جمال سلطان : بتاريخ 22 - 9 - 2008
ملخص المشهد العبثي الذي يروج له "حكماء زمانهم" الآن بدعـــــوى وحدة
الأمة ، أنه عندما يضربك الإيرانيون على خدك الأيمن فأدر لهم خدك الأيسر
لكي يكملوا مهمتهم بهدوء ، وإياك أن تحـــتج أو تصرخ أو تطلب وقف
الاعتداء ، لأنك بذلك ستكون مهددا لوحدة الأمة وتضعف معسكر المـقاومة
والممانعة ، وليس الوقـــت وقت شكوى أو التوقف عند هذه "الأمور الصغيرة"
، وكذلك إذا سب الإيرانــيون دينك بأن يسبوا علانية أصحاب النبي وخلفائه
الراشدين ويصفوا أبا بكر وعــــــــمر رضوان الله عليهما بأنهما صنما قريش
، فعليك أن تلوذ بالصمت وكأنــــــك لم تسمع ولم تـقرأ ، ولا تحتج ولا ترفع
صوتك بالشكوى لأنك إن احتججت أو شـــكوت فأنت تشق صف الأمـــــــة
وتعين الأمريكان والصهاينة على الشقيقة إيران ، وعندما يتآمر الإيرانيون
على بلدك أو على بلد عربي مسلم مثل العراق ويقدمون الدعم والعون
المباشر لاحتلاله ويتباهون بذلك ويمتنون به علــــــى الأمريكان فلا تبدي
دهشــــتك ولاتعترض ولا تحتج ، وعليك أن تبتلع الشكوى ، لأنك إن
كشــفت عن ذلك فأنت تشق وحدة الأمة وتضعف من معسكر الممانعة
والمقاومة ، وعلى ذكر معـــــسكر المـــقاومة ، هل سمع منكم أحد أي
كلام لأصحاب الصوت العالي في حديثهم عن المقاومة اللبنانية والفلسطينية
، هل سمع منكم أحد كلاما لأحدهم ولو عرضا عن المقاومة العراقية ، تلك
المـقاومة الجـــسورة التي دوخت الأمريكان أربع سنوات وأوشكت على
إلحاق الهزيمة النــــــــكراء بجيــــش الإمبراطورية عام 2006 باعتراف
قائد الجيش الأمريكي ، هل سمع منكم أحد أي حديث عن تلك المقاومة في
كلام أصحاب الوحدة الشيعية السنية ، لقد أسقطوا المقاومة العراقية من
القاموس ومن الذكر ، رغم أنها تقاوم الأمريكان أنفســــهم ، ورغم أنها
تدافع عن أرض العروبة والإسلام في العراق ضد قوى الاحتلال والهيمنة
، ولكن لأنها مقاومة لا تدخل في نطـــــاق اللوبي الإيراني المهــيمن على
مساحات واسعة من الإعلام "النضالي" العربــــي ، ولن نقول اخترقته ،
لأن المقاومة العراقية ليست ضمن النطاق الإيراني فلا ينبغي أن يعترف
بها ولا أن تذكر ، ولا يجوز أن تسمى مقاومة أصــلا ، بل إن زعيم تنظيم
حزب الله اللبناني وجد من نفسه الجرأة على وصف المقاومة العراقــــية
ضد الأمريكان بأنها مجموعات إرهابية ، وأنها جماعات تكفيرية ، ومشكلته
معها فقط أنها مقاومــة سنية ، لأن شيعة العراق ـ مع الأسف ـ كانوا أسفلت
الطريق للدبابات الأمريكية في طريقها لاحــتلال بغداد ، وهم حلفاء الاحـتلال
من أول يوم ، وبالعودة إلى دعوة "حكماء زمانهم" في حديثهم عـــن
الوحدة ، فعندما يشتم الشـيخ يوسف القرضاوي ، أحد أهم وأبرز رموز أهل
الســــــــنة في العالم اليوم ، والعالم الجليل ، ويمــسح الإيرانيون بكرامته
الأرض ، ويصفوه بكل صفاقة بأنه ماســوني وعميل صهيوني وعدو للنبي
محمد وأهل بيته ، فإن ألسنة دعاة الوحدة خرست ولم تنطق بكلمة ، لم يجرؤ
أحد منهم على أن يقول للإيرانيين "عيب" ـ فقط كلمة عيب ـ كلهم خرسوا ،
إلا الغنوشـي الذي جهر بغضبه وشكواه ، رغم صداقته لمراجع شيعية عديدة
، وورب الكعبة لو أن هذه الشتائــم والبذاءات وجهها مصدر سني إلى التسخيري
أو فضل الله أو حسن نصر الله لانتفخت أوداج كـثيرة في القاهرة وبيروت ولندن
وغيرها من أصحاب دعاوى الوحدة والتقريب غضبا لكرامتهم ، ودفاعا عن
عرضهم ، واتهاما لمطلق البذاءات بأنه جهول وكذوب وسافل كما وصفه الغنوشي
، ولسمعت أصواتا كثيرة من دعاة الوحدة الزور تعطيك الدروس في الأخلاق
وحسن الحوار والجدل بالتــي هي أحسن والبعد عن السباب والانحطاط ، أما وأن
الذي شتم هو عالم سني ، فليخرس الجميـــــع ،وإن اعترضت فأنت تشق صفوف
الأمة وتعين الأمريكان والصهاينة على معسكر الممانعة والمقاومة ، وعلى كل
حال لن يكون عرض القرضاوي وكرامته أعز من عرض أبي بكر وعمر وأم
المؤمنين عائشة الذي استباحوه جميعا ، الإيرانيون بالشتائم الصريحة ودعاة
التقريب بالصمت المخزي والتواطؤ على الجرائم باسم وحدة الأمة ، وكم من
الجرائم والخيانات ترتكب باسم وحدة الأمة
Bookmarks