الذي يذهب إلى الاماكن العامه يخرج بأشياء وانطباعات كثيرة، سأتحدث عن الانطباع الذي رسخ في ذهني وتبلور بعد عدة زيارات وهو اختفاء البسمة والتجهم الذي يكسو وجوه الناس ولا أعرف له سببا حقيقيا فنحن نؤمن بان الارزاق موزعه بين البشر حسب حكمه المولى عز وجل وفضله .
والحقيقة لقد قرأت مؤخراً بحثا نشرته مواقع الإنترنت منقولا عن مجلة فورشن يقول إن الشعب الأمريكي يستهلك يوميا ما يقرب من 15 طنا من الاسبرين بسبب التوتر الذي يسبب الصداع والآلام المختلفة وهذا أعطاني مدلولا ان سر اختفاء البسمة والضحكة المفقودة لا يعود إلى الظرف الاقتصادي أو الاجتماعي فقط، فأمريكا من أغنى دول العالم ولكن ماذا فعلوا هناك لعلنا نستفيد.
يقول الخبر: قررت 500 شركة من كبرى الشركات الأمريكية مثل اي بي ام فورد، كوداك، جنرال إليكتريك ولوكهيد أن تتبنى برنامجا يهدف إلى بث المرح والضحك داخل أماكن العمل، وفي أوقات الراحة والإجازات لرفع الروح المعنوية للموظفين والعاملين في هذه الشركات لضمان حسن أدائهم مما ينعكس على زيادة الإنتاج.
وذلك لأن العلماء أكدوا ان الضحك من أهم العوامل التي تساعد على تقوية الجهاز المناعي لمواجهة الانفعالات والتوتر والتلوث وغيرها من العوامل التي تؤثر بالسلب عليه وفي السنوات الأخيرة حاولت كثير من الدراسات التوصل إلى العلاقة بين الجهاز العصبي المركزي وجهاز المناعة وهي العلاقة التي توصل إليها أجدادنا منذ قديم الزمن حيث ربطوا بين التوتر والانفعال والعصبية والاكتئاب وبين المرض الجسماني وضعف المناعة الذي يظهر في شكل أعراض مرضية حين ربطوا بين الفكر الدائم والمرض ولكنهم بالطبع لم يصلوا إلى معرفة كيف يتحول هذا الفكر إلى اعراض مرضية تؤثر على كل أعضاء الجسم.
وهو ما توصل إليه العلماء من خلال أحدث الأبحاث العلمية حيث وجدوا اتصالا مباشرا بين المخ والجهاز العصبي المركزي وجهاز المناعة فكل ما يؤثر بالسلب على الجهاز العصبي المركزي والحالة النفسية للإنسان يؤثر أيضا بالسلب على جهاز المناعة ويسبب الأنواع المختلفة من الأمراض بدءاً من تكرار حدوث العدوى بالانفلونزا وحتى الإصابة بالأورام السرطانية وعدم الشفاء منها.
وهنا يؤكد استشاري الطب النفسي أننا جميعا نردد المقولة الشهيرة التي تقول «العقل السليم في الجسم السليم» ولكن يجب أيضا إضافة شطر آخر يقول: والجسم السليم من عقل سليم وهناك الكثير من المؤثرات التي تواجهنا كل يوم في حياتنا اليومية التي تسبب توترنا، مما يؤثر بالسلب على جهاز المناعة مثل التوتر في العمل، والزحام والضوضاء، وضيق ذات اليد والانشغال بالمستقبل والخلافات الزوجية والشعور بالوحدة وجحود الأبناء، كل هذه المؤثرات لا يستطيع الإنسان أن يمنع حدوثها إلا أنه ينبغي أن يتعلم كيف يواجهها ويتعامل معها بأقل قدر من الأضرار من خلال ما يسمى في العلم بالتكيف.
والذي يسمى في الدين بالرضا والإيمان، فليس بكاف ان تكظم غيظك ويظل دمك محروقا، وهناك الوصفة السحرية المتكاملة في الآية الشريفة «والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين»، أما المصائب والابتلاءات المختلفة التي يمكن أن تصيب الإنسان فقد سبق الإشارة والتنبيه إليها من قبل المولى عز وجل في قوله: «ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون».
وإلى جانب الإيمان الذي يعد خط الدفاع الأول للحفاظ على الجهاز العصبي والمناعي، وبالتالي على صحة وسلامة العقل والجسد هناك كثير من الوسائل التي طرحتها الأبحاث للتعامل مع مثل هذه الانفعالات.
ومن هذه الوسائل الضحك الذي يعتبر تطعيما ضد الانفعالات وتأثيرها السلبي على جهاز المناعة وعلى الجسم بصفة عامة حتى إن هناك الآن نوعا من العلاج يسمى العلاج بالمرح بعد أن أثبتت أحدث الأبحاث العلمية ان الضحك والمرح يقللان من إفراز هرمونات الكورتيزول والادريتالين وغيرها من هرمونات الانفعالات الهدامة التي لها تأثير سلبي على جهاز المناعة وان الضحك ينشط نوعا من الخلايا في جهاز المناعة تسمى الخلايا القاتلة الطبيعية وهي المسؤولة عن التصدي للفيروسات والخلايا السرطانية والقضاء عليها في مهدها.
إذن لنضحك ونبتهج من أجل أن نعيش أكثر صحة وعافية وسلامتكم.
Bookmarks