّ أخي الغالي وأختي الكريمة لنكون من أهل هذا الحديث .
اللهمّ بفضلك وكرمك ومنـّك وجودك اجعلني وإخواني وأحبابي أجمعين ممـّن ترقّ قلوبهم لذكرك وتخشع لقراءة كتابك ، وتتدبـّر آياتك ،
اللهمّ ارزقنا أعينا باكية وقلوبا خاشعة وألسنة ذاكرة .
اللهمّ برحمتك التي وسعت كلّ شيء اجمعنا جميعا مع حبيبك صلـى الله عليه وسلـّم في الفردوس الأعلى وأكرمنا برؤية وجهك الكريم يا رحمن يا رحيم .

وصلّ اللهمّ وسلـّم وبارك على محمّد وعلى آله وصحبه أجمعين