سؤال يتصدر لائحة التفكير قبل أن نكتب عن قضية ما* يعيدنا إلى مسؤولية الكلمة ودورها عندما تكون نابعة من الصدق والموضوعية*
وعندما تختزل أصواتا لا تستطيع الوصول إلى ما تريد* وأفواها أدمنت لغة الصمت الذي قرأ فيه بعض الناس ذهبا* وقرؤوا فيه تعبيرا أكثر بلاغة من الكلام في زمن صار فيه الكلام ضرورة* والحديث بصوت مسموع حاجة للتفريغ عن مكنونات القلوب* حيث تصبح الكلمة عملاقا يتحدى أشكال الضعف والفساد* وضرورة عندما يكون ما ينطق به اللسان أحد من نصل السيف ومبضع الجراح* ولو كان (أضعف الإيمان).
فعندما تكبل الأيدي* وترتجف القلوب* أو تعجز العيون عن التعبير* لابد للسان أن ينطق بالحق ولو كان الثمن كبيرا .
فأمام المشاهدات اليومية* وتكرار مواطن الوجع في الكثير من مفاصل الوطن *لابد للسان من أن ينصح وينبه ويوجه.. ويقوّم فثمة آذان كثيرة تستمع* وثمة أصوات تنطلق من هنا وهناك فتحاصر الخلل* وتعطي القوة لمن يتردد في إطلاق كلمة الحق* وتدعم قرار من بيده تصويب الأمور* فليس صحيحا ان يصمت الجميع في زمن الضجيج* شريطة أن نعرف متى يكون للكلام وقع صحيح* ومتى يكون لما نقوله مكانته التي يستحق. وإن انتفى ذلك نلجأ إلى بديل مؤقت هو الصمت الذي ينذر بقدوم الرعد حتى تكتمل الصورة* ونترك فسحة للأمل حتى يضيف إليها الألوان المطلوبة* ويكسوها لحما ودما .
فبين الصمت والأمل في هذه الحالة توافق رائع* والأروع منه أن نتكلم.. أن نطلق صرخاتنا في وجه من ينطلق كالصاروخ فوق أحلامنا وأجسادنا الضعيفة* وأمانينا التي قاربت حدود الحلم..
لن استغرق أكثر في الحديث عن هذه المسألة* فهناك من الحالات ما يدفعنا إلى طرح السؤال التالي:
ما قيمة الصمت عندما نسكت عن شخص يستفيد من صمتنا ويفسره ضعفا* ويفهمه نتيجة لقوته الظالمة ولقدراته الخارقة التي توقف كل صوت غير صوته?
ما قيمة الصمت إذ سكتنا عن وسؤول يحبط مشروعاتنا التي نقرأ فيها مطلبا ملحا لمستقبل الناس وارتباطهم بوطنهم* فقط لأنه أراد ذلك ولتذهب آراء الآخرين إلى المجهول?.
ما قيمة الصمت عندما نسكت عن مرتكب فاسد* أقنعه غروره بصواب ما يفعل* ويؤمن بقدراته الخارقة على تطويع القوانين لمصلحته وإدراكه أنه بعيد عن المحاسبة* خاصة وأن بطانة مدربة تفسر له ما يفعل بأنه حق وشطارة وذكاء في التعامل مع متطلبات العصر الجديد?.
ما قيمة الصمت في زمن بات فيه المجال متاحا لكل صوت صادق *والدعوة إلى المشاركة في البناء صادقة واضحة وضوح الشمس..?!
لماذا الصمت أمام ممارسات تحبط الكفاءات* وتقرب الضعفاء على حساب الآخرين* وتزين للناس أفعالها بأنها دعوات للمنافسة الشريفة* والغرض منها إرضاء شخص ما ..?
أمام ما ذكرنا تكثر الأمثلة *فلتكن دعوتنا إلى قول الحق في زمانه ومكانه* ولتتحد أصواتنا قلبا واحدا* فعندما تتسع دائرة الكلام لابد للآذان أن تستمع وإن كره بعضها ذلك .
منقول ...
Bookmarks