المصدر: جريدة الأقتصادية الإلكترونية

الخميس, 15 ربيع أول 1427 هـ الموافق 13/04/2006 م - العدد 4567

نائب رئيس الاتحاد اليمني للتأمين لـ "الاقتصادية":


الهجمات الإرهابية أثرت في قطاع التأمين والمغتربون لا يثقون بنا


من/ طاهر حزام -

شركات التأمين في اليمن كثيرة العدد قليلة العمل، ولا تجد لها ثقة لدى أغلب اليمنيين، وأغلبها تعمل دون وجود ضمانات فعلية، فكيف تأمن الشركات والمرافق اليمنية عند التأمين في شركات كهذه؟
وفي هذا الصدد كشف لـ "الاقتصادية" طارق عبد الواسع هائل نائب رئيس الاتحاد اليمني للتأمين، أن اليمن قدمت 50 مليون دولار ضمانا للجنة تسعير أخطار الحرب في لندن لأجل إقناعهم بأن اليمن بلد آمن، مؤكدا أن أغلب اليمنيين لا يؤمنون سياراتهم ولا يوجد قانون يلزم مالكي السيارات بالتأمين، وأن أغلب المغتربين يثقون بالتأمين في البلدان التي يعيشون فيها أكثر من ثقتهم بشركات التأمين في بلدهم، مشير إلى أن هناك خطة ستنفذ خلال هذا العام لتأمين المغتربين اليمنيين وخاصة في السعودية. مزيدا من التفاصيل في الحوار التالي:

بداية، كيف هي سوق التأمين في اليمن وحجم الشركات العاملة فيها ورساميلها؟
أصدرت الحكومة أول قانون بشأن الإشراف والرقابة على التأمين رقم 107 عام 1976م وبعد قيام الوحدة اليمنية عام 1990 تم تعديل القانون المذكور بمقتضى القانون رقم 37 لسنة 1992 وجرى تعديل ثان عليه بالقانون رقم 9 لسنة 1997. وفي عام 1998 تم إنشاء الاتحاد اليمني للتأمين بموجب القرار الوزاري رقم 27 في 10/10/1998.
وكما تعلمون أن شركات التأمين تلعب دوراً مهما في الحياة الاقتصادية المعاصرة من خلال تقديم الحماية للأفراد والشركات والمؤسسات من الخسائر التي قد تلحق بها. وعلى الرغم من التطور الاقتصادي الكبير الذي شهده اليمن خلال الفترة الماضية، إلا أن نمو القطاع التأميني كان أقل بكثير من النمو الذي شهدته قطاعات مماثلة ومنها القطاع المصرفي مثلاً. إضافة إلى أن الكثير من أفراد المجتمع اليمني لا يدركون أهمية التأمين، فالتأمين لا يزال محصوراً فقط في فئة بسيطة من المجتمع.
وفي العام الماضي صدر قرار وزير الصناعة والتجارة برفع رأسمال شركات التأمين من 100 إلى 400 مليون ريال. وعلى الرغم من أن بعض الشركات رفعت رساميلها إلا أنه لا تزال هناك معارضة من غالبية الشركات لتلك الزيادة بسبب أن هذا قرار وليس قانونا.
ما تأثير التأمين البحري بعد أحداث كول وليمبرج؟
أدى التفجير الإرهابي للمدمرة الأمريكية كول في عدن عام 2000 والناقلة الفرنسية ليمبورج فى حضرموت عام 2002م إلى أضرار سلبية خلال تلك الفترة، ليس فقط على التأمين البحري بل على المجالات الاقتصادية كافة، وانعكست آثارها على التأمين البحري لفترة وجيزة، حيث دفعت الحكومة مباشرة بالتنسيق مع الاتحاد اليمني للتأمين، مبلغ 50 مليون دولار ضمان للجنة تسعير أخطار الحرب ومقرها لندن، ولإقناعهم بأن اليمن بلد آمن وما حدث من تفجيرات إرهابية لا يعكس الصورة الصحيحة للأمن المستقر، وفي ضوء ذلك تم سحب زيادة أسعار أخطار الحرب على الموانئ وعادت الأوضاع إلى ما كانت عليه.
رغم أننا نعيش في القرن الواحد والعشرين إلا أن التأمين الإلزامي على السيارات ليس موجودا في اليمن، لماذا برأيك؟
تشير الإحصائيات إلى أن مجموع حوادث الوفيات بسبب حوادث المرور فاق عدد ضحايا الحربين العالميتين الأولى والثانية. وإذا نظرنا إلى وضع سوق التأمين اليمنية حالياً، فإنه لا يوجد قانون إلزامي مفعّل يفرض على مالكي السيارات تأمين سياراتهم على المسؤولية المدنية من جراء الحوادث الناشئة عن استعمال السيارات، بل إن شركات التأمين تبيع وثائق تأمين السيارات ضد المسؤولية المدنية كأحد الأنواع الأخرى للتأمينات المطروحة في السوق اليمنية. فالعلاقة ما بين شركات التأمين ومالكي السيارات هي علاقة عقدية يحددها عقد التأمين وليست علاقة قانونية، لذلك فإن تعرض مواطن إلى حادث مروري ولم تكن سيارته مؤمنا عليها ضد المسؤولية المدنية فإنه لا يجد من يسدد قيمة الأضرار التي تلحق بالآخرين. وقد تم إصدار قانون تأمين إلزامي رقم 12 لسنة 1976، وأعقبه قانون رقم 30 لسنة 1991، إلاّ أن هذا القانون تم تعليقه ولم يُفعّل بشكل رسمي حتى الآن بسبب عدم تطبيق قانون المرور. ومن الأسباب الرئيسية أيضا عدم صلاحية غالبية السيارات لأي من مواصفات الأمن والسلامة.
هل هناك اتفاقيات حكومية بين اليمني ودول مجلس التعاون في مجال التأمين؟
لا توجد اتفاقيات حكومية بين اليمني ودول المجلس في مجال التأمين، إلا أن هناك علاقات تعاقدية وتعاونية مشتركة تربط شركات التأمين اليمنية بنظيراتها العربية من خلال شركات إعادة التأمين العربية، وكذلك عبر وسطاء إعادة تأمين عربية.
هل لديكم آلية جديدة للتأمين لتشمل التأمين على المغتربين؟
الشركة المتحدة للتأمين تزاول نشاطها داخل اليمن ويمتد نشاطها أيضاً إلى بعض الأعمال اليمنية التي تتم خارج الحدود اليمنية، إلا أنه كنشاط متخصص للمغتربين لم يفعل، ويرجع السبب إلى رغبة المغتربين أنفسهم. فهم يؤمنون في الشركات المحلية في البلدان التي يعيشون فيها وبحسب قوانين تلك الدول، إلاّ أن ذلك لا يمنع من تنشيط حركة نشاط التأمين مع المغتربين مستقبلا، خصوصاً أن المغتربين رحبوا بقرار الحكومة بمد مظلة التأمين الاجتماعي إلى اليمنيين في الخارج بحلول العام الجاري 2006م وذلك بضم فئة من المغتربين في دول الخليج وخاصة السعودية كمرحلة أولى للتأمين الشامل وهي خطوة إيجابية لزيادة ولائهم تجاه بلادهم.
هل هناك فكرة لاندماج بعض شركات التأمين في ائتلاف قوي؟
إن الحركة التجارية اليمنية الداخلية والخارجية ساهمت بشكل جيد في زيادة قدراتها وأنشطتها من حيث الحجم والنوع. وهذه الحركة الاقتصادية الصناعية والتجارية تحتاج بالتأكيد إلى نشاط تأميني قوي وطاقات كبيرة، حيث لا تستطيع شركات التأمين الصغيرة مواجهة هذه الطلبات ضمن إمكانياتها وطاقاتها المتواضعة. وللأسف اتجهت المنافسة بين بعض الشركات إلى المنافسة السلبية السعرية بدلاً من المنافسة الإيجابية بتطوير الخدمات، لذلك لا أتصور أن تلجأ بعض شركات التأمين إلى أن تحمي وجودها في السوق من خلال الاندماج وتكوين ائتلافات قوية على الرغم من أن اليمن يستعد حالياً إلى الانضمام إلى منظمة التجارية العالمية.
البعض يتحدث عن عدم قدرة شركات التأمين العاملة في السوق اليمنية على القيام بمهامها بصورة أفضل، خصوصاً مع الشركات الأجنبية العاملة في قطاع النفط، كيف تردون على ذلك؟
في الواقع لا يمكن تعميم ذلك على جميع شركات التأمين العاملة في السوق اليمنية، فشركات التأمين في السوق اليمنية تختلف فيما بينها من حيث حجم محافظها التأمينية واحتياطياتها الفنية، وكذلك المقدرة الفنية للطاقم العامل لديها ومستوى تدريبها ومدى اهتمام الشركة بتطويره. إضافة إلى اتفاقيات إعادة التأمين وتصنيف شركات إعادة التأمين.
وما يقال إن الشركات النفطية الأجنبية العاملة في اليمن لا تقوم بالتأمين لدى شركات محلية بحجة أن شركات التأمين اليمنية غير قادرة على تحمل الأخطار التي قد تنجم ـ لا قدر الله، فهي بالتأكيد حجج واهية ترددها بعض الشركات النفطية لكي تؤمن لدى شركاتها خارج البلد، وهذا لا يخدم السوق اليمنية. فشركات التأمين في اليمن مثلها مثل شركات التأمين في بقية أنحاء العالم فيها الشركات القوية والمتوسطة والضعيفة، ونحن كشركات تأمين يمنية لدينا القدرة على التأمين محلياً على الشركات النفطية الأجنبية. وفي حال أقرت الحكومة التأمين الإلزامي على هذه الشركات فإنها بالطبع ستحقق عائدات اقتصادية كبيرة للبلاد، بحيث تسهم في دعم الاقتصاد الوطني والاستفادة من عائدات الضرائب وتوفير فرص عمل جديدة.
هل لديكم خطط مستقبلية لتفعيل دور نشاط شركات التأمين اليمنية؟
يسعى الاتحاد اليمني لشركات التأمين إلى وضع خطط مستقبلية لتفعيل دور نشاط شركات التأمين اليمنية، وقد اعتمد الاتحاد عددا من الخطط والبرامج في تطوير وتفعيل أنشطة شركات التأمين. فقد شجع على المنافسة الإيجابية بين شركات التأمين التي تعتمد تطوير نوعية الخدمة التأمينية وتحسين الأداء بدلاً من المنافسة السلبية السعرية التي تقود إلى أضعاف قدرات شركات التأمين والهبوط بنوعية الخدمة التأمينية، بل قد تقود بعض الشركات الضعيفة إلى فقدان المصداقية نظراً لعجزها من مواجهة التزاماتها بسبب تكسير الأسعار والهبوط بها إلى تحت الخطوط الحمراء، ما قد يجعلها غير قادرة على تنفيذ التزاماتها التأمينية. كما نعمل على تطوير مهارات الطاقم العامل لدى شركات التأمين بإقامة دورات وندوات تأمينية متنوعة ومتخصصة تعمل على رفع قدراتهم ومهاراتهم. ويضع الاتحاد أهمية كبيرة لبث الوعي التأميني.
ما الصعوبات التي تواجه شركات التأمين في الوقت الحالي؟
لا يزال التأمين حديثاً إلى حد ما وللأسف يوجد ضعف تأميني شديد عند الغالبية العظمى من الناس، وهذا الضعف نتيجة لتقصير بعض شركات التأمين في تكثيف الحملات الدعائية اللازمة لتثقيف المواطن تأمينياً. ولعل من أبرز معوقات التأمين في اليمن ضعف دخل الفرد في المجتمع اليمني، ثم تأتي أسباب ضعف الموارد المالية بشكل رئيسي، وعدم تطبيق إلزامية التأمين لصالح خدمة المجتمع. كما أن عدم وجود محاكم متخصصة وتبديل مواقع القضاة في المحاكم التجارية بشكل مستمر يؤديان إلى عدم تطور خبرات القضاة في قضايا التأمين.
ما سبب عزوف شركات التأمين العربية والأجنبية عن فتح فروع لها في السوق اليمنية؟
أعتقد أن ذلك يرجع إلى عدة أسباب، لعل من أهمها: تفشي المنافسة السلبية السعرية بين شركات التأمين ما أدى إلى تدني الأسعار لدى بعض الشركات إلى دون الخط الأحمر. هذا الأمر ترتب عليه أن مقدار إجمالي أقساط التأمين للسوق اليمنية لا يتجاوز 30 مليون دولار، الذي يعادل قسطا لشركة تأمين واحدة في الأسواق الخليجية مثلاً، وبسبب أن سوق التأمين اليمنية لا تزال غير مجدية حالياً.