قبل أن أحيل السؤال إليكم .. ادعوكم إلى قضاء يوم واحد فقط دون هواتفكم الخلوية .. فرغم كل ما قد يبدو لك من ايجابيات.. من المؤكد انك ستشعر حتما بالقلق .. وبالعزلة والغربة ،مهما حاولت إقناع نفسك بايجابية التجربة
* ماذا سيحدث لو توقفت شبكات الهاتف الخلوي عن العمل لستة أشهر متتالية ؟ بمعنى.. ما هي التغيرات والتبدلات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المتوقعة لو عاش المجتمع لتلك الفترة دون (جوّال) ؟؟ قبل أن تبادرني مقاطعاً: ( فال الله ولا فالك! ) ..أقول: إن هذا مجرد سؤال جال بخاطري فنقلته عبر (رسالة جوال) إلى أكثر من 60 شخصا من الأهل والأصدقاء والزملاء.. وللأمانة ..لم أكن وقتها أفكر في كتابة هذا المقال .. فكل ما أردته هو أن يمارس هذا الجوال - مالئ الدنيا وشاغل الناس- دورا ثقافيا اكبر من رسائل الجمع والأعياد (المُعلّبة).. فكانت هذه المحاولة التي وجدتها اقرب إلى العصف الذهني منها إلى استطلاع الرأي المنظم.
* كما توقعت.. جاءت أكثر الإجابات متشابهة حد التطابق..وإن كانت لا تخلو من بعض الطرافة والغرابة..ولان المقام لا يتسع لسرد جميع النتائج..إليكم أهمها و أطرفها بعد إعادة صياغتها بقليل من التصرف:
1- ستشهد الأسر فائضا في الميزانية العامة ، يتناسب طرديا مع عدد الجوالات التي تمتلكها ، مما يسمح بترحيل جزء كبير من هذا الفائض في الاحتياطي العام للأسرة.. (اقتصادي).
2- زيادة في الإنتاجية العامة للموظفين لعدم وجود ما يشغلهم عن أداء أعمالهم.. (مدير).
3- ازدهار متوقع للسياحة .. لتحسن الأحوال الاقتصادية للأسر من جهة ..ولحالة الضجر والملل التي ستصيب الكثيرين بعد تعطل هواتفهم من جهة أخرى (رجل أعمال) .
4- إراحة المصلين في المساجد من المقاطع الموسيقية التي يتبرع البعض بإسماعها لهم رغما عنهم.. (متقاعد).
5- تفاقم المشاكل الأسرية بسبب عودة البعض (ظُهرا) لشراء بعض السلع المتكررة مثل الخبز ،حليب الأطفال ..الخ .. (رب أسرة).
6- زيادة الطلب على الكاميرات والساعات والمنبهات والآلات الحاسبة ومفكرات حفظ الأرقام ..(طالب ثانوي)
7- انخفاض ملحوظ لحوادث المرور، ومراجعي عيادات الأذن .. وعودة حتمية لتفعيل الذاكرة الإنسانية التي استبدلت بذاكرة الجوال ( طبيب).
8- ارتفاع نسبي في مستوى طلاب المدارس نظراً لعدم انشغال المعلمين في الحصص (مدير مدرسة).
9- فرصة للهروب من العمل دون ملاحقة الرؤساء..وفرصة للتخلص من بعض الثقلاء الذين لا ينفع معهم حتى (خدمة موجود) .. (موظف).
10- انخفاض معدلات الجاسوسية بين الأزواج.. وارتفاع في فرص السهر مع الأصدقاء دون ملاحقة الزوجات (زوج) .
11- التخلص من أكثر 95 % من القنوات الفضائية التي ستغلق أبوابها (بالضبة والمفتاح) بعد غياب الممول الرئيس لها ..وانتهاء برامج جماهيرية مثل (سوبر ستار) و (شاعر المليون) وقنوات المحادثة والزواج والقنوات النسائية .. (أستاذ جامعي) .
12- عودة شيء من الحميمة والدفء للعلاقات الإنسانية باستبدال الرسائل بالحديث المباشر . (إعلامي وشاعر)
13- عودة الأمهات إلى الاهتمام بأسرهن وأطفالهن (أم) .
14- ارتفاع في معدلات الخصوصية الشخصية والاجتماعية بعد زوال ثقافة (البلوتوث) التي هتكتها بقوة وقسوة (معلمة).
* قبل أن أحيل السؤال إليكم .. ادعوكم إلى قضاء يوم واحد فقط دون هواتفكم الخلوية .. فرغم كل ما قد يبدو لك من ايجابيات في النقاط السابقة.. من المؤكد انك ستشعر حتما بالقلق .. وبالعزلة والغربة ،مهما حاولت إقناع نفسك بايجابية التجربة.. وستحتاج إلى الكثير من الجهد لطرد كل الأفكار السوداوية التي ستغشاك طوال ذلك اليوم.. كما ستحتاج بعد العودة إلى أحضان (الشبكة) جهدأً اكبر لإعادة ترتيب الكثير من أمورك التي أربكها بقاؤك يوما واحدا بدون جوال.. اشكر لكم حسن تصوركم .
منقول
Bookmarks