الشيخ عـبـد المـجــيد الزنــداني
ولقد وقع بعض المسلمين فيما وقع فيه مَنْ قبلهم من الأمم ، الذين أخذوا يرفعون من مقام الأولياء والأنبياء والصلحاء ، من درجة العبودية لله تعالى إلى درجة تقارب الألوهية ، وتصل إلى مقامها ، وذلك باعتقاد أن الأولياء أو الأنبياء أو الصلحاء يتصفون بصفات لا تكون إلا لله : مثل القدرة على الإعانة الغيبية ، وكشف الضر ، ومنح الأولاد ، والإغاثة بقوة غيبية تخرج عن السنن والقوانين التي يسير عليها الكون ، مما يدفعهم ذلك إلى القيام بين أيديهم. أو على قبورهم بشعائر التكريم أو التعظيم مما يكاد يكون تألهاً وقنوتاً ، ولقد نعى القرآن الكريم على الذين يسلكون هذا المسلك الباطل .
قال تعالى: { ويوم يحشرهم وما يعبدون من دون الله فيقول أءنتم أضللتم عبادي هؤلاء أم هم ضلوا السبيل* قالوا سبحانك ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك من أولياء} [الفرقان : 17-18]
ولقد قال الطبري في تفسير لهذه الآية :
يقول تعالى ذكره : ويوم نحشر هؤلاء المكذبين بالساعة العابدين الأوثان ، وما يعبدون من دون الله من الملائكة والإنس والجن ..
ولا يغيبنّ عن ذهنك أن أولياء الله أول من يرفض هذه المكانة التي يرفعهم إليها ، كما أنهم يجب أن يكونوا قدوة لنا نتبع طريقهم ، وننهج نهجهم في عبادتهم لربهم فإن لأولياء الله الدرجة العالية عند الله ولهم البشرى في الحياة في الحياة الدنيا ويوم القيامة وهو السالمون من الخوف والحزن .
قال تعالى : {ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون * الذين آمنوا وكانوا يتقون * لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم} [يونس : 62 - 64]
وأنت ترى من الآية أن الولي هو المؤمن حقاً ، والمتقى حقاً ، والإيمان هو ما وقر في القلب وصدقه العمل ، والعمل هو إتباع ما أمر الله به واجتناب ما نهى عنه . ذلك معنى الولاية . أما البشرى التي لهم في الحياة الدنيا فقد فسرها حديث صححه الحاكم : بأنها الرؤيا الصالحة يراها الرجل أو تُرى له .
المصدر: كتاب توحيد الخالق للعلامة عبد المجيد الزنداني (2/63-64)
Bookmarks