Originally Posted by
امين ابوحيدر
قال عمر بن براقة ؛ وحينما صارت لي بقصر شهريار وحديقته علاقة ؛ خطرت لي فكرة خلاقة؛
فانتقيت من الزهور أشدها أناقة ؛ ثم أخرجت من خاتمي رقاقة وثبتها في زهرة من زهور الباقة ؛
وقدمت باقة الزهور للوصيفة نور المكلفة بترتيب مخدع ست البدور لتضعها في مزهرية وتنتقي لها وضعية ملائمة للديكور ؛ ورجعت الى الحديقة ؛ أعد الساعات بالدقيقة ؛ وأرصد الأصيل وبريقه ؛ وشمسه تحل ضفائرها المذهبات ؛ وعلى مزلجة الشفق تمتطي الموجات؛ إلى ماشطة الحوريات في لجات البحار والمحيطات؛والسماء تفرش المخمل الأسود؛ وتنقش عليه هيكل الزبرجد والعسجد ؛احتفاء ببدر شعبان؛
الذي توسطها بحسبان؛ وفي تمام الميقات ؛ الرابعة بعد الألف بالتوقيت السليماني لأرض مقوات ؛ الثالثة بعد الألف بالتوقيت البنفسجي لسيميريا الشرنقات ؛ دخل الملك شهريار الى المقصورة ففتحت جهاز الأستقبال الذي بحجم البلورة ووجهته في غرفتي الى سبورة ؛ والتقطتهما بالصوت والصورة ؛ والسنيورة شهرزاد؛ بقدها المياد؛ تجتاز الباب والحاجب ؛ كأنها شهاب ثاقب ؛يشق شعاعه صفوف نسيج من المسك المتراكب يتموج ويسيل من المناكب على الترائب ؛ وينسدل على المتن والأرداف في إثرها زينة وحاجب ؛ جيداء بضة كالجمان؛ يغار منها الذهب والفضة والكهرمان ؛عيناها شهلاوتان؛ كأنهما عقيقتان بالشهد مضمختان؛ أو غابتان مدهامتان ؛ حاجباها
نونان معكوسان؛ أوشعرتان رفيعتان من جناح الطائر الطنان؛فمها ياقوتةحمراء شقه الذي خلقه كالفستقة وصف فيه اللجين النضيد فبدا كعقد فريد؛ أنفها أخنس أسيل ؛ كالعرندس له صليل ؛هيفاء القوام ‘ من راءها ؛قال سبحان من بث الروح في الرخام ؛ وكساه بالأرجوان المخلع الأكمام ؛ وجعله فتنة للأنام؛
قال عمر بن براقة الهمداني :
وكدت أنسى من شدة هيماني وافتتاني بحسنها وجمالها ؛ أن أعر آذاني مصغيا لمقالها ؛ففاتني من الحكاية اسهلالها؛ وسؤاله عن صحتها وحالها ؛ فانتبهت وهي تقول لشهريار؛ولما تهدمت الدار؛وملك زمام الديار؛ صنيعة الاستعمار؛من عملائه الأشرار؛وفقدت الأهل والجوار وانتشر الهرج في أرض السواد كالشرار؛
وألفيت أهلي وعشيرتي قد قطعوا أعشار؛وأصبحوا من الشهداء الأبرار؛فضاقت علي الدنيا كعروة زرار؛وأظلم في عيوني النهار؛عندئذ قررت الأسفار؛فتنقلت بين الأقطار؛وتجرعت الحنظل والصبار؛ وواجهت الموت مرارا ؛ومن نكد الدنيا أن لا أجد لي إستقرارا ؛إلا عند من لم يذروا من أهلي وقومي ديارا ؛ وبعد عرين الأسود دار؛ أحراش الأبقار؛ فتذكرت قول المتنبي:
ومن نكد الدنيا على المرء أن يرى
عدوا له ما من صداقته بد
فأنكأ البيت قلبي فزدت عليه من شعري:
ويصحو عليها لا يرى غير ظله
كأن لم يكن من فوقها السيد الفرد
وأن يتقى رحما وجارا وصاحبا
لينقض سيفا والقيود له غمد
وتسلمه الدنيا الدنيئة للعدى
أبيا شجاعا بعدما انصرف الجند
ومن نكد الدنيا ولؤم طباعها
علا شعبنا من بعده اليتم والقحط
ومن لؤمها من بعده أن يرى بها
غريب تولى أمرها وهو اللد
وأنكأ من تقسيمها وخرابها
تمنعها للحر ؛يأخذها عبد
وإبدالها عمرانها بخرابها
وإجلاءها آسادها؛ يحكم القرد
ومن نكد الدنيا الدنيئة أنني
صرخت على قومي الهزال وما جدوا
وقلت بنو عمي أخي وأخوكم
وإن ضامني أو جار كفوه أو ردوا
وظل بنو عمي قلوبا مع أخي
سيوفا مع الأعداء آذانهم سدوا
قضوا رفع ظلمي من أخي بإباحتي
لظلم غريب جائر ماله عهد
ورفع أولي القربى لظلمك بالخطا
بأيد غريبات هو الأظلم العمد
فآليت لا أبقى بأرض يهينني
ذليل ورعديد ويحكمني وغد
ومن نكد ا لدنيا لجوئي لجيرتي
فكان قرى القربى وجيراني الطرد
لأحظى لدى الأغراب بالأمن والحمى
فمن صلة الأرحام كم نابني صد
قال عمر بن براقة الهمداني ؛ فلما أفرغت على شهريار
من جميل المعاني ؛ وأفضت اليه شهرزاد من بعض ما تعاني ؛أطرق إلى الأرض؛وأدمى بنانه من شدة العض ؛
والتفت إليها يزفر الآهات ؛ويطلق الأنات ؛وقد خنقته النبرات ؛ وكادت من عينه تسقط العبرات ؛
ويقول في حسرة ؛ صدقت أيتها الحرة ؛ ما كل معاناتك المرة ؛ وخراب البلاد من الأنبار الى البصرة ؛الا بسبب قممنا المعرة؛ وعبارات الشجب والتنديد المستمرة ؛ وإنك لتملكين قلبا وإرادة ؛ عزت على كثير من الزعماء والسادة ؛وإني من ليلتي ؛أعتبرك مستشارتي وأميرتي ؛ وقضيتك قضيتي؛ فقد ملكتي قلبي بمناقبك ؛ ونورتي دربي بثواقبك ؛ وسحرت لبي بعجائبك ؛ وإنك لصاحبتي وأنا صاحبك ؛ لن أفرط فيك ؛ولم يتم العبارة وصاح الديك
وأدرك شهريار الصباح فسكتت عن الكلام المباح
لا أريد أن أعكر صفو الخلوة الشرعية ..في شهرزادك يا شهريار
أيا الهمداني .........زدني من حكايا العشق ..وأنين الحرائر ..وجرح الوطن الغائر
زدني وأعطني مما أعطاك الله سيدي....بلقيس وصولجانها وعرشها العظيم ..في الإنتظار
أيها التاج المرصع بالزبرجد والزمرد والياقوت ولؤلؤ المحاجر النازفة أيها الهمداني*********
Bookmarks