حكاية حقيقية .. أحكيها لكم لكي تتذكروا دائما أن الصعاب التي تقف في وجه المرء ينبغي أن لا تمنعه من الوصول للهدف ..
كان حلمها أن تحصل على نسبة مرتفعة في الثانوية العامة .. لتدخل القسم الذي تتمناه .. وتحقق حلم الطفولة ..
بدأ العام الدراسي وكل شيء يسير على ما يرام .. تجارة والدها كأحسن ما يكون .. أوضاعهم المالية جيدة ،، فجأة ينقلب كل شيء ،، تتراكم الديون على الأب .. يخسر كل ما يملك من الأموال والبضائع . ومع الاختبارات النهائية للفصل الدراسي الأول .. يصاب والدها بجلطة ، يأخذوه إلى المستشفى .. تظل تبكي ومع هذا تواصل المذاكرة .. كانت تقول لنفسها : لو أنني حصلت على درجات منخفضة سيحزن أبي ويقول أن درجاتي تدنت بسببه ..
الحمد لله عدت تلك الفترة على خير واستطاعت تلك الفتاة التفوق ,,
لكن مع الاختبارات النصفية في الفصل الدراسي الثاني دخل والدها المستشفى ليجري عملية جراحية .. كانت تزوره في كل يوم على الرغم من حرصها على المذاكرة .. كانت تبكي أثناء العودة من المدرسة لأنها تعرف أنها لا تستطيع البقاء مع والدها في المستشفى لفترة طويلة ..
الحمدلله .. خرج والدها قبل انتهاء الاختبارات النصفية بيوم .. فرحت كثيرا ولربما بكت ..
مع اقتراب الاختبارات النهائية بدأت أحوال الأسرة المادية في التدهور .. وبدأ أقرب الناس بالتخلي عن أسرة هذه الفتاة .. بل إن أحد الأقرباء تجرأ وأهان الأم أمام مرأى الناس واتهم زوجها بتهم باطلة ( وعندما يسقط الجمل تتكاثر عليه السكاكين ) ..
المهم أن السبل ضاقت بالفتاة .. أصبحت تبكي ليل مساء .. بدأت تفكر في ترك الدراسة والعمل في أي مجال فقط لتتمكن من إيجاد دخل لأسرتها ..
لكن شيئا ما منعها .. شيئا في أعماقها قال لها : إن أنت واصلت دراستك واتممت اختبارات الثانوية العامة ، وحصلت على نسبة مرتفعة .. فإنك قد تدخلين بعض الفرح على قلوب أسرتك ، ليكون هذا هو هدفك : رسم الابتسامة على وجوه ما عرفت السعد منذ زمن ....
اجتهدت كثيرا .. بذلت كل ما في وسعها من أجل أن تحصل على نسبة مرتفعة .. هزل جسدها واصفر وجهها .. شعرت بالسأم لكنها تذكرت (( أهدافها )) .. القريبة والبعيدة ..
تذكرت رغبتها في رسم الابتسامة على وجوه أهلها ..
وتذكرت حلم الطفولة ..
واصلت ..
صبرت ..
اجتهدت ..
حتى جاءت أسعد الأيام .. اليوم الذي ظهر فيه اسمها وهي من الأوائل على منطقتها ..
واليوم الذي قبلت فيه في القسم الذي أرادت ..
واليوم الذي حصلت فيه على جائزة التفوق في منطقتها ..
لقد بكت في تلك الأيام السعيدة ، لكن البكاء لم يكن كغيره .. كان بكاء فرح .. بكاء تحمد الله فيه على أن حقق لها كل ما تريد .. بعد أن فقد والدها كثيرا مما يملك .. وحيث يكون الصبر يكون الظفر وحيث يكون العسر يكون اليسر ..
إنها حتى اليوم تتذكر تلك الصعاب وكيف أنها واجهتها .. تتذكر كيف أنها كادت أن تتوقف في منتصف الطريق .. فتحمد الله عز وجل .. لأنه ربط على قلبها .. وألهمها الصبر .. ويسر لها التفوق ..فله الحمد أولا وأخيرا ..
( صدقوني إن ما حصل للفتاة أكثر مما كتبت ، وما واجهها من المشكلات كفيل بأن يحطم رجلا لا فتاة شابة ، لكنها – ما شاء الله – صبرت وآثرت أن تبوح بالقليل .. وتخفي الكثير .. )
منقول للفائدة
Bookmarks