الصدمات الحضارية / بقلمي
في أوقات كثير لا يدرك المرء الإختلاف الحضاري من مكان إلى اخر حتى من دول تحمل نفس الدين في بعض الأوقات و ربما تتشابه في بعض العادات و التقاليد و لكن نجد التصادم الحضاري موجود.
فتخيل معي حين تنتقل من عالم إلى عالم أخر يختلف 180 درجة عما تعودت عليه و لا يوجد اي وجه تشابه بينكم.
حين خطت قدماي سلالم الطائرة معلنة وصولي لأول مرة في حياتي إلى الولايات المتحدة الأمريكية.. فكرت اني تركت ورائي عائلتي و أصدقائي و تركت وظيفتي و تركت حياتي تسألت و انا اسير في الخرطوم المتصل من الطائرة الى المطار جالت في خاطري عشرات الأسئلة.. تزاحمت تركض تتسأل.. ما الذي ينتظرني؟ ما اذا انتظر؟ اكان قراري سليماً؟
و ابتدأت رحلة الصدمات الحضارية من هناك من المطار... في الإنتظار للجوازات.. كل الناس تنتظر بصبر ان يأتي دورها لتقدم اوراقها ... لم ارى شخص يتخطى اي شخص ليصل الى نافذة الجوازات قبلا،ً رغم الاعداد الهائلة من الناس في الإنتظار.. تذكرت اني لو كنت في بلدي لرأيت عشرات الناس في محاولة مستميتة ليتخطوا الناس المنتظرة او احدهم ينادي شخصاً من معارفه في المطار ليسرع في عملية الجوازات و يتقدم به قبل الباقيين امام اعينهم و هم ينظرون ساخطين متمنين ان يكون لديهم ايضا بعضا من "فيتامين واو" المعروف في بلادنا.
برغم ان هذه الصدمة الحضارية كانت اكثر من رائعة فقد تمنيت ان تنظم الأمور هكذا في بلادنا الا انني فوجئت بصدمة حضارية و لم تعجبني كثيراً.. فهم اناس يبقون على المسافات بين الأخرين، كعرب تعودنا حين نقابل الناس لأول مرة كضيوف في منزلهم مثلا او في بلاده فإن وابل من قبلات الترحيب و الأحضان الرجال للرجال و النساء للنساء و كلمات الترحيب الحارة و كرم الضيافة إلا اني لاحظت انهم يفتقرون الى هذا هنا، فالترحيب لديهم بكلمة "تشرفنا" تقال ببرود مصاحبة بمصافحة يد و غالباً لا يتصافحون، تسألت في نفسي اهو خوف من حاملي المرض؟ ام هو وساس ان يصلهم جراثيم من الأشخاص؟ ام هي عادة فقط؟
هنا الناس تعيش بأسلوب Individualism بمعنى "يالا نفسي" كل شخص يعيش حياته بطريقته و بفترضون انه كل واحد غيرهم في العالم حياته مثلهم. عندما اخبرهم اني في سن الخمسة و العشرين و مازلت اسكن مع عائلتي يصدم البعض ! عموما حين و صلت كان المطلوب مني ان اقوم باموري كلها وحدي، ان اهتم بالبحث عن منزل للسكن ان اهتم بسمألة الفواتير و غيرها، كله هذا كان جديد علي لأني و ببساطة لم اعهد ان اقوم بمثل هذه الأمور في بلدي، فهناك دوماً من يقوم بها من الشباب. و هنا الصعوبات اصبحت كبيرة بالنسبة لي و كنت دائمة الإتصال بالمشرفة عني لكي استفسر، فلم يقدم احد المساعدة من تلقاء نفسه برغم معرفتهم بأني جديدة هنا و اني لست على دراية بكيفية سير نظام هذه البلد.
كل انظمتهم اختلفت، هنا اذا احببت ان استخدم المواصلات العامة فأنها عذاب، في اليمن تعودت ان اقف على اي رصيف فأجد الباصات تتهافت لتأخدني لوجهتي لا بل تصل بي احيانا الى ان لا اصعد كون الباص قديم او مقاعده متسخة اي اني اختار بنفسي اي باص استخدم، هنا لأصعد الباص وجب ان اقف حيث وجدت اشارة تبين انه موقف باص، لان الباص لايقف بأي مكان، و ليس هذا فقط الدفع مقدما، و الفرق بين كل باص واخر ساعة و نصف كاملة فإذا لم اصل بموعد باص الساعة الخامسة مثلا وجب علي الإنتظار حتى 6:30 للباص التالي! لم أدري اين احسن في بلدي حيث المواصلات متوفرة و نظام الباصات فوضوي؟ ام هنا حيث المواصلات عملة صعبة و لكنها منظمة؟
انا سعيدة اني اتعلم اشياء جديدة و اني اسعد اني استطيع في بعض الأحيان ان ارى ان هناك الكثير من المحاسن في بلدي و التي لم اكن اراها، كما هناك الكثير من السيئات التي وجب علينا التوقف عنها و البدء من جديد.
تحياتي لكم
Bookmarks