لماذا يخافون من الشعب؟!
برهنت وقائع الأزمة الراهنة التي يمر بها الوطن على امتداد تسعة أشهر أن مفتاح الحل لهذه الأزمة وتشعباتها وما تفرزه من تداعيات سلبية على الوطن وأبنائه هو بأيدينا وليس بأيدي الآخرين، وأن إيجاد المعالجات التي من شأنها إخراج البلاد من أتون هذه الأزمة العاصفة لن يتم إلا من الداخل وليس من الخارج، وهي الحقيقة التي أشار إليها فخامة الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية يوم أمس، في حديثه الصريح والواضح لأعضاء اللجنة الدائمة للمؤتمر الشعبي العام، باعتبار أن اليمنيين ومهما وصل بهم الخلاف والتباين في وجهات النظر والمواقف سيظلون الأقدر على حل مشاكلهم وتجاوزها والخروج من نفقها المظلم إلى فضاء أرحب من التوافق والتسامح والمحبة والوئام والمسؤولية الوطنية.
وسواء أدرك أولئك الانقلابيون والمتمردون والخارجون على النظام والقانون والطامعون في الوصول إلى السلطة، الذين يتنقلون بين العواصم والسفارات والمنظمات، هذه الحقيقة أو لم يدركوها، فإن المخرج الذي يبحثون عنه من زاويتهم ومن مفهومهم ومن رؤيتهم الخاصة بهم لدى الآخرين هو أمر صعب المنال لكونهم لا يبحثون عن حل واقعي وموضوعي يحفظ حقوق كل أبناء الوطن ويصون مقدرات هذا الوطن من الهدر والتدمير والتخريب العبثي وإنما هم بذلك يلهثون وراء ما يعقد الأزمة ويضفي مشكلات جديدة عليها ظنا منهم أن ذلك هو السبيل الوحيد الذي سيمكنهم من خلط الأوراق والقفز بهم إلى كراسي الحكم بعيدا عن إرادة الشعب وصناديق الاقتراع.
وإذا كان المنطق السليم يفرض على هؤلاء الانقلابيين والمتمردين والطامعين في السلطة التعلم من تجاربهم والاخفاقات التي منيوا بها والأخطاء التي وقعوا فيها فإن هذا المنطق نفسه يحتم عليهم أن يستوعبوا تماما أن هذا الوطن هو ملك كل أبنائه والحفاظ عليه مسؤوليتهم جميعا دون استثناء وأن من حق كل هؤلاء أن يطمحوا للوصول إلى السلطة على أن يقترن هذا الطموح بالامتثال والالتزام بالطرق المشروعة والمتمثلة في الخيار الديمقراطي الذي ارتضينا به جميعا.
ومن يفكر أن بوسعه إعادة إنتاج أزمنة الانقلابات والصراعات فإنه يراهن على أفعال صارت خارج الزمن ولم تعد تتماشى وحقائق المتغيرات التي شهدها اليمن منذ إعادة وحدته في الـ22 من مايو 1990م.
والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا يلهث هؤلاء وراء الخارج والحل بين أيديهم، من خلال الجلوس على طاولة الحوار والتفاهم حول المعالجات الموصلة إلى انتقال سلمي وسلس وديمقراطي للسلطة انطلاقا من الاحتكام للشعب في انتخابات حرة تجرى في ظل مناخات نزيهة، وتتوفر لها رقابة محلية وإقليمية ودولية، ولا تشوبها أية شائبة؟
ولماذا يخافون من الشعب وهم الذين ما برحوا يدعون أن الشعب معهم، ويؤيدهم ويقف إلى جانبهم؟
ولماذا يخشون الاحتكام للشعب وهم من يخطبون باسمه ويتحدثون نيابة عنه.. ويزايدون اليوم بالقول أنه يلتف حولهم كالسوار في المعصم؟
ولماذا يرفضون الانتخابات وهم كما يقولون يمثلون قوة سياسية هي الأقدر على حصد أصوات الناخبين.. في سابقة هي الأولى على مستوى بلدان العالم الديمقراطية ،الناشئة منها والعريقة، التي نجد المعارضة فيها هي التي تدفع باتجاه أي انتخابات مبكرة، وتعد نفسها وجماهيرها لخوض أي معترك انتخابي؟
وبكل تأكيد لا يجوز القول أن المعارضين في العالم كله على خطأ، ومعارضتنا وحلفاءها على صواب، رغم علمنا بأن هؤلاء الذين يطالبون بالتغيير ويتحدثون عنه، هم مع الأسف الشديد، من يحرضون على العنف والفوضى، وسلب الممتلكات العامة والخاصة، والاعتداء على المواطنين ورجال الأمن، في الوقت الذي يرفعون فيه اليافطات التي تنادي بالسلمية، إلى درجة أنهم ومنذ عقدين من الزمن، كرسوا كل جهودهم من أجل توريث أولادنا وأولاد أولادنا نفس الشعارات ونفس المفردات، ليصل بهم الحال مؤخرا إلى تسمية أيامنا بأسماء لا نعرفها، فقد جعلوا أيام الأسبوع يوما للغضب، ويوما للصمود، ويوما للتصدي، ويوما للجهاد، ويوما للزحف، ويوما للتصعيد، ويوما للحسم «الثوري».. وهو جنون ما بعده جنون، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
كلمة الثورة
Bookmarks