لقد حرص الإسلام على تقوية الروابط الزوجية ومنع كل ما من شأنه أن يوغر الصدور ويولد النفور ويثير الفتن والشرور بين الزوجين ومن أجل ذلك أباح للمرأة أن تحدث زوجها بمعسول الكلام ، وتخبره بحبها له وان كانت فيما تقول كاذبة ولذلك لتزيد من تعلقه بها وحبه لها مما له الأثر الكبير في ترابط الأسرة وتماسك بنيانها ، وقد قالت أم كلثوم رضي الله عنها : " ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرخص في شئ من الكذب إلا في ثلاث حالات :
الرجل يقول القول يريد به الإصلاح ، الرجل يقول القول في الحرب ، الرجل يحدث امرأته و المرأة تحدث زوجها" رواه مسلم فـهـذه الــثلاث الحــــالات ورد فــيها صريح الاسـتـثـناء فــي الكذب المحرم .
وللغزالي كلام نفيس في معنى الحديث حيث يقول : ( الكلام وسيلة إلى المقاصد فكل مقصد محمود يمكن التواصل إليه بالصدق والكذب جميعا فالكذب فيه حرام ، وإن أمكن التواصل إليه بالكذب دون الصدق فالكذب فيه مباح إن كان تحصيل ذلك القصد مباحا ، وواجب إن كان المقصود واجبا ، كما أن عصمة دم المسلم واجبة فإذا كان في الصدق سفك دم امرئ مسلم قـد اختفى من ظالم فالكذب فيه واجب ، إلا أنه ينبغي أن يحترز من الكذب ما أمكن ، لأنه إذا فتح باب الكذب على نفسه ، فيخشي أن يتداعى إلى ما يستغنى عنه والى مالا يقتصر على حد الضرورة فيكون الكذب حراما في الأصل إلا لضرورة ) .
وقد يؤدي الصدق في الحياة الزوجية أحيانا إلى تفكيك الأسرة وتشتيت شملها ، لذا جاءت الحكمة الربانية لتمنح العباد هذه الرخصة ولكي ندرك عظم هذه الحكمة في هذه الرخصة أسوق إليك هذا الموقف لامرأة أخطأت يوم أن صدقت !!!!
فقد روي أن رجلا في عهد عمر بن الخطاب قال لزوجته :
أنشدك بالله هل تبغضيني ؟!
فقالت امرأته : لا تناشدني ...
قال: بلى ..
فقالت : نعم إني أبغضك !!
فانطلق الرجل حتى أتى عمر رضي الله عنه فشكا له زوجته فأرسل عمر إليها فجاءت ، فقال لها أنت الذي يحدثني زوجك أنك أبغضتيه ؟
فقالت : يا أمير المؤمنين أنشدني بالله فتحرجت أن أكذب ..
أفأ كذب يا أمير المؤمنين ؟
قال : نعم ، فاكذبي فان كانت إحداكن لا تحب أحدنا فلا تحدثه بذلك ، فان أقل البيوت الذي يبني على الحب ، ولكن الناس يتعاشرون بالإسلام والإحسان "
ومما ينبغي الإشارة إليه انه مع وجود الرخصة في الكذب في هذه المواطن التي ذكرها الرسول صلى الله عليه وسلم إلا أن العلماء حذروا من الكذب فيها خشية أن تفضي بصاحبها إلى الكذب المحرم ، وهو يظن انه مباح...
ومما ينبغي أن أنبه إليه وأحذر منه ما تـفعله بعض النساء حيث تحكي أحداهن أمورا كاذبة عن زوجها لتفتخر بها أمام النساء أو لأجل مراغمة الضرات أو لغيرها من الحظوظ الشخصية الدنيئة وهذا محرم ، قالت أسماء رضي الله عنها : " سمعت امرأة سألت
رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : إن لي ضرة واني أتكثر من زوجي بما لم يفعل أضارها بذلك ، فهل عليّ شئ فيه ؟!
فقال صلى الله عليه وسلم : " المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور " متفق عليه .
أيها الأحبة :
كتابتي للموضوع ليس معناها أني أحث على الكذب لا بل احذر من الكذب فإنه من أخلاق المنافقين وطريق ينتهي بالفجور والفجور يقود إلى النار كما أخبر بذلك النبي عليه الصلاة والسلام .
Bookmarks