السيد القائد الرمز: علي عبدالله صالح القائد الأعلى للقوات المسلحة والأمن

أسعد الله صباحكم بالأمن والخير والمسيرات.

فإني – حفظني الله - وبعد أن رجعت بسلامة الله من زيارتي لمدينة عدن ثغر اليمن الباسم – مع أني والله مطلع لم أشاهد خلال مسيرتي
إلا وجوهاً عابسة وأحلاماً مكفهّرة – . أود محادثتك في مسألة ما إن لم تمانع أنت . مع أنه ولو افترضنا جدلاً أنك مانعت ، فإني لن أهتم لذلك كثيراً.
وسأتفوّه بما في صدري وليأتي من بعدي وبعده الطوفان.

أما بعد:

فإن المسألة التي أرغب بالحديث عنها – يا سيدي - ليست بأمر ذات أهمية بالنسبة لك (ربما) ، وهي صغيرة جداً كأحلام البسطاء ،
وتافهة جداً جداً كأعداد الذين يموتون بذنب ما تقترفه بطانتك السيئة ، طيلة سبع سنوات عجاف خلت أكلتنا وما حصدنا.

القائد المسيرة الرمز :

هل تساءلت يوماً لماذا قد يغضب الشعب منك على سبيل المثال؟ ولماذا قد يسكب جام سخطه على شخصك وحدك ، دوناً عن بقية أتباعك المخلصين؟
هل فكرت يوماً قبل أن النوم مثلاً لماذا قد يشعر الشعب بشديد التذمر نحوك ونحو سياستك؟

هاه . هل فكرت؟

ربما ان وقتك النفيس – يا سيدي - ومشاغلك التي لا تنتهي لن تسمح لك بالتفكير ولا حتى بوصول
برقيتي هذه التي فيما يبدو (قد) تعكر الصفو وتفسد المزاج.

لا عليك . حتى وإن وصلت فإني أدعوك يا سيدي إلى عدم المشقة في فهم مغزاها علي أية حال ، فهي – بطبيعة الحال – كما اخبرتك تافهة جداً كتفاهة
مطالب الشعب المسحوق ، وحقيرة حقارة أعداد الناس الذين قتلوا بالآلاف في الشمال والجنوب تحت ظل مسيرتكم المكللة بالانتصارات والرخام .

نعم يا فخامة الرئيس. لا تفسد مزاجك الرائق بما يحدث أبداً ، فالواقع أن جميع الذين قتلوا هناك لم يكونوا بذي أهمية
تذكر لأنفسهم حتى يشكلوا أي أهمية لأحد أياً كان .

علاوة على أنهم كانوا جميعاً مجرد حمل فائض على الدولة المشحونة بالواجبات وكان من البديهي أن تتخلص هي منه في أقرب فرصة.

إضافة إلى أنهم كانوا يشكلون عبئاً سكانياً زائداً عن اللزوم ، يدمن الأحلام بلا حساب ويستهلك الكهرباء والماء والهواء بشكل مأساوي ،
ناهيك عن أنه يضخ بدوره بالكثير الكثير من الأطفال ويركلها إلى الشارع العام "واصرفي يا حكومة" .

وهم أيضاً – بطبيعة الحال – أشخاص عاديّون لديكم الكثير الكثير منهم في الأسواق وعلى "قفا من يشيل" ،

لذبك فإنه لم يعد هناك ثمة حاجة لهم ، كما أن الشوارع والأسواق نفسها قد بدأت تكتظ بالكثير منهم بصورة خانقة ومقززة ،

وليس هناك أيضاً ما يدعوا للحزن على "اللا أشياء" وأنتم وأنا نعلم أن هناك على جدول الأولويات ما هو أهم من
الالتفات إلى طبقة سفلى خاملة رديئة لا يأتي من ورائها إلا الهم والحزن والهستيريا.

ثم إني لا أرى أي مشكلة -لا قدر الله- في موت عدد من النسمات الإضافية بلا ذنب يذكر . لأن الواقع يقول أنهم
كانوا أصلاً سيموتون منذ البداية سواء الآن بالحرق أوالطرق أو لاحقاً بالقهر أو لاحقاً لاحقاً بالدهر .


أمرٌ آخر يا فخامة القائد الزعيم . ما مشكلة أولئك القوم الساخطين عليكم في عدن وضواحي عدن؟ - أتمنى أن أعرف ما مشكلتهم حقاً؟ -
لماذا هم مسحوقين هكذا وعلى هذه الشكلية؟ لماذا تركتموهم لأنفسهم حتى أصبحوا هكذا يكرهونكم كما يكرهون الله ؟ .. أستغفر الله

صدق أو لا تصدق يا سيدي القائد . قبل البارحة دخلت مطعماً بغيضاً يقدم مشروبات تتماشى مع الفصول ورأيتهم هناك
يبيعون الخمر عيني عينك هكذا على الملأ وبلا خوف ولا دستور . تصدق؟

كما قلت لك يا فخامة الرئيس. لا تبدي أي انزعاج عليهم ، فمشكلتك الحقيقية أنك تحكم شعباً أفسده "التدليل" ولا أنصحك أن تضع أي
نقطة على الدال أو أي شيء . وحتى إن وضعتها ، فلا عليك فهم كلهم مهما كانت دوافعهم كانوا يستحقون التراب .

الكثير من النّاس ماتوا . في الواقع من هو الذي لن يموت ؟ فمن لم يمت بالسيف مات بغيره تعددت الأسباب والموت واحدُ.

المهم يا سمو القائد الرمز "ما رأيك في أن تسخر مواهبي في صفك؟ حتى نكسب أنا وأنت ! "
صدقني يا سيدي فأنا كما ترى أشكل ثروة وطنية ثمينة لو تمت الاستفادة منها بصورة صحيحة ،

لو استغللتموني في صفكم فقط لكسبتم أشياء هامة وثمينة ، منها تغيير أقوالي عنكم متى أرادت فخامتكم ،
فضلاً عن تغيير الكثير من المبادئ والقيم من ضمنها نص هذه البرقية السخيفة
وفي أي وقت ترغبون.

أنا يا فخامة الرئيس القائد رجل وطني بالفطرة ، وسأقول للشعب في المواقف كل ما تريدون . سأقول لهم مثلاً
أن الشعب لابد أن يبقى فقيراً ، لأن الفقراء يدخلون الجنة . سأقول أي شيء تراه أنت مناسباً مادمت أنت ستقوم بإقناعي
أنه مهما بدا للوهلة الأولى معاكساً فإنه سيصب أولاً وأخيراً فوق مصلحة الوطن وعلى رؤوس المواطنين.

( راقبني يا فخامة الرئيس الآن )

هيه . أيها الشعب التافه المسحوق المتسكع المضحك :

سلام علي وبعد. فإنه عليكم ومنذ الآن أن تستوعبوا أني أصبحت رجلاً وطنياً بخلافكم أيها الحشرات أيها الطفيليات الصغيرات المقلقات .

أنتم - إن كنتم لا تعرفون - مجرد نسمات مسحوقة جداً وأنا صراحة لا أجد أي رغبة لدي في الحديث إلى نسمات مسحوقة جداً .

أنتم غرض قديم عاطل بلا قيمة ولا وزن ، ولن ينفعني أحد منكم في الحصول على وظيفتي الحلم ، مع أن فكرة الوظيفة الحلم بحد ذاتها
أجدها أهم بكثير من معظمكم . ولو أن البقية منكم بالنسبة لي ليست مهمة أصلاً منذ البداية وقبل الحلم.

ثم إني أشد على يد الحكومة في أي شيء تقوله أو تفعله بكم ، وفي أي قرار تتخذه ضدكم أيها النسمات المسحوقة جداً ،
أشد على يدها في أي شيء كان ، حتى وإن كانت تشد على سراويلكم مثلاً .

قبحكم الله يا ناكري الجميل والمعروف فإني أسخر منكم فعلاً ، فمن الذي يمنحكم الكهرباء والمياه بلا انقطاع ولا مقابل طيلة العام؟
ومن الذي يهبكم الأمان والطعام والنوم والراحة والكلام بصراحة؟

أنتم شعب نكدي كافر بالنعمة والجميل ولا يعرف كيف يخرس لسانه ويرفع يديه إلى السماء وفي عينيه دمعة ويقول شكراً يا الله
على هذا النظام القويم ، شكراً على هذه الحكومة الراشدة القويمة ، شكراً على هؤلاء الملائكة الذين أرسلتهم ليحكمونا بفضل منك ورحمة ،
شكراً يا الله . شكراً يا الله.

أعود إليك يا زعيم البلاد والعباد


فقط كنت أريك كم أنا بارع ومفيد في طرد الذباب البشري من حولك بكفاءة تتفوق على أي مبيد بشري .
أنا كما قلت لك مسبقاً ، مواطن صالح لأي شيء إذا سخرتموني فقط في خدمتكم ، وسأقول للذباب ما تريدون وقت ما تريدون
كما أخبرتكم آنفاً ، وإني أيضاً أحب فلسفتكم في مداواة هذه البلاد وأهلها الذين يستحقون الركل والاضطهاد والتأديب .
والعصا لمن عصى .

ولتتأكد يا فخامة الرئيس أنهم حين يقولون " بالروح بالدم نفديك يا زعيم " فإنهم يهرفون ويبيعونك كلاماً معلباً مغشوشاً ،
وساعة الحقيقة الحقيقة لن تجد منهم أحداً سوى كاتبك الملهم ، كاتب هذه البرقية الخالصة .




ربما لأنه من بينهم جميعاً أكثرهم صدقاً وإخلاصاً وغباءً أيضاً .

والسلام على من اتبع الهدى .