مرحبا من جديد أحبتي...
و أخيراً عدت إلى بيتي و أخواني الذي اشتقت لهم كثيراً جداً جداً جداً... و أتمنى – رغم شكي بذلك - أنهم يبادلوني ذات المشاعر..
في الحقيقة أنني قد تغيبت عن الملتقى و ذلك بسبب زيارة طويلة لقريتي قضيت فيها حوالي شهرين تتخللها أيام قليلة كنت أزور فيها مدينتي إب لساعات قليلة و أعود إلى القرية من جديد..
و اليوم سأحكي لكم موقفين من المواقف الطريفة التي حصلت خلال تلك الفترة في قريتي سأبتدئها بحكاية (العرس المشئوم) كما أحببت أن أطلق عليه ذاك اليوم.. و ستعرفون سبب التسمية بعد قراءة السطور التالية... ;)
العرس المشئوم
دعاني أحد أصدقائي لحضور حفل زواج أحد أقربائه, فحاولت جاهداً أن يتركني و شأني, فلست ممن يهوون الحفلات و التجمعات على أي شكل من الأشكال, لكنه أصر على حضوري معتقداً – الأحمق- أنه سيخلصني من عزلتي التي رسمتها على حياتي.. فذهبت و أمري لله, و في الديوان بدأت ألعب لعبة مسلية حيث بدأ العريس برمي (ربطة) قات لي و هو يقول: "خزن يا رجال خزن" فحاولت أن أبتسم له بتودد و أنا أعيد له الربطة معتذراً له بأنني لا أخزن, لم تمضي سوى خمس دقائق حتى رمى لي آخر بربطة أخرى, و رحت أقنعه هو الآخر بأنني لا أخزن فما أن أقتنع حتى رمى لي آخر بربطة أخرى... قررت بعدها في نفسي أنني لن أحظر أي اجتماع قات بعد هذا إلا و على جبهتي لوحة صغيرة" أنا لا أخزن" .. بعد أن أقتنع الجميع إنني لا أخزن تركوني و شأني, و لكم كنت سعيد بهذه الخطوة الجريئة منهم.. ظللت فترة لا بأس بها حتى سمعت أذان العصر, فهممت للخروج للصلاة لكنني لم أجد (الصندل) الجلد حقي.. بحثت هنا و هناك لكنه فص ملح و ذاب " لا حول و لا قوة إلا بالله" هكذا قلتها لنفسي و أنا مقهووووووووور .. أصلاً عادنا اشتريته قبل ثلاثة أسابيع .. ناديت صديقي الحمار الذي دعاني للعرس و قلت له يدبر لي أي صندل علشان أروح أصلي.. فأعطاني صندل بلاستيك المهم توضأت و رحت المسجد, و بعد الصلاة اكتشفت اختفاء الصندل البلاستيك... بإمكانكم تخيل مشاعري حينها فعدت للعرس حافي و حالتي زي الزفت, المشكلة أنني لم أسلم من الشوك الذي يغطي الطريق, "آي.. آي" رحت أصرخ متأوه و أنا أقفز مثل الكنغر متفادياً الشوك أمام نظرات مذهولة لمجموعة من العجائز اللواتي قطعن ثرثرتهن لمشاهدة فتى المدينة المعتوه .. و أخيراً وصلت لبيت العرس, لكنني لم أدخل الديوان بل بحثت عن صديقي الذي لا أعرف أحد غيره في ذلك البيت, فما أن وجدته حتى طلبت منه أن يدبر لي صندل لأعود به إلى منزلي.. فنظر إليّ مستغرباً و هو يقول: " و الصندل البلاستيك وين رجع؟" ... " لم يحب عشرتي فسافر...!" قلتها ببرود و أنا ألاحظ ملامحه المتعجبة مستمتعاً.. فتركني لربع ساعة تقريباً و عاد و هو يحمل (شبشب), و هكذا عدت من ذلك العرس المشئوم بالنسبة لي فقط طبعاً و أنا أحمل أفكار سوداء حول حفلات الأعراس بشكل عام... و عندما وصلت للبيت توجهت إلى غرفتي لأستريح و اقرأ قصة, ما أن اندمجت بقراءة القصة حتى أهتز جوالي معلناً وجود مكالمة..
- الو..
- السلام عليكم..
- و عليكم السلام, كيف حالك يا محمد..
- الحمد لله.. أسمعني يا رامي ضروري أشوفك مثل اليوم..
- خير إن شاء الله.. ليش؟
- أصلاً معك دعوة عندي لعرس بن خالتي اللي جاء من السعودية و ضروري تكون موجود..
-. .................................................. .......
- الو رامي.. أنت معي..
- .................................................. ........
حاذق و لكن....
(القرية)...
إنها تلك الكلمة العذبة التي بدأت – للأسف- بالتلاشي أمام خشونة و قسوة كلمة (المدينة)..
لن يذوق لذة القرية إلا من يقدر أن يتذوق لذة الهدوء و الجو الصافي و الطبيعة الخلابة البكر التي لم تصل إليها الغازات و العوادم التي أصبحت من سمات المدينة..
إلا أن القرية – للأسف كذلك – لم تسلم من جشع التجار.. فجميع أسعار السلع في القرية أغلى من نظيراتها في المدينة و السبب الذي يدعيه التجار لتعليل جشعهم هو نفقات الانتقال إلى المدينة لشراء البضائع... على العموم هذا ليس محور قصتنا لهذا اليوم التي حدثت لي في القرية حيث ذهبت ذات يوم لشراء بيض, على أساس أن السعر 15 ريال فقط لا غير بعد الجرعة المباركة طبعاً
- السلام عليكم يا عم أحمد..
- و عليكم السلام و رحمة الله.. أي خدمات يا أبني ..
- لو تسمح يا عم أشتي ست حبات بيض...
- من عيني..
و ذهب لإحضار البيض...
- أتفضل يا أبني.. أي خدمات ثانية..
- تسلم يا عم..
و نقدته 90 ريال يمني, متوقعاً – و يالي من أبله- أن هذا هو سعر البيض و رحلت دون ما كلمة أخرى, إلا أنه استوقفني و قد تغيرت كلمة (أبني) إلى (جني)..
- كم أديك يا جني؟؟..
- معاك 90 ريال يا عم..
- مانش عمك الله يعميك.. هات الباقي اصطبحوا وجهك..
- أيش من باقي..
- باقي قيمة البيض..
- ليش بكم البيض؟
- بـ 120 ريال..
- مش معقول.. ليش نزلت جرعة ثانية..
- لا جرعة ثانية و لا ثالثة.. ذلحين و بغير فلسفة هات الباقي..
جبت له الباقي و أنا مستسلم للأمر الواقع, و عندما وصلت للبيت اكتشفت أن قشور البيض بها شروخ خفيفة لم أستطيع أن أركز عليها و أنا في الدكان و كان لابد لي أن أعيدها و أستبدلها لسببين: الأول لأن أنا دافع 20 ريال قيمة البيضة الواحدة.. و الثاني لأنني أنوي سلق البيض و تلك الشروخ قد تسبب بإنكسار البيضة في الماء المغلي أثناء السلق و السبب الثالث و الأخير هو أن عرق الحذاقة طلع برأسي و لم أستسغ فكرة دفع مبلغ زائد على بيض مشروخ.. و هكذا تجدونني أعود إلى الدكان أطالب باستبدال البيض, و بعد معاينة شديدة و متفحصة مني بحثت عن ست حبات بيض خالية من الشروخ و استبدلتها بما لدي... و هكذا عدت إلى البيت و أنا راضي عن نفسي, و أثناء غمرة سعادتي لم ألمح تلك الحفرة التي لم أدري لماذا حُفرت أصلاً فوقعت فيها, و......... أنكسر البيض كله (شفتم آخرة الحذاقة)... صدق من قال (الحاذق يخرج من السوق عطل ) ....
و في الأخير أرجو أن تتقبلوا خالص تحيتي و أشواقي...
مع الود الأكيد
القصة التالية: في بيتنا...جني!.
Bookmarks