قرأت هذي المقالة وحبيت اشارك فيها
..........................................
طفولة بائسة بين جدران مظلمة
تنتاب الحسرة أطفال العراق وهم يشاهدون سواهم من أطفال العالم عبر شاشات الفضائيات يمرحون ويلعبون ويتسوقون مع ذويهم أثناء الإجازة الصيفية, في حين لا تتوفر لهم حتى أساسيات الحياة.
على أن هذا ليس وحده ما يؤرق أطفال العراق الذين يعيشون ضغوط عامين من الحرب المستمرة بكل الأشكال, وقبلها أعوام طويلة من حصار أتى على كل شيء ولم يبق لهم من الطفولة إلا رسمها.
فالكثير من الأطفال في العراق لا يستطيعون الخروج من منازلهم بسبب خوف أولياء أمورهم عليهم من غدر الرصاصات الطائشة التي انفلتت من عقالها بلا رحمة لتصيب من تصادفه في أي مكان. ويعبر الكثير من الأطفال للجزيرة نت عن شعور بالحزن للقيود التي فرضت عليهم بسبب ظروف الأمن الذي عز وجوده فيما بات يعرف بالعراق الجديد.
لا يعرفون لماذا عوقبوا
وبدورهم لا يرى الآباء والأمهات إلا البيت ملاذا أخيرا يحمي فلذات أكبادهم من القتل أو الخطف الذي أصبح ظاهرة لا تفرق بين أولاد الأغنياء والذوات أو أولئك الفقراء والبسطاء الذين لا يملكون إلا قوت يومهم أو بعضه.
ويقول ليث حمد (11 عاما) للجزيرة نت "عندما كنت في المدرسة كان أبي يأخذني حتى بابها وعندما يحين وقت العودة تأتي أمي كي تصطحبني إلى البيت, وهم يقولون دائما إنتبه إلى اللصوص ولا تستجب لأي شيء يطلب منك". ويضيف أنه رغم إنهائه العام الدراسي بنجاح إلا أنه يجد نفسه مسجونا داخل البيت لا يستطيع الخروج منه حتى إلى بيت صديق. و"حتى الخروج مع أمي وأبي أصبح صعبا لأنهما يقولان لي دائما لا يوجد مكان أو متنزه آمن يمكن الذهاب إليه".
ورغم هذه الصورة القاتمة إلا أن هناك بصيص أمل يمكن معه تمضية الوقت في الإجازة الصيفية. إذ توجد منذ سنوات دورات تحفيظ القرآن الكريم التي اعتاد معظم العراقيين إرسال أولادهم إليها في الإجازات الصيفية بهدف تعليمهم آداب الإسلام وتلاوة القران الكريم.
ورغم أن هذه الدورات توفر الكثير من الراحة للأطفال كونها تعقد في بيوت الله إلا أن القائمين عليها يشكون من قلة إقبال الطلاب عليها.
يحملون أعباء الكبار
ويقول علي عامر العاني وهو أحد مدراء الدورات القرآنية في بغداد إنهم كانوا يستقبلون قبل أربعة أعوام ما يقرب من خمسمائة طالب وطالبة ويقومون بتوزيعهم على مجاميع كثيرة حتى أن المسجد يضيق بهم أما الآن فمعظم الذين سجلوا فيها لا يزيد على المائة طالب وطالبة وربما يتناقص العدد.
أما لماذا انفض الطلاب والأطفال عن هذه المنتديات القرآنية واستمرار تناقص أعداد روادها, يجيب العاني بالقول "السبب واضح فالمشاكل الأمنية وحالات الخطف المتزايدة تجعل من الآباء والأمهات يحسبون ألف حساب قبل إخراج أولادهم من المنزل لأنهم يؤثرون السلامة لأولادهم على التعلم رغم أنهم يتمنون حضور الأطفال هذه الأماكن".
وغير المساجد ودورات القرآن هناك أحواض السباحة التي تلائم الصيف وأجواءه الحارة في العراق. إلا أن العديد من تلك الأحواض أغلق بسبب التطورات الأمنية, حيث أصابت العديد من القذائف الصاروخية مسبح الرشيد غرب بغداد في واحدة من المواجهات التي وقعت بين مقاتلين وقوات أميركية وحكومية.
كما أن النقص الحاد في مياه الشرب في العراق ترك أثره على العديد من المسابح ما اضطرها للإغلاق عددا من الأيام كي تتمكن من ملء أحواضها بالمياه. أما الكهرباء فهي قصة أخرى تضاف لانعدام مياه الشرب والأمن وسائر ما تواضع عليه الناس في حياتهم العادية.
وسط هذه الدوائر المغلقة يعيش أطفال العراق أو يسجنون دون رؤية القليل من بصيص الأمل.
المصدر: الجزيرة
Bookmarks