تواضع لله .. يرفعك الله !!
من السماجة أن نتحدث عن التواضع ونسرد فضائله وفضائل أهله الدنيوية والأخروية.. لكن من الحماقة أن نشطح في (الكِبر) والخيلاء .. والعياذ بالله !!
عليكمْ بالتواضعِ لا تزيدوا ... على فضلِ التواضعِ من مزيدِ
أيها الإنسان .. لماذا تتكبر؟ على ماذا تتكبر ؟ دعني أخبرك سبباً واحداً يمنعك من التكبر ... أتدري ما هو؟ .... ببساطة لأنك إنسان .. لأنك تأكل وتشرب .. تنام وتمرض .. تتبول وتتمخط .. كل هذه سمات ودلائل ضعف ودنو فيك .. فلماذا تتكبر ؟
عندما ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم صفات أهل الجنة أخبر أنهم لا ينامون ولا يتبولون ولا يتمخطون ولا يبصقون ، وما ذلك إلى علامة على سموهم على ما كانوا عليه فالدنيا .. فلماذا تتكبر أيها المتمخط والمتبول ؟
الأن الله منّ عليك بنعمة العلم والثقافة ؟ سبحان الله .. كيف تجازي نعمة الخالق بالمعصية ، وتترفع عن كلامنا بدعوى التسلية؟ أهكذا أشار عليك عقلك أيها المثقف الكريم؟ أن تملي علينا شروط الكلام معك ؟ لست بأخٍ لنا إن كانت هذه صفاتك ، وهذه قناعاتك وسماتك ، لإن الإخوة يتمازجون بأفكارهم ، ويتواضعون بعقولهم ، لأن معنى (الأخوة) يدفعهم ليعلّم جاهلَهم عالمهم ، ويأخذ بيد أصغرَهم أكبرهم .
كل ما أدبني الدهر ** أراني نقص عقلي
وإذا ما أزددت علماً ** زادني علماً بجهلي
أتعلم أن المتعلم المثقف الحقيقي هو الذي يعرف كيف يداري عقول الناس ، كيف ينزل إلى مستوى تفكيرهم ليحاكيهم بما يفهمون ويعرفون ، لأن قاعدته المعرفية مبنية على التساوي في كل شي ، ماعدا العلم .. ففضل العالم على العابد كفضل القمر على ساير النجوم (حديث شريف) ، ولأنه يعلم أن الله ميزة بالعلم والثقافة دفعته غريزة الشكر على أن (يزكّي) عن هذه النعمة ، بنشر العلم ، والتواضع إلى الناس ، لأن علمه أتى من الناس ، لأن علمه هو شؤون الناس ، لا أن يشترط على محدثيه شروط معينه ، وفِّروها في أنفسكم وتعالوا حادثوني .
نحن إخوة في بيتٍ واحد أسمه (الشباب اليمني) ، بلا شك إننا متفاوتون ومتباينون في أشياء كثيرة ، بل أحياناً مختلفون كلياً ولكنك ترى ذلك (الانفصالي) يتحاور مع الآخر (الوحدوي) وآسف على التسميات ، أتدري لماذا أيها المثقف المتكبر؟ ، لأنهم لا شعورياً يتصرفون داخل الإطار الواحد ، ولأنهم يجربون لغة الحوار الحضارية ، اقتنعوا أو اختلفوا لا يهم ، ولكنهم اجتمعوا ونزلوا إلى مستوى واحد. لماذا؟ لأنهم إخوة في نهاية المطاف .
أيها المثقف الكريم (المتكبر) أهديك هذه المواقف والقصص لأنبياء أنت وأنا مجرد قطرة بل شذى قطرة جرتها الرياح في بحور علمهم .. وفوق كل ذي علمٍ عليم !
أتى رجل إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فكلمه فأخذته رعدة فقال له هون عليك فإني لست بملك إنما أنا ابن امرأة من قريش تأكل القديد وكان يرقع ثوبه ويخصف نعله ويخدم في مهنة أهله.
يا حبيبي يا رسول الله ، أنت أشد الناس تواضعاً وأنت أفضل العالمين لم تكن متكبرا ولا متجبراً كنت أشد الناس حياءً وأكثرهم تواضعاً وكنت إذا حدث بشيء مما أتاك الله تعالى قلت ولا فخر. ياحبيبي يا رسول الله.
وانظر كيف شرّف الله موسى (عليه السلام) بالكلام معه عندما رأه متواضعاً
قال الله تعالى لموسى عليه السلام: هل تعرف لم كلمتك من بين الناس قال: لا يا رب قال لأني رأيتك تتمرغ بين يدي في التراب تواضعا لي
واعلم أيها المثقف المتكبر أن من رفع نفسه فوق قدره .. أستجلب مقت الناس
أو إقراء هذه القصة في بني إسرائيل
تكلم عصفور في بني إسرائيل مع فخ فقال العصفور انحناؤك لماذا قال من العبادة قال دفنك في التراب لماذا قال من التواضع قال فما هذا الشعر قال هذا لباسي قال ما هذا الطعام قال هذا أعددته لعابر السبيل قال فتأذن لي فيه قال نعم قال فنقر العصفور نقرة فأخذ بعنقه فجعل العصفور يقول شغ شغ شغ وقال والله لا يغرني قارئ بعدك أبدا.
فالمثقف المتكبر كالزجاجة تلمع من بعيد يعجبك لونها ولكنها في أبسط احتكاك تكسر كسراً غير مجبور ، والمثقف المتواضع كالفخ لا تشعر بقوته وهيلمانه حتى تمسكك قبضته ... ولا فكاك .
تواضع المرء ترفيع لرتبته ... وكبره ضعة من غير ترفيع
في نخوة الكبر ذل لا اعتزاز له ... وفي التواضع عز غير مدفوع
والسلام
Bookmarks