من تلميذ...إلى معلمته
بقلمي /عمر محمد إسماعيل
وجدت حبك عاريا مشردا
فأسكنته كوخ عيوني..
ونسجت له معطفا..
من الأهداب والحواجب
جعلته مواطنا في دولتي
فاجتاح أسوار حصوني
واستولى على..
أعلى العروش والمناصب
عينته سلطاني
ألبسته تيجاني
وحرسته بأضخم الجيوش والكتائب
أرسلت أجمل أحصنتي ترافق ظله
أرسلت خلفه الجواري
والحراس والمواكب
تتلمذت على يديه سنيناً..
فكنت أنا تلميذه المجتهد المواظب
ذاكرت جميع دروسه
مارست كل طقوسه
اعتنقته بمختلف الأديان والمذاهب
قرأته بكل اللكنات واللغات
قرأته من كل الزوايا والجهات
قرأته من اليمين
قرأته من اليسار
قرأته من كل ناحية وجانب
كنت استيقظ من سريري باكرا
لأصل قبل جميع الطلبة
احمل أقلام حبر ورصاص
احمل علب الألوان
احمل دفاتري وكتبي
وأكدسها جميعها بداخل الحقائب
اخرج من بيتي منتشيا
وأتسلل إلى صفه خلسة
كطالب مشاغب
أتسلل إلى حدائقه الملونة
أتسلق الأسوار
اختبئ خلف الغصون
والأشجار كالسناجب
يا معلمتي..
إني أطعت أوامر حبك كاملة
دونت كل الكلمات
لبيت كل الرغبات والمطالب
يا معلمتي...
إني فعلت لأجل حبك ما لا يستطيع
فعله أي تلميذ وطالب
أتقنت دوره ببراعة فائقة
وأظهرت كل ما لدي
من جنون وفنون ومواهب
اتخذته صديقا مقربا
وأقعدته بجانبي
خبئت له الكعك والحلوى في أجيبي
علبت له السماء..
وغلفتها بآلاف الغيوم والنجوم والكواكب
دونت ألف ملاحظة في دفتري
نفذت كل فرض
وأنجزت كل واجب
حضرت في عطلة الأسبوع حتى
حضرت في الأعياد والميلاد
ولا أتذكر_قط_ أنني..
قد تخلفت عنه غائب
حتى أنني ادخرت
مصروفي اليومي عاما كاملا
خبأته على الرفوف
خبأته في أدراج الدولاب والمكاتب
وحين جاء عيد العاشقين أخرجته
وابتعت لحبك عشرات الألعاب والهدايا
ابتعت للأسماك حوض من زجاج ومرايا
ابتعت للأواني زهورا..
وابتعت قفصا للحمام والأرانب
يا معلمتي إنني
عاملت حبك مثل الإله
رددته قبل الصلاة
رددته بعد الصلاة
اغتسلت بمائه..
وفي محرابه بكيت مثل راهب
اعتكفت عليه فترة مؤبدة
حللت تركيباته الكيمائية المعقدة
وفي معمله الضخم..
أجريت أنجح البحوث والتجارب
فكيف بعد كل ما فعلته
من حماقات وجنون ومتاعب
كيف سقطت في اختبار حبك يا معلمتي
وكيف يا ترى..
أصبحت راسب
للقصيدة بقية.....
Bookmarks