حقيقة أم خيال
اصطدمت قدمي بشيء قاسٍ في ميدان التحرير بينما كنت أمشي بخطي سريعة متقاربة لكي أستطيع اللحاق بوالدي الذي سبقني ببضع خطوات إلى الحافلة .. نظرت إلى تحت وإذا بي أرى امرأة كبيرة بالعمر تناهز السبعينات تقريباً ملقية في الشارع دون حراك !!
أخذت الأسئلة تتراود في ذهني بحيرة بالغة
من هذه ؟!... هل هي نائمة .. أم ميته !!؟ راودني هذا الخاطر حتى أقشعر جلدي منه ، لم تستطع قدماي أن تخطي خطوة واحدة ...
وقفت بذهول أراقبها .. أمكنني سماع تلك التنفسات الضئيلة المتباعدة إلى تصدرها بتقطع ، فتنفست الصعداء حمد لله أنها حية !
ترددت كثيراً عندما قررت التحدث معها .. حتى أعرف ما الذي حمله القدر لامرأة كهذه .
ملأني شجون جامح وفضول قوي غلبت عليه العاطفة والاشفاق وما أن طردت كل الهواجس المتجولة في عقلي .. حتى اقتربت منها بحذر ... ورائحة كريهة تزداد كلما أقربت رأسي إليها كأن جيفة حيوان ألقيت هناك أملكني رؤية ملامح وجهها الدالة على الرضى .. رغم ذلك الوهن والمرض الواضحتين فيه ، وددت في ذلك الوقت لو أنني احتضنتها ...
قبلتها .. عاطفة جياشة جذبتني إليها .. أحرجت بعض النقود ووضعتها في يدها المثلجة التي تحركت بتلقائية عندما لامست يدي .. أرغمتني
دعاء أبي لي .. على النهاب .. ومع ذلك لم أحول ناظري عنها من نافذة الحافلة حتى تلاشت تماماً من بعيد .
ظلت مشغولة البال ولم يغمض لي جفن طوال تلك الليلة الطويلة عزمت في اليوم التالي العودة إليها ...
جذبني شيئاً لا أعرف ما اسمه إلى ذلك فجأة وجدت نفسي في ميدان التحرير ، في ذلك المكان الذي وجدتها فيه .
استطعت أن أميز تلك الرائحة الكريمة .. تلفت يميناً ويساراً فلم أجد أحداً !! سوى جثماني نائماً في تلك البقعة !!! ...
Lamees
Bookmarks