بسم الله الرحمن الرحيم
العنوان هو لإثارة البعض للدخول إلى هذا الموضوع والمشاركة في الحوار خاصة وأنه سيتضمن المزيد من الاستثارات
وبداية قصة الموضوع هو نقاشي مع أحد أقاربي حول مسألة زواج المسلمة بالمسيحي او اليهودي وهو يرى ان هذا جائز
والحقيقة أن حجته كانت قوية وافحمتني فبدأت بعدها البحث والتنقيب للتأكد
وهنا اود أن اضع نتائج بحثي وتنقيبي لكل ناقد منكم ولكل من له رأي حول خطوات بحثي
واريد من كل من يشارك أن يفتح سورة المائدة قبل كل شيء والتي فيها كل الاحكام التي سأنطلق منها في بحثي هذا
بسم الله الرحمن الرحيم اللهم ارنا الحق حقا وارزقنا اتباعه
بداية البحث هي في الآيات 4 & 5 من سورة المائدة:
يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُواْ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُواْ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (4) الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَن يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (5)
الآيات تتحدث عن الذين سألوا النبي عن ماذا يحل لهم فرد القرآن بسرد ماذا يحل لهم ومنها طعام الذين اوتوا الكتاب ونسائهم كما هو متعارف
ولكن البعض يرجع العطف في واو العطف في الجملة (وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ) على الجملة السابقة لها وهي (طَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ ) أي بمعنى "طعامكم والمحصنات من المؤمنات حل لهم" فأستدل بذلك على أنه يجوز للمرأة المسلمة أن تتزوج بالكتابي مثلما يجوز للرجل المسلم أن يتزوج بالكتابية
سأسترسل في البحث على اساس أن هذا الكلام صحيح .. وسأواصل القراءة في السورة ذاتها على هذا الاساس .. وسأعود للآية في نهاية البحث
************************************************** ************
في الآية 67 & 68 يقول المولى عز وجل : يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (67) قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّىَ تُقِيمُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَلاَ تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (68)
هنا أمر من الله سبحانه وتعالى لنبيه بأن يخاطب أهل الكتاب بأنهم ليسوا على شيء حتى يقيموا التوراة والانجيل واحكامها وإلا فإنهم ليسوا على شيء .. واتبعها بالآية (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالصَّابِؤُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ) وفي هذا دليل أنه إذا اقاموا التوراة والانجيل واصبحوا يهودا ونصارى حقيقيين كما ارادهم موسى وعيسى فهم لا خوف عليهم ولا هم يحزنون
أما من لم يقم التوراة والانجيل الحقيقيين الذين يدعون أن عيسى ابن الله فالحكم فيهم جاء لاحقا في الآية 73 حين قال: (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ (72) لقد كفر الذين قالوا ان الله ثالث ثلاثة وما من اله الا اله واحد وان لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب اليم (73) أَفَلاَ يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (74) مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (75)
إذا فقد وصف القرآن المسيحيين القائلين بأن المسيح ابن الله أو القائلين بالثالوث بأنهم كفار وليسوا نصارى وفي الآية السابقة رقم 68 يقول لهم الرسول بأمر من الله انهم ليسوا على شيء حتى يقيموا التوراة والانجيل التي فيها بأن عيسى رسول الله وليس ابن الله
وهذا كله يدل على أن النصارى وأهل الكتاب المقصودين في آية تحليل الزواج منهم ليسوا القائلين بالثالوث بل المسيحيين واليهود الحقيقيين الذين على دين موسى وعيسى
دليل آخر يدعم هذا القول هي الآية من نفس السورة رقم 82 حين قال الولى عز وجل: (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ (82) وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (83) وَمَا لَنَا لاَ نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَن يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ (84) فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُواْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاء الْمُحْسِنِينَ (85)
لحظوا معي هذه الآية .. هو يقول بأن اقرب الناس للذين آمنوا هم النصارى .. وبدأ في وصف النصارى بأنهم إذا سمعوا من أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع .. أي رسول يقصد هنا ؟؟ إذا قلنا بأنه يقصد الرسول عيسى فنصارى الايام هذه ليس لديهم ما انزل على عيسى .. فانجيلهم الآن أو ما يسمى بالعهد الجديد عبارة عن سرد لسيرة المسيح عن طريق اصدقائه . مثل السيرة النبوية .. إذا فالمقصود هنا هم المسيحيين الذي يستمعون إلى الانجيل الحقيقي الذي نزل على عيسى عليه السلام
وبناءا على أعلاه فإن مسيحيي هذا العصر لا يعتبرون مسيحيين حقا بل كفار ينطبق عليهم قول الله سبحانه في الآية 221 من سورة البقرة: ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولامة مؤمنة خير من مشركة ولو اعجبتكم ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو اعجبكم اولئك يدعون الى النار والله يدعو الى الجنة والمغفرة باذنه ويبين اياته للناس لعلهم يتذكرون
************************************************** ************
وللعلم . اخبرني اليوم أحد الاصدقاء أنه قابل المانية مسيحية تقول بأن عيسى رسول وأن الله لا ولد له وتؤكد له بأن طائفتها كلها تقول بهذا وللأسف لم يسعفني صديقي باسم الطائفة هذه . فهذه الطائفة يجوز التزاوج منهم أما خلافهم من المسيحيين الكاثوليك والبروتستانت القائلين بأن عيسى ابن الله فلا يجوز التزواج منهم لانهم بمثابة الكفار وليسوا أهل كتاب
************************************************** ************
أعود للآية الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَن يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ
الآية جائت في سياق الرد على سائلي النبي عما يحل لهم .. فعدد لهم ما يحل لهم أدخل في الوسط فائدة أن طعامنا يحل لأهل الكتاب حتى لا نمنعهم من زرعنا وثمارنا والأكل مما نأكل في إطار التعايش السلمي في مجتمع واحد .. ولكنه لم يدخل نسائنا بل جائت الجملة (وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ) في إطار المحللات للسائلين وليس لأهل الكتاب
وإلا لكان قال: وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ حِلُّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ
أي أنه كان وضع المحصنات من المؤمنات قبل (حِلُّ لَّهُمْ) ولكنه جاء بهن بعدها لأنه عاد إلى سياق تعديد المحللات للسائلين وختم المحلل لأهل الكتاب بكلمتي (حِلُّ لَّهُمْ) وبذلك فإنه يحل لأهل الكتاب أكل طعامنا ولا يحل لهم نسائنا
************************************************** ************
نتائج البحث بالنسبة لي: الزواج بالكتابيات حلال . ويشترط في الكتابية أن تؤمن بأن عيسى رسول الله وليس ابن الله وإلا فلا يجوز الزواج منها
وهذا هو رأي الزيدية كذلك
تحياتي
Bookmarks