الحمد لله والصلاة والسلام على حبيبنا وشفيعنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد ،،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
استمع إلى الشيخ علي الجفري هو يفسر آية ( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ) (البقرة : 186 )
رابط الحفظ
هذا هو النص كتوبا ، قال :
(( أقريب ربنا فنناجيه أم بعيد فنناديه .. وإذا سألك .. سألوا مَنْ ؟ بعضهم يأتي بهذه الآية يقول : هذا دليل على أننا لا نحتاج إلى واسطة .. كيف كيف ؟؟!! الله غير محتاج إلى واسطة .. لكن لابد من واسطة بلاغ الرسالة بواسطة .. فهم الدين بواسطة .. حفظ القرآن بواسطة .. كيف لا ؟؟!! وإذا سألك .. إذا هنا أداة شرط كما يقول أهل اللغة .. أهل النحو .. وفعل الشرط لا يتحقق إلا إذا تحقق جواب الشرط .. وفعل الشرط هنا " إذا سألك " ولا يتحقق جواب الشرط " فإني قريب " إلا إذا تحقق فعل الشرط " إذا سألك " بمعنى إذا لم يسألوك .. إذا لم يتبعوك .. إذا لم يأتوا من بابك .. إذا لم يرتبطوا بنهجك فلا قريب لهم ولا اتصال بحضرته ))
فسر الشيخ علي الجفري في هذا المقدم هذه الآية : ( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ) (البقرة : 186 ) ، وهذا التفسير على الطريقة الصوفية التي دائما يحاولون فصل العبد عن ربه وتعلق بما هو دونه ، وكما هو واضح من تفسيره لهذه الآية فهو يعلم السالك على عدم إخلاص الدعاء لله وحده ، بل يريد من المسلم إذا أراد أن يسأل الله ، أن يسأل الرسول صلى الله عليه وسلم حتى يستجيب الله له !!
فهذا هو تفسير الشيخ علي الجفري الصوفي ، وننقل تفسير أهل العلم من المفسرين :
1. قال الطبري في تفسيره : ( القول في تأويل قوله تعالى ( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون ) يعني تعالى ذكره بذلك وإذا سألك يا محمد عبادي عني أين أنا فإني قريب منهم أسمع دعاءهم وأجيب دعوة الداعي منهم . ص 158/2 .
فهذا شيخ المفسرين الطبري الذي لا يستغنى عن كتابه لم يفهم هذا الفهم الذي يفهمه الصوفية .
2. قال ابن كثير في تفسير الآية : ( إذا أمرتهم ان يدعوني فدعوني استجبت ) ، [ التفسير ص 219/1 ].
وهذا ابن كثير أيضا لم يفهم هذا الفهم الذي يفهمه الصوفية ، واكتفي بهذين القولين حتى لا يطول المقام وهذه لمحة من أقول المفسرين للمقارنة فقط .
3. وقال الشيخ محمد علوي المالكي – هو من أقطاب الصوفية المعاصرين – في هذه الآية : (( أن التوسل ليس أمرا لازما ضروريا وليست الإجابة متوفقة عليه بل الأصل دعاء الله تعالى مطلقا ، كما قال تعالى : ( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب ) . وكما قال تعالى : ( قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيًّا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى ) [ مفاهيم يجب أن تصحح ص 59 ] .
ولا شك ولا ريب أنه دعوة الشيخ علي الجفري في هذه الآية هي صرف المريدين من دعاء الله تعالى إلى دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم بحجة الواسطة ، ومن المعلوم أن من صرف عبادة لله عز وجل قد وقع بالشرك ، فما بالك بالذي يدعو الناس لصرفهم عن هذه العبادة ، وأي بالعبادة هي الدعاء ، فعن النعمان بن بشير رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله " وقال ربكم ادعوني أستجب لكم " قال : (( الدعاء هو العبادة )) ، وقرأ ، وقال ربكم ادعوني أستجب لكم ... إلى قوله داخرين " [ أخرجه الترمذي ح 2969 ، واللفظ له ، وابن ماجه 3828 ، وأبو داود ح 1479 ، والنسائي في السنن الكبرى ح 11464 ، وابن حبان في الصحيح ح 890 ص 172/3 ]
والآن نسأل الشيخ علي الجفري من شايعه ما الذي تريدونه من هذا ؟؟
هل تريدون الناس يعبدون الرسول صلى الله عليه وسلم ويتركوا عبادة الله وحدة لا شريك له ؟؟
وخاصة أن الشيخ ذكر ما ذكر في المحاضرة الأولى ضمن ( دورة تثبيت قواعد السير إلى الله ) ، فهل الحث على دعاء غير الله عز وجل من قواعد السير إلى الله ؟؟؟
بل من قواعد البعد عن الله عز وجل ألم تقرأ قوله عز وجل : ( وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ) (غافر : 60 )
ثم أن الشيخ علي الجفري هداني الله وإياه إلى ما يحبه ويرضاه استعمل القياس في اثبات ما ذهب إليه من فهم هذه الآية حيث يقول : (( واسطة بلاغ الرسالة بواسطة .. فهم الدين بواسطة .. حفظ القرآن بواسطة )) وهذا مخالفة لما عليه الصوفية حيث أنهم يتلقون عن الله مباشرة من غير واسطة وهاك بعض النماذج من أقوالهم :
1. قال شيخهم الأكبر ابن عربي : (( حدثني قلبي عن ربي )) [كتاب تأويل الشطح للشعراني ص 142 ].
2. وقال عبد الوهاب الشعراني : (( وقد رأيت رسالة أرسلها محيي الدين بن عربي رضي الله عنه للشيخ فخر الدين الرازي صاحب التفسير ، يبين له فيها نقص درجته في العلم . وهذا والشيخ فخر الدين الرازي مذكور في العلماء الذين انتهت إليهم الرياسة في الاطلاع على العلوم من جملتها : اعلم يا أخي وفقنا الله وإياك أن الرجل لا يكمل عندنا في مقام العلم ، حتى يكون علمه عن الله عز وجل بلا واسطة من نقل ، أو شيخ .
وقال أيضاً ( ابن عربي ) : وكان الشيخ الكامل أبو يزيد البسطامي رضي الله عنه يقول لعماء عصره : أخذتم علمكم من علماء الرسوم ميتاً عن ميت ، وأخذنا علمنا عن الحي الذي لا يموت )) [ الطبقات الكبرى ص 11 ] . وهذه العبارة عبارة أبي يزيد مذكورة ايضا في كتاب [ المواهب السرمدية في مناقب السادة النقشبندية ص 45 ] .
3. وقال أبو يزيد البسطامي : (( ليس العالم من يحفظ من كتاب فإذا نسي ما حفظ صار جاهلاً بل من أخذ العلم من ربه أي وقت شاء فلا حفظ ولا درس ، وهذا هو العلم الرباني )) [المواهب السرمدية في مناقب السادة النقشبندية ص 45 ].
4. قال محمد أمين الكردي النقشبندي : (( قال سيدنا الشيخ الأكبر : فعلماء الرسوم يأخذون خلفاً عن سلف إلى يوم القيامة فيبعد النسب والأولياء يأخذون عن الله ألقاه في صدورهم من لدنه رحمة منه وعناية سبقت لهم عند ربهم )) [المواهب السرمدية في مناقب السادة النقشبندية ص 45 ].
وأكتفي بهذه النقول دون ذكر أولياء الصوفية الذي تلقوا عن الله تعالى دون واسطة لأن المقام سوف يطول .
فأدعو الشيخ علي الجفري من شايعه من الصوفية أن يرجعوا عن هذا الغلو بالرسول صلى الله عليه وسلم فهو رسولنا وحبيبنا وشفيعنا وسيدنا لا نختلف في ذلك ، ولكن لا ندعوه من دون الله عز وجل وكيف ندعو غير وهو القائل عز وجل : ( وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً ) (الجن : 18 ) ، فالله أمرنا أن ندعوه وحده .
فأرجو من الشيخ علي الجفري وأشياعه أن يتأملوا هذه الآيات والواضحات ، وأن يعيد الجفري النظر فيما ذهب إليه من تفسير هذه الآية والمعنى الذي يريد إصاله للمريدين هو عبادة الرسول صلى الله عليه وسلم بصرف الدعاء إليه من دون الله عز وجل .
إياك إياك والغلو بالدين فقد أخرج ابن ماجه عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة العقبة وهو على ناقته : (( القط لي حصى فلقطت له سبع حصيات هن حصى الخذف )) ، فجعل ينفضهن في كفه ويقول : ( أمثال هؤلاء فارموا )) ، ثم قال : (( يا أيها الناس إياكم والغلو في الدين فإنه أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين )) . فلا تصل بك مسألة التوسل التي هي مسألة خلافية هذا المبلغ حتى تدعو الناس لدعاء غير الله عز وجل ، ومن هنا يتبين خطر التوسل حيث هو أول خطوة في دعاء غير الله عز وجل ، لو قلنا بمنعه لمجرد سد باب الذرائع لكفى ، وهذا الموضوع أكبر دليل على ما نقول . والله ولي التوفيق .
اللم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه ، وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه
اللهم آمين آمين آمين
Bookmarks