الأسئلة مبصره...............
و الأجابات عمياء.......................
((((مجلة حوار))))
مجلة تعنى بالخطاب الثقافي الراهن!
****
فـــاتــحـــة
د. مروان الغفوري
.. يذكر التاريخ أن الرومان دافعوا عن أنفسهم ضد المحتل الفارسي في اللحظة التي حاول فيها هذا المحتل أن يكون ثقافةً بعد أن كرس وجوده ككيان عسكري .
لقد حاول الفرس أن يستنسخوا ثقافة الدم الأزرق , وألوهية الحاكم الحاكم في العقل اليوناني . العقل الذي استطاع أن ينسف هكذا ديناً وعبودية , وأن يبدع للعالم ثقافة الحرية والديموقراطية , لقد تحول الصراع فجأة إلى صدام ثقافي بين أحرار مهزومين وغزاةِ تملأهم رائحة العبيد , وإن بدت أجسادهم ضخمةً مثيرةً للهيبة , وسيوفهم جامحة . ولأن اليونانيين يمتلكون تأريخاً من النجاحات في دائرة الصراع الثقافي , فكأن المحتل الفارسي المنتصر عسكرياً , قد حفر لنفسه خندقاً مكشوفاً يُدير فيه صراعاً ليس أهلاً له وحرباً جديدة لا يملك ضمانات نجاحها . اليونانيون بمرونة عقولهم المعروفة , دخلوا دائرة الصراع الثقافي ممتلئين بنشوة واثقة , وسخط مبرر ضد الثقافة الجديدة الرافدة , أكثر منهم ضد السيوف والتروس الفارسية الشائة.
الصدام الثقافي هو الذي أنقذ روما ..
والصدام الثقافي وحده كفيل بري الحياة بعوامل بقائها الحقيقية ووحده ييضمن شيوع فكرة الحياة ذاتها المنتدياتية التنوع .
وفي اللحظة الراهنة , هذه التي تجري من فوقها ومن تحتها أنهار المعرفة والمعلوماتية فإن رعاية الصدام الثقافي توفر فرصة مهمة لترشيح المعنى الثقافي الصالح للعالمية , وتضمن , أكثر من ذلك , توسيع آفاق الذاكرة الإنسانية لتمر عبر فخاخ العولمة ثقافة فارعة تتأبط " مـشـترك الـعـالـم " , وتٌتيح في الآن ذاته فضاءات صدام خلاقة تتحول بفعله الذاكرة القومية المرنه إلى عالمية عابرة للحدود والجنسيات , ولتمت تلك الثقافة المغلفة والشوفينيه التي لا تسمع إلا صدى إنشائها وأدبياتها لمصلحة الجار الجديد , لكون .
ولا نعني بالصدام الثقافي شرعية تكوين الميليشيات والثكنات الثقافية .. كما لا يسرنا هنا أن نعيد علك مخاوف الساسة والإنتلجنسيا الطائفية عن صراع الحضارات .. إننا نعني بالصدام الثقافي تدجين المصطلح نفسه وتفعيل معادلاته الداخلية وإلحاقه ضمن اللغة الحضارية الناضجة للحوار الثقافي .
فإذا كان الحوار يعني الرجوع والتغيير , فإن الصدام الثقافي يوفر الحقل الدلالي ذاته , وأبعد من ذلك يفضي إلى انتصار الأنساق الثقافية ذات المقدرة على البقاء والإنخراط في الكونية المعرفيه , ضمن العقيدة العامة " البقاء للأقوى " ..
وهنا تأتي " حــوار " كمحاولة لتوسيع الإشتباك , تأتي حوار , وتمشي بدلال ِ , هو من حقها تماماً , بمقولة جدنا القديم امريء القيس :
نحاول ملكاً , أو نموت فنعذرا ..
Bookmarks