استأثر الإعلامي البارز تيسير علوني باهتمام كبير إعلاميا وسياسيا وحقوقيا، واعتبر الكثيرون ان عملية توقيفه وتقديمه لمحاكمة في أسبانيا التي يعيش فيها ويحمل جنسيتها محاكمة للإعلام العربي القوي الذي بدأ يشق طريقه وينافس الإعلامي الغربي.
فحتى الآن لم يعرف بعد حقيقة الاتهامات الموجهة إلى علوني، ولا قانونية توقيفه في المرة الأولى والإفراج عنه بكفالة، ثم إعادة القبض عليه انتظارا لمحاكمته أمام محكمة استثنائية..؟!!
ولعل هذا هو الذي جعل المنظمات الحقوقية عربيا وعالميا تتضامن معه، وتطالب بالافراج عن، أو على الأقل تقديمه إلى محاكمة عادلة!!
والبعض يرى ان " علوني" اتخذ كبش فداء لحملة تخويف ضد الفضائيات العربية خاصة " الجزيرة" التي تثير ردود فعل واسعة النطاق، بل وصداعا في رأس الإدارة الأمريكية.
فتيسير علوني إعلامي معروف، ولم يقدم أي دليل مادي حتى الآن لإدانته، وكل جريمته انه قام بتغطية أحداث أفغانستان ودخول القوات الأمريكية وسقوط نظام طالبان، وحاول ان يقوم بتغطية مباشرة من الجانب الآخر، وينفرد بذلك، ولكن الاتهام الأكبر له انه أجرى حوارا مع زعيم القاعدة اسامة بن لادن، وكانت له " علاقة" مع نظام طالبان، وهو الأمر الذي ينفيه كليا، ويؤكد أنه قام بدوره كإعلامي محترف ونقل بأمانة وصدق ما شاهده وما توصل إليه من معلومات!!
ولكن تداعيات قضية تيسير علوني بدأت تأخد منحنيات خطرة، وتخرج من كونها قضية خاصة بـ " علوني" كشخص إلى الجالية العربية والإسلامية في أسبانيا، وتوجه الاتهامات " جماعية" لها، الأمر الآخر: وهي قضية الإعلام العربي الذي كان دائما موضع اتهام من قبل الإعلام الغربي بأنه إعلام ضعيف و " رسمي" و" تابع"، فعندما يبدأ هذا الإعلام يأخذ زمام المبادرة ويطرح نفسه بقوة، يواجه بضغوط دولية هائلة، ولعل الانتقادات التي توجه إلى " الجزيرة" من قبل الإدارة الأمريكية خير دليل على ذلك..!!
فهل محاكمة " علوني" هي محاكمة للإعلام العربي وحملة تخويف قوية ضده أم " المتصلة" التي تنصب لقطع رقبة " الجزيرة" وجعلها عبرة لمن لا يعتبر او يحاول الخروج عن الهيمنة الإعلامية الغربية..!!
لعل من يتابع حملة الدفاع عن علوني يجد ان قناة" الجزيرة" اعتبرتها قضيتها وتتدافع عنه بكل قوة ، وهذا حقها بل هي قضية الإعلام العربي كله، واستطاعت ان تحشد لها المنظمات الحقوقية العربية والعالمية.
فقد كشفت الحملة العربية والعالمية للدفاع عن علوني كشفت عن الظلم الواقع عليه ووجوه العدالة الأسبانية الزائفة ودعت اللجنة العربية لحقوق الإنسان إلى إطلاق سراحه معتبرة التوقيف عملا يخالف كل القوانين الخاصة بحرية الصحافة.
وقالت اللجنة في رسالة مفتوحة إلى رئيسة المفوضية السامية لحقوق الإنسان في جنيف لويز اريور إن توقيف علوني مضاد لشرف المهنة وإعلان حماية المدافعين عن حقوق الإنسان والمواد الخاصة بحرية الصحافة والعمل الصحفي.
واعتبرت الرسالة التي حملت تواقيع عشرات من الباحثين والصحفيين والمفكرين ناشطي حقوق الإنسان في الوطن العربي، وأوروبا والولايات المتحدة ان توقيف تيسير جاء بناء على تخمينات هزيلة ومعلومات أمنية متضاربة.
وقالت الرسالة ان ما أسمته " قاضي الإرهاب" في أسبانيا بالتسار غارثون بدل أن يسمح لتيسير علوني بإجراء عملية القسطرة في المشفى ارتأي إدخاله السجن.
وطالبت الرسالة اللجنة السامية لحقوق الإنسان بالتدخل من أجل إفراج فوري عن تيسير الذي اعتبروا أنه يدفع ثمن ما أسموه " إرهاب الحرب على الإرهاب" وعولمة حالة الطوارئ".
وفي إطار الدفاع عن تيسير علوني تم تشكيل اللجنة الدولية بمبادرة من عشر منظمات للدفاع عن حقوق الإنسان وحرية التعبير، ومن مهمات اللجنة التعريف بملف وقضية علوني عبر الصحافة والمؤسسات المعنية سواء كانت حكومية أو غير حكومية، وكشف ملابسات اعتقاله واعادة اعتقاله الآن، وستنظر فيما يسمى أدلة القضاء الأسباني في أسبانيا.
وتقوم اللجنة بدعم من هيئة المحامين المكلفة بالدفاع عن علوني، كما يجرى التحرك عبر مؤسسات أممية لحقوق الإنسان كالمفوضية السامية إضافة للهيئات العاملة على حرية الصحافة. وستجري كذلك تحركا مع الحكومة والقضاء الأسباني للنظر في القضية، وتشارك فيها عشرات منظمات أبرزها العدالة العالمية في لاهاي، واللجنة العربية لحقوق الإنسان، والمرصد الفرنسي لحقوق الإنسان في باريس وغيرها.
وتتشكل اللجنة من أكثر من عشرات الشخصيات العربية والعالمية وتضم 23 محاميا و9 أطباء و8 أساتذة جامعيين وعشرين صحفيا، ومن أبرز الشخصيات الدكتور هيثم مناع المكلف بحملة الدفاع عن علوني باللجنة العربية لحقوق الإنسان، ورئيس المكتب الدولي للجمعيات الإنسانية المحامي الأمريكي ويندل بيليو، ورئيس جمعية حقوق الإنسان بسوريا المحامي هيثم المالح، وعدد آخر من المدافعين عن حرية التعبير.
وفي هذه الاثناء كشف لويز غالان المحامي المكلف بالدفاع عن علوني أن المعتقل الظروف السيئة والصعبة التي ترافق أعتقاله في أسبانيا.
وقال غالان عقب زيارته إن علوني يواجه ظروفا صحية سيئة ويعاني من البرد داخل زنزانته التي تفتقر للتدفئة، مضيفا أن سلطات السجن منعت إدخال الكتب والمصحف إلى زنزانته، واعتبرت زوجة علوني اعتقاله موقفا شخصيا من قاضي مكافحة ما يسمى الإرهاب بالتسار غارثون
Bookmarks