غادريني ايتها الأحلام الوردية ، غادريني كما غادرت الحياة وجهي وأصابته بالشحوب ، غادريني كما غادر الحب كوكب الأرض وأصابه بالمجون ، غادريني فلستُ أرى سوى أشواكٌ عالقة في الحلق ، لا هي سمحت لي أخذ جرعة ماء مرة كل اسبوع !!! ، ولا هي سمحت لي أن ابتلع ريقي بسكون !!!
أيا أحلامي البلهاء !!!
أي سماء ينهمر منها الغيث !!!
وأي أرض ينبتُ فيها الزهر !!!
كيف أقوى على حملك وأنا أسير فوق بشاعة الأيام !!!
بالأمس رثيتُ حال بائع الجريده ، ذلك الفتى الصغير ، على أحد أرصفة مدينتي التي تفقه العربية ، كنتُ أحدثه دوماً عن حكايات الكفاح ، اشتري منه الجريده كل يوم ولا أقرأها بل على بعد خطو ات أهديها للمطعم المجاور، كنتُ أحسب بهذا أني أريح ضميري ، وأؤدي واجب إنساني تجاه هذا الفتى الذي قذفه المجتمع ـ بلا رأفة ـ إلى الرصيف ، ليشاهد عياناً أقرانه وهم عائدون من المدارس كل مساء ، دون أن يلتفت إليه أحد ، أو يشعر بمعاناته الآخرين ، أو على الأقل يقومون بإنهاء تلك الصحف التي يعود في نهاية اليوم ولم يبتاع منها إلاّ القليل ، والقليل جداً ، كنتُ أعلم في قرارة نفسي أنهُ أفضل مني بكثير ، إذ أنهُ مازال يبتسم رغم الغصّة !!!
واليوم وعلى هذا الرصيف الموحش والغريب ، أرثي حالي أنا ، فأنا دفعت كل ماتبقى من ابتساماتي ، مقابل القليل من الهواء ، لأنه سرعان مااكتشف اني لا احمل جيوباً اصلاً فسلبني كل ابتساماتي ، ليدعني اتنفس بسلام !!!
أعلم أنهُ لو كان مكاني لأستطاع بلغة الزمان والمكان أن يصادق هذا الرصيف ليمنحه سعادة دون أن يسلبه تلك الإبتسامة البرئيه ، يالتعاستي نسيت أن أسئل ذلك الفتى عن أساليب البقاء !!!
Bookmarks