بالله عليك كيف تحس أنك منتميا ً إلى وطن , لم يحترمك منذ نعومة اظفارك فعندما تعيش الفقر والجوع والتشرد وأنت صغيرا ً , ولا تملك ثمن القلم والكتاب وأنت يافعا تحرم من ارتداء القميص الجديد شابا ً ويحرمونك من إكمال الدراسة كونك خا ئنا ً لعصابتهم وتحرم من العمل , لأنك خطر على أمنهم فقط لأنك رفضت أن تتعامل مع اللصوص الذين يسرقون ما كنت تعتقد أنه وطن وبعد أن تعمل بعد جهد جهيد يضّيقون عليك الخناق – ويتراهنون على حبسك ويحاولون بكل ما يملكون من قدرات وخبرات بوليسية من جعلك تحت المراقبة بشكل دائم ويستدعيك أمن ليحيلك إلى آخر – ويعيشونك في ظروف كابوسية ويجعلون كل الذين يحيطون بك يخشونك لأنك خطر على أمن الدولة أو كافر ملحد وأنت تسير بعناد لا تنوي على شيء تحارب الجميع وتهاجمهم بكل ما تستطيع وتستمر في فضح عوراتهم 0 إذا كنت في وطن لا تملك فيه بيتاً وأنت تعرف أن (( الذي ليس له بيت ليس له وطن ) ) أمام هذه الحياة الكابوسية كيف تشعر أنك تعيش بوطن وهل الذي تعيش فيه هو وطنك أم وطنهم – وهل صحيح أن في كل وطن وطنان – وطن الظالمين ووطن المظلومين – أمــًّا أنت فلست مظلوما ً ولست ظالما ً بل أنت مسحوق ومقهور حتى الموت أنت , مقهور بأحاسيسك ومشاعرك 0 وبإنسانيتك التي يسحقونها في كل لحظة وتشعر أن عظامك تسحق أمام بلطجيتهم ولا أحد يشعر بك 0 إذهب إلى موتك أو- موتك فأنت حر بأن تختار شكل السجن الذي تعيش فيه , إما سجن الزنزانة أو سجن الوطن , الرياء والنفاق والمخبرون يطاردونك في كل مكان في العمل وفي الشارع وفي الحديقة العامة وشيئان يجب أن يصمتا والى الأبد – لسانك وقلمك – ومطلوب دائما ً إنسانيتك هذه الإنسانية المهانة أو تصبح مهدور دمك مثل الآلاف الذين حرموهم حق المواطنة أو منعوا عنهم الحقوق المدنية أي أناس لا تعترف بهم سلطة القمع لأنهم معادون للدولة وهم أكثر الناس أخلاصاً للوطن لذا يدفعون الضريبة فالدولة زائلة بمؤسساتها أية دولة لكن الوطن باق ٍِ بناسه وأحجاره وأنهاره فهم لا يهمهم الوطن بل كل الذي يهمهم هو الدولة لأنها تمثل لهم السلطة 0 فهل الوطن هو هذه الجغرافيا الممتد من المهد إلى اللحد 0 أم هذا البؤس الإنساني والنفسي الذي يخلقه لك هؤلاء الذين يسمون أنفسهم حكام والذين سنوا قوانين لا علاقة لك بها وأجبروك على أن تسير تحت ظلالها وإلا فأنت عا ق والويل لك والثبور وعظائم الأمور 0
إذن هل فعلا ً هذا هو وطنك – بيتك الآمن – الذي يقذف عليك بالعقارب والحَّياة – و يتركك نهبا ً للعوز والتشتت والقهر – ويُفرّخ من حولك بصئبان الذل والمخبرين و مدعي الضمير كيف تعيش في بلد انهارت فيه الأسرة والأخلاق والقيم والروابط وأصبح المال سيد القيم – والفائدة والمصلحة هي التي تربط البشر 0 وسلطة وضعت على كل ّ مخبر مخبر والوطن غنيمة للقادر والمحتال والقواد – وإذا ما اشتكيت من أمر ما لسان حال الجميع يقول لك " دَبّر حالك " فهل من أحد يدبر لي حالي في هذا القبر المظلم الذي اسمه وطن 00
Bookmarks