7 وسائل للثبات عند الفتن
إعداد خالد عبدالرحمن الشنو
الحمد لله موفق الطائعين، وأزكى التحيات وأتم التسليمات على إمام المرسلين،وعلى آله الطاهرين وصحابته الميامين، وبعد
في هذه الأيام العصيبة.. نعيش ذلك الزمن الذي أنبأنا عنه الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم بأنه زمن الهَرْج والمَرْج، زمن اختلاط الحق بالباطل.. حتى يَحَارَالحليمُ في مثل هذه الأجواء.. ولا يعلمَ القاتلُ لِمَ قَتَل ولا المقتولُ فِيمَقُتِل.. إنه زمن السنوات الخدّاعة.. إنه زمن الفتن..
عند الفتن يحار المرء.. ويتمنّى من شدّة الأمر عليه أن يكون من بين الموتى في القبور.. ويتساءل كثيرٌ: ماذا نفعل عند وقوع الفتن؟ كيف الثبات عندحدوثها؟
إليكم أيها الإخوة والأخوات
7 وسائل للثبات عند الفتن.. وبشكل مختصر:
1. تقوى الله تعالى.
فإن النصر والمآل للتقوى والمتقين، فإن الله تعالى قرّر ذلك وأكده فقال: ( والعاقبة للتقوى )، والله تعالى ذكر أن التقوى سببٌ رئيس في كشف الكروب وانفراج المغاليق: ( ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب ).
ويسأل أحدهم: وما هي التقوى أصلاً؟ كيف أتقي الله تعالى؟. في كلمات معدودة فلنستمع إلى عبدالله بن مسعود رضي الله عنه وهو يعرّف التقوى في ثلاث نقاط محدّدة: التقوى أن يُطاع فلا يُعصَى، وأن يُذكر فلا يُنسَى ، وأن يُشكرفلا يُكفَر ).
ويكفي أن الله تعالى جعل بركات السماء والأرض ناشئة عن تقواه كما جاء في سورة الأعراف: ( ولو أنّ أهل القرى آمنوا واتقوْا لفتحنا عليهم بركاتٍ من السماء والأرض ).
2. التوبة والرجوع إلى الله وردّ المظالم إلى أهلها.
في سنة 654 هـ وقعتْ زلازل وبراكين هائلة ومدوّية وحدثتْ خسوفات وكسوفات بالشمس والقمر استمر أياماً وليالي زادت على الشهرين، قد بلغتْ بها القلوبُ الحناجرَ.. وخرج الناسُ باكين خائفين مضطربين.. أراك تفكّر الآن أين وقع ذلك؟ هل في أندونيسيا أو في الصين أو في اليابان أو ... لا تذهب بعيداً.. فقد كان ذلك في أرض مباركة طيبة مقدسة.. إنها المدينة النبوية المنورة.. نعم وقع فيها ذلك وتكلم المؤرخون عن هذا الحادث ومنهم أبوشامة المقدسي رحمه الله.. والشاهد أنه ذكر ما فعله الناس ووالي المدينة إثْر ذلك.. من ردّ المظالم إلى أهلها.. وكسر آلات الغناء.. والتوبة والأوبة إلى الله.. ولزومهم المسجد النبوي متضرعين داعين باكين بأطفالهم ونسائهم فضْلاً عن رجالهم.. إلى أن كشف الله عنهم الغمة..
فالبِدار البِدار إلى التوبة.. فبابها مفتوح.. ووقتهامفسوح.
3. الإكثار من العبادة كنوافل الصلاة والصيام والصدقة والعمرةوالحج.
أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن فضل العبادة في زمن الفتن فقال كما فيصحيح مسلم: (العبادة في الهرج كهجرة إليّ ).
فالعبادة بأنواعها في أجواء الفتن تعدل في ثوابها أجر الهجرة إلى النبي صلى الله عليه وسلم..
فلنكثر من قيام الليل.. وصيام الاثنين والخميس وأيام البيض.. والصدق والوقف.. وصلة الرحم.. وأنواع التقرب الأخرى.
ففي الحديث الذي في صحيح البخاري: ( هل تُنصرون وترزقون إلاّ بضعفائكم؟ ). ففيه حثّ على الإحسان إلى الفقراء والضعفاء وأنه سببٌ للرزق واستجلاب النصر.
وفي الحديث القدسي الذي في مستدرك الحاكم بسند صحيح: ( ياابن آدم تفرّغ لعبادتي أمْلأ قلبك غنًى، وأملأ يديك رزقاً. يا ابن آدم لا تباعدني فأمْلأ قلبك فقراً، وأملأ يديك شُغْلاً ).
4. لزوم الجماعة ووحدة الصف.
فالنصر وضعف المكانة والشأن أبعدُ ما يكون من المتفرقِين والمتنازعِين: ( ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم )، و( إنما يأكل الذئب من الغنم القاصية ) .
وقد أمر الله تعالى بلزوم الجماعة فقال: ( واعتصموا بحبل الله جميعاً ولاتفرقوا )
بل معية الله تعالى مقرونة بالجماعة التي على الحق، ففيالحديث الصحيح: ( يد الله مع الجماعة ).
ففي الفتن يلزم المسلمَأن يضع يدَهُ بيدِ جماعة المسلمين ولو كان عندهم شيء من التقصير والخلل – مع المناصحة والإصلاح -، فكدَرُ الجماعة ولا صَفْوالفرد.
5. كثرة الاستغفار.
ويكفينا في ذلك الحديث الحسن الذي في مسند أحمد : ( من أكثَرَ الاستغفار،جعل الله له من كلّ همٍّ فرجاً، ومن كل ضيقٍ مخرجاً، ورزقه من حيث لا يحتسب ).
وقد يسألُ أحدُهم: كيف أستغفر؟. فالجواب: أقلّها أن تقول: أستغفر الله .. أستغفر الله.. وتكررها مرات ومرات بقلب واعٍ وحاضر.
6. الدعاء بالثبات، والعافية، والتعوّذ من الفتن.
فقد كان نبينا صلى الله عليه وسلم يكثر من دعاء: ( يا مقلب القلوب ثبّت قلبي على دينك ).
ومن جوامع الدعاء في مثل هذه الأحوال العصيبة: ( اللهم إنيأسألك العفو والعافية في ديني ودنياي..).
وكان الحبيب صلى اللهعليه وسلم يكثر من التعوذ من الفتن بقوله: ( اللهم إني أعوذ بك من الفتن ما ظهرمنها وما بطن ). ويختم صلاته قبل السلام بالتعوذ من فتنة المحيا والممات في الدعاءالمشهور.
7. التثبت عند نقل الأنباء، والبعد عن الأراجيف والشائعات.
فالحرب أوّلها الكلام، وأعتى أنواع الحرب النفسية نشر الشائعات عبر وكالة أنباء (يقولون)، فالحذر الحذر من جنود الكذب: زعم وقيل ورُوِيَ ونُقِل لي وسمعتُ نقلاً عن فلان عن فلان...
فالشائعات والأراجيف تكسر الإنسان من الداخل وتصنع الإنسان الجبان الخائف الرعديد.. فتقعده عن العمل والإنتاج والتقدّم.. بل وتُسقط الدول المتجبرة المتسلطة في أيام معدودات!! .
ينبغي الحذر وعدم التسرّع عند نقل أيّ خبر إلا بعد التأكد من المصادر الموثوقة وسؤال أهل الصدق والخبرة: ( إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ) هذا هو المنهج القرآني في التعامل مع الأخبار.
Bookmarks