لافتـــــ أحمـد مطـــــر ــــــات>>>
" " هذا شاعر لا يرتدي السموكن. لا يسكن القصور ولا يرتادها. لا يستلهم الوحي من تعاطي عقاقير الهلوسة أو كؤوس المنكر. لايملك رصيداً في البنوك، لكنه من أصحاب الملايين في بورصة الكلمة. لا يملك عقارا محددا بعينه، لكنه سجل على اسمه ملكية أراضي الأوطان العربية كلها في "السجل الشعري" لا في السجل العقاري. لايهوى السياحة والتنقل في مقاعد الدرجة الأولى، ولا يسافر إلاّ إذا كان مرغماً على التسفير، ولا يرحل إلا إذا كان مجبراً على الرحيل. ومع ذلك فهو يرحل كل يوم إلى كل الضمائر ويسافر إلى كل القلوب بجواز سفر اسمه " لافتات" ، أصدرته دولة اسمها الشعر، وختمته بخاتم اسمه الموهبة، وأرفقته بعبارة "رجاء تسهيل مهمة حامله" ...
من مقالة للأستاذ رؤوف شحوري
--------------------------------------
مدخـــــــل
سبعون طعنه هنا موصولة النزف
تبدى ... ولا تخفى
تغتال خوف الموت فى الخوف
سميتها قصائدى
و سمها يا قارئى : حتفى
وسمنى .. منتحرا بخنجر الحرف
لأننى , فى زمن الزيف
و العيش بالمزمار والدف
كشفت صدرى دفترا
و فوقه
كتبت هذا الشعر بالسيف
----------------------------
قلـم
جسَّ الطبيبُ خافقـي
وقـالَ لي :
هلْ ها هُنـا الألَـمْ ؟
قُلتُ له: نعَـمْ
فَشـقَّ بالمِشـرَطِ جيبَ معطَفـي
وأخـرَجَ القَلَــمْ!
**
هَـزَّ الطّبيبُ رأسَـهُ .. ومالَ وابتَسـمْ
وَقالَ لـي :
ليسَ سـوى قَلَـمْ
فقُلتُ : لا يا سَيّـدي
هـذا يَـدٌ .. وَفَـمْ
رَصـاصــةٌ .. وَدَمْ
وَتُهمـةٌ سـافِرةٌ
.. تَمشي بِلا قَـدَمْ !
----------------------------
قطع علاقـة
وضعوا فوق فمى كلب حراسه
و بنوا للكبرياء
فى دمى , سوق نخاسه
و على صحوة عقلى
أمروا التخدير أن يسكب كاسه
ثم لما صحت :
قد أغرقتنى فيض النجاسه
قيل لى: لا تتدخل فى السياسه
تدرج الدبابة الكسلى على رأسى
الى باب الرئاسه
و بتوقيعى بأوطانى الجوارى
يعقد البائع و الشارى مواثيق الخناسه
و على أوتار جوعى
يعزف الشبعان ألحان الحماسه
بدمى ترسم لوحات شقائى
فأنا الفن.. وأهل الفن ساسه
فلماذا أنا عبد و السياسون أصحاب قداسه؟
قيل لى لا تتدخل فى السياسه
شيدوا المبانى... و قالوا
أبعدوا عنه أساسه
أيها السادة عفوا
كيف لا يهتز جسم
عندما يفقد رأسه
-------------------------------
دمعة على جثمان الحرية
أنـا لا أكتُبُ الأشعـارَ
فالأشعـارُ تكْتُبـني
أُريـدُ الصَّمـتَ كي أحيـا
ولكـنَّ الذي ألقـاهُ يُنطِقٌـني
ولا ألقـى سِـوى حُزُنٍ
على حُزُنٍ
علـى حُزُنِ.
أَأكتُبُ "أنّني حيٌّ" على كَفَني؟
أَأكتُبُ "أنَّني حُـرٌّ"
وحتّى الحَرفُ يرسِـفُ بالعُبوديّـهْ؟
لقَـدْ شيَّعتُ فاتنـةً
تُسمّى في بِـلادِ العُربِ تخريبـاً
وإرهـاباً
وطَعْناً في القوانينِ الإلهيّـهْ
ولكنَّ اسمَهـا
واللـهِ
لكنَّ اسمَها في الأصْـلِ
.. حُريّــهْ !
------------------------------------
أمس اتصلت بالأمل
قلت له: هل ممكن
أن يخرج العطر لنا
من الفسيخ والبصل؟
قال: أجل.
قلت: وهل يمكن أن
تُشعل نار بالبلل؟
قال: بلى.
قلت: وهل من حنظل
يمكن تقطير العسل؟
قال: نعم.
قلت: وهل
يمكن وضع الأرض
في جيب زحل؟
قال: نعم.. بلى.. أجل.
فكل شيء محتمل
قلت: إذن عربنا
سيشعرون بالخجل.
قال: تعال ابصق على وجهي
إذا هذا حصل!
--------------------------------
عقوبات شرعية
بتَرَ الوالـي لساني
عندما غنّيتُ شِعْـري
دونَ أنْ أطلُبَ ترخيصاً بترديدالأغاني
**
بَتَرَ الوالي يَـدي لمّـا رآني
في كتاباتيَ أرسلتُ أغانيَّ
إلى كُـلِّ مكـانِ
**
وَضَـعَ الوالـي على رِجلَيَّ قيداً
إذْ رآني بينَ كلِّ الناسِ أمشي
دونَ كفّـي ولسانـي
صامتـاً أشكـو هَوانـي.
**
أَمَـرَ الوالي بإعدامـي
لأنّـي لم أُصَـفّقْ
- عندما مَرَّ -
ولَـم أهتِفْ..
ولَـمْ أبرَحْ مكانـي !
------------------------------------
التهمة
كنتُ أسيرُ مفـرداً
أحمِـلُ أفكـاري معـي
وَمَنطِقي وَمَسْمعي
فازدَحَمـتْ
مِن حَوْليَ الوجـوه
قالَ لَهمْ زَعيمُهم: خُـذوه
سألتُهُـمْ: ما تُهمتي؟
فَقيلَ لي:
تَجَمُّعٌ مشبــوه!
-------------------------------
ثورة الطين
وضعوني في إنـاءْ
ثُمّ قالوا لي : تأقلَـمْ
وأنا لَستُ بماءْ
أنا من طينِ السّمـاءْ
وإذا ضـاقَ إنائـي بنمـوّي
..يتحطّمْ !
**
خَيَّروني
بَيْنَ مَوتٍ وَبَقاءْ
بينَ أن أرقُـصَ فوقَ الحَبْلِ
أو أرقُصَ تحتَ الحبلِ
فاخترتُ البقـاءْ
قُلتُ : أُعـدَمْ.
فاخنقـوا بالحبلِ صوتَ الَببَّغـاءْ
وأمِـدّوني بصمـتٍ أَبَـديٍّ يتكلّمْ !
-----------------------------------
انحناء السنيلة
أنا مِـن تُرابٍ ومـاءْ
خُـذوا حِـذْرَكُمْ أيُّها السّابلهْ
خُطاكُـم على جُثّتي نازلـهْ
وصَمـتي سَخــاءْ
لأنَّ التُّرابَ صميمُ البقـاءْ
وأنَّ الخُطى زائلـهْ.
ولَكنْ إذا ما حَبَستُمْ بِصَـدري الهَـواءْ
سَـلوا الأرضَ عنْ مبدأ الزّلزلهْ !
**
سَلـوا عنْ جنونـي ضَميرَ الشّتاءْ
أنَا الغَيمَـةُ المُثقَلهْ
إذا أجْهَشَتْ بالبُكاءْ
فإنَّ الصّواعقَ في دَمعِها مُرسَلَهْ!
**
أجلً إنّني أنحني
فاشهدوا ذُلّتي الباسِلَهْ
فلا تنحني الشَّمسُ
إلاّ لتبلُغَ قلبَ السماءْ
ولا تنحني السُنبلَهْ
إذا لمْ تَكُن مثقَلَهْ
ولكنّها سـاعَةَ الإنحنـاءْ
تُواري بُذورَ البَقاءْ
فَتُخفي بِرحْـمِ الثّرى
ثورةً .. مُقْبِلَـهْ!
**
أجَلْ.. إنّني أنحني
تحتَ سَيفِ العَناءْ
ولكِنَّ صَمْتي هوَ الجَلْجَلـهْ
وَذُلُّ انحنائـي هوَ الكِبرياءْ
لأني أُبالِغُ في الإنحنـاءْ
لِكَي أزرَعَ القُنبُلَـهْ!
--------------------------------
الـزّار
هُـوَ ذا المَولى زارَ الـدّارْ .
وعلى العـادةِ .. دارَ الـزّارْ !
**
المَـولى جـاءَ لِيُنقِـذَنا
مِـن سَـطوَةِ جِنـّيٍّ فـارْ
يتَنكَّـرُ فـي هَيئـةِ فـارْ .
المَـولى يَنجُـرُ مِصْيـدَةً
هِـيَ أكبـرُ مِـن حَجـمِ الدّارْ !
والشَّطْـحُ حَـوالَيـهِ مُثـارْ :
صَـفٌّ يَرتابُ بمطـرقَةٍ
تَسـحقُ ناصِيـةَ المِسـمارْ .
صَـفٌّ يلتـاعُ لأخشـابٍ
يَذبحُهـا حَـدُّ المِنشـارْ .
لكـنْ ما مِـن رَيْـبٍ أبَـداً
فـي ما يفعَلُـهُ النَجّـارْ !
**
دارَ الـزّارْ .
القتلى وَقفـوا فـي صَـفٍّ
والمَـوتى وَقفـوا فـي صَـفْ
وَعـلـى حُمّـى نَقْـرِ الدَّفْ
حَمِيَتْ شَطَحاتُ الأذكـارْ .
وَرمَتْهُـمْ خَلْـفَ الأسـوارْ .
( حَـيٌّ حَـيٌّ حَـيٌّ حَـيْ )
داروا فـي الحَـيِّ بـلا وَعْـيٍ
ودُوارُ الـزّارِ بِهِـمْ دارْ .
( حَـيٌّ حَـيٌّ حَـيٌّ حَـيْ )
صـاروا خـارِجَ كُـلِّ الحَـيْ ..
والمَـولى استأثَرَ بالـدّارْ !
**
دارَ الـزّارْ .
صَـفٌّ يَشْـطَحُ : يا أشـرارْ
النّـارُ النّـارُ ولا العـارْ .
صَـفٌّ يَشْـطَحُ با ستنكارْ :
النّـارُ مَصيـرُ الكُفّـارْ .
والمَـولى يَمتَـحُ مِـن بئـرٍ
وَيَصُـبُّ الزَّيـتَ علـى النّـارْ .
فـإذا اشتعَـلوا فيهـا وَجْـداً
واحتَرقـوا وانطفـأوا جِـدّاً
أورثَ لِلبئـرِ بَقاياهـُمْ
واستَوْرثَ بـاقـي الآبـارْ !
**
حِيـنَ سيَهـدَأُ صَـوتُ الـزّارْ
وتُجَلّـى كُـلُّ الأسـرارْ
سَـوفَ يَـرى المَوتى والقَتْـلى
أنَّ الجِنِّـيَّ هُـوَ المَـولى !
فَهُنـا أدّى، وَهُنـا أمْـلى
وَهُنـا صَـلّى، وَهُنـا أصْـلى
وَتَقمَّـصَ كُـلَّ الأدوارْ .
وسَتغـدو الـدّارُ إذا وَلّـى
مَقبـرَةً .. لا تَقبَـلُ إلاّ
مَـن يَقْبَـلُ دَفْـعَ الإيجـارْ !
---------------------------------
الثور والحظيرة
الثورُ فرَّ من حظيرةِ البقـرْ
الثورُ فـرً.
فَثارتْ العُجـولُ في الحَظيرهْ
تبكي فِـرارَ قائدِ المَسيرهْ.
وشُكِّـلتْ على الأَثَـرْ
مَحكَمـةٌ.. ومؤتَمـرْ.
فقائلٌ قالَ : ٌقَضـاءٌ وَقَـدَرْ
وقائلٌ: لقَـدْ كَفَـرْ
وقائلٌ: إلى سَـقَرْ
وبعضُهمْ قالَ: امنَحـوهُ فرصَـةً أخـيرهْ
لَعَلّـهُ يعـودُ للحظـيرهْ.
وفي خِتـام المؤتَمــرْ
تقاسَمـوا مَرْبِطَـهُ..وجَمّـدوا شَعيرَهْ
**
وبعـدَ عامٍ وقَعَتْ حادِثَـةٌ مُثيرهْ
لم يَرجِـعِ الثَّـورُ
ولكـنْ
ذَهَبتْ وراءهُ الحَظـيرهْ!
------------------------------
نهاية المشروع
أحضِـرْ سلّـهْ
ضَـعُ فيها " أربعَ تِسعاتٍ "
ضَـعُ صُحُفاً مُنحلّـهْ .
ضـعْ مذياعاً
ضَـعْ بوقَـاً، ضَـعْ طبلَـهْ .
ضـعْ شمعاً أحمَـرَ،
ضـعْ حبـلاً،
ضَـع سكّيناً ،
ضَـعْ قُفْلاً .. وتذكّرْ قَفْلَـهْ .
ضَـعْ كلباً يَعقِـرْ بالجُملَـهْ
يسبِقُ ظِلّـهْ
يلمَـحُ حتّى اللاأشياءَ
ويسمعُ ضِحـْكَ النّملَـهْ !
واخلِطْ هـذا كُلّـهْ
وتأكّـدْ منْ غَلـقِ السّلـهْ .
ثُمَّ اسحبْ كُرسيَّاً واقعـُـدْ
فلقَـدْ صـارتْ عِنـدَكَ
.. دولَـهْ !
---------------------------------
المتهم
كنت أمشي في سلام…
عازفاً عن كل ما يخدش
إحساس النظام
لا أصيخ السمع
لا أنظر
لا أبلع ريقي…
لا أروم الكشف عن حزني…
و عن شدة ضيقي…
لا أميط الجفن عن دمعي.
و لا أرمي قناع الابتسام
كنت أمشي… و السلام
فإذا بالجند قد سدوا طريقي…
ثم قادوني إلى الحبس
و كان الاتهام…:
أنّ شخصاً مر بالقصر
و قد سبّ الظلام
قبل عام…
ثم بعد البحث و الفحص الدقيق…
علم الجند بأن الشخص هذا
كان قد سلم في يومٍ
على جار صديقي…
-----------------------------
الدولة الباقية
ليسَ عندي وَطَـنٌ
أو صاحِـبٌ
أو عَمَـلُ.
ليسَ عِنـدي مَلجَـاٌ
أو مَخْبَـأٌ
أو مَنزلُ.
كُلُّ ما حَوْلـي عَـراءٌ قاحِـلُ
أنَا حتّى مِـن ظِـلالي أعْـزَلُ
وأَنـا بَيْنَ جِراحـي وَدَمـي أنتقِلُ
مُعْـدِمٌ مِنْ كُلِّ أنـواع الوَطَـنْ !
**
ليسَ عِنـدي قَمَـرٌ
أوْ بارِقٌ
أو مِشْعَلُ.
ليسَ عِنــدي مَرقَـدٌ
أو مَشْـرَبٌ
أو مَأْكَـلُ.
كُلُّ ما حوليَ ليْلٌ أَلْـيَلُ
وَصَبـاحٌ بالدُّجـى مُتّصِـلُ.
ظامـىءٌ ..
والظَمـأُ الكاسِـرُ منّي يَنْـهَلُ
جائِـعٌ ..
لكنّنـي قـوتُ المِحَـنْ!
**
عَجَـباً !!
مَا لِهـذا الكَـونِ يَحُبـو
فوقَ أهدابـي إذَنْ ؟!
ولِماذا تَبحثُ الأوطـانُ
في غُربَـةِ روحي عـن وَطَـنْ ؟!
ولِمـاذا وَهَبـتني أمرَهـا كّلُّ المسافاتِ
وألغى عُمْـرَهُ كّلُّ الزّمَـنْ ؟!
ها هـوَ المنفى بِـلادٌ واسِعَـهْ !
والمفازاتُ حُقـولٌ مُمْـرِعَـهْ !
وَدَمــي مَـوجٌ شَقِـيٌّ
وجِراحـي أَشْـرِعَـهْ !
وَانطِفائي يُطفـىءُ الّليلَ وبي يَشْـتَعِلُ !
وَفَـمُ النّسيانِ
عنْ ذِكـرى حُضـوري يَسـألُ
هلْ عَـرى باصِـرةَ الأشياءِ حَوْلي الحَـوَلُ ؟
أمْ عرانـي الخَـبَلُ ؟!
لا ..
ولكِـنْ خانَـني الكُلُّ
وما خـانَ فـؤادي الأَمَـلُ !
**
ما الذي ينقُصُني
مادامَ عِـندي الأمَـلُ ؟
ما الذي يُحزنُني
لو عَبسَ الحاضِـرُ لي
وابتسَـمَ المُسـتَقبَلُ ؟
أيُّ مَنفى بِحضـوري ليسَ يُنفى ؟
أيُّ أوطـانٍ إذا أرحَلُ لا ترتَحِـلُ ؟!
**
أنَـا وحـدي دَوْلَـةٌ
مادامَ عِنـدي الأمَـلُ.
دولـةٌ أنقى وأرقـى
وستبقـى
حينَ تَفـنى الدُوَلُ !
___________________
Bookmarks