لا تحل المشكلات بالهروب منها، أو تأجيل معالجتها، لأنها تكبر وتتضخم، وتكثر عُقدها، وبمرور الزمن ربما يصعب حلها، وإذا جاء الحل فيكون بأثمان باهظة.
بلادنا اليوم تواجه مشكلات كثيرة تتفاقم من يوم لآخر، ولا زال التعامل معها إما بإنكار وجودها، أو التهوين من شأنها، أو تحميل قوى المعارضة الفاعلة مسؤوليتها، ولاشك أن الحزب الحاكم هو من يتحمل المسؤولية الأساسية لأنه صار يمتلك كل السلطات، ويسعى للسيطرة على كل مناشط الحياة بما في ذلك مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الخيرية، وأعمال التجارة والصناعة والعقارات والأراضي والوظيفة العامة وفرص التعليم والتدريب..
البرنامج الانتخابي للمؤتمر الشعبي العام لم يحقق شيئاً يستحق الذكر، ابتداء بالكهرباء ثم المياه، مروراً بانتهاك الحقوق والحريات وانتهاءً بالمستوى المعيشي للمواطن وزيادة الغلاء واتساع دائرة الفقر مما جعل السلطة تعلن إنها سترفع عدد المشمولين بالضمان الاجتماعي إلى عشرة ملايين حالة، مع أنها لن تفعل قياساً بوعود كثيرة لم تفِ بها، أما مشروعات التنمية رغم قلة نسبتها في الموازنات العامة إلا أن مردودها محدود، ويلتهم الفساد جزءاً كبيراً من مخصصاتها، وظهر الثراء الفاحش عند بعض المتنفذين الذين ينكرون معاناة المواطن لأنهم يعيشون في بحبوحة لم يصل إليها الملوك والأمراء اليمنيون السابقون عبر التاريخ.
صار الفساد قانوناً بدون تقنين، ونظاماً بدون تنظيم، وسلوكاً عاماً غير مستغرب ولا مُجرم، بل هو دليل على الذكاء والشطارة وحسن التصرف.
لم نسمع اعتذاراً عن الفشل الذريع الذي أصاب كل مناحي الحياة ولا اعترانا بالبيئة الناقمة التي بدأت تعبر عن نفسها بمظاهر مختلفة كالإعتصامات والمسيرات، ومما يخيف أننا لا نلمس أي جدية للتعامل الإيجابي على المشكلة، ولا السعي الصادق لحلها؛ لأن السلطة تتجه فقط لتحميل اللقاء المشترك المسؤولية حتى أخطاء المسئولين وسرقات المتجاوزين، وسوء الإدارة، وعدم ثقة المستثمرين، ذلك وغيره مما تصنعه السياسات الخاطئة يريدون رميها على غيرهم، وهيهات أن يصدقهم البسطاء والعامة فضلاً عن المثقفين والنخبة، ولا يمكن أن يقابل المكر بحسن النية!!
لا تزال وسائل الإعلام الرسمية تشن هجومها على المشترك، وفي المقدمة الإصلاح والاشتراكي ابتداء بعبارات التكفير والاتهام بالعمالة، وانتهاء بتهم الإرهاب والانفصال، وهي تهم تضر باليمن، وتسيء إلى أبنائه، وهل كانت تهمة الإخوة محمد المؤيد ومحمد زايد وعبدالسلام الحيلة إلا ما كتبته تلك الصحف من تهم كاذبة وتخرصات باطلة؟! وأما الحديث عن جناح الإخوان المسلمين الذين يزعمون، فقد انتهى زمن الشمولية، وعرف الناس جميعاً من هم الإخوان، الذين استطاعوا ردم الفجوة التي صنعتها المكايدات، وتناسوا ما حل بهم من ظلم وأقاموا علاقات مع كافة القوى السياسية على قاعدة (نتعاون فيما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه) لا مناص ولا مفر من اعتراف السلطة بالواقع، والإيمان بالتعايش مع الآخرين والبدء بمعالجة المشكلات وليس الهروب منها، هذا إن كانوا يريدون الخروج من النفق المظلم الذي أدخلوا شعبهم فيه.
Bookmarks