بعض المناطق كانت تتراجع عن تزويج العريس الذي تفزعه الوخزة
وخز العريس اليمني بإبرة يحدد مدى شجاعته وقدرة تحمله
المصدر:صحيفة الوطن السعودية -الأربعاء 4 رجب 1428هـ الموافق 18 يوليو 2007م العدد (2483) السنة السابعة
صنعاء: نسيبة غشيم
تتمسك بعض الأسر في بعض المناطق اليمنية بعادات غريبة يتوارثونها وكأنها نوع من الطقوس التي لابد من أدائها لاكتمال المراسم. خاصة فيما يتعلق بعادات احتفالات الزفاف والتي من أغربها "وخز العريس" بإبرة بصورة خفيفة، وذلك أثناء انشغاله بالترحيب بضيوفه، أو التقاط الصور التذكارية، حيث يخفي أحد الضيوف إبرة صغيرة في جيبه، ويظل يطوف بها قريباً من العريس، ويتحين الفرصة حتى ينشغل جميع من هم حول العريس من أصدقائه وإخوانه ويصبح بدون حماية حينها يخرج إبرته من مخبئها ليخز بها العريس بصورة سريعة ومفاجئة.
فإذا تمكن منه وصرخ العريس أو صاح بأي كلمة فإن ذلك يعد من السلبيات وأنه ليس عريسا مكتملا، حتى إن رجولته مشكوك فيها، فقد عبر عن خوفه، في حين يفترض به الشجاعة التي تمكنه من تحمل المفاجأة ووخزة الإبرة الصغيرة.
وتنتشر هذه العادة في المناطق البعيدة من المدن، وأحياناً تنتقل إلى المدينة إذا كان العريس من أبناء مناطق يتبعون هذا التقليد الذي لم نجد له أي أساس عند محاولة البحث عنه.
يقول محمد عبد الإله الذي احتفل بزفافه قبل ثلاثة أعوام في قريته التابعة لمحافظة عمران اليمنية إنه فوجئ بوخزة إبرة مؤلمة يوم عرسه لم يكن يتوقعها، فقد تحلق حوله مجموعة من أصدقائه وأقاربه منذ صباح الزفاف، إلا أن أحد الضيوف تمكن من مغافلتهم، والوصول إلى خلفه، ووخزه بإبرة، ولأنها كانت على حين غرة فقد أخافته وصرخ أمام الضيوف، وهو ما جعلهم يقهقهون بالضحك، ويشعرونه بالإحراج، ويتهامسون بأنه لم يصمد أمام إبرة، فكيف بما هو أعظم.
أما قائد حسان فقد تمكن من النجاة من تلك الوخزة، وقال إنه طلب من أقاربه أن يمنعوا الاقتراب منه وقت الاحتفال، فكان منظره ملفتا للنظر، بعد أن اصطف وراءه صف طويل من الشباب بغرض حمايته من أولئك المعروفين بتحين الفرص للوخز بالإبر، والتي يخفونها في ثنايا ملابسهم، وهم في الغالب من كبار السن الذين لا يزالون يقدسون مثل هذه العادات، ويعتقدونها لعبة رائعة تكسبهم شهرة طريفة عند سكان مناطقهم، بأنهم تمكنوا من النيل من العريس، وكشف مدى شجاعته وتوقعه للمفاجأة.
تعرض محمد خالد إلى أكثر من وخزة يوم زفافه الذي تم قبل خمس سنوات، ولكنه كما قال لم يفزع أو يصح، حتى لا يشعر المعازيم، وهذا ما عرضه لأكثر من وخزة.
وقال خالد إنه كان يشعر بالألم طوال فترة الحفل، وظل يشعر به ليومين بصورة خفيفة في ظهره الذي تصدى لجميع الوخزات خلال انشغال أصحابه بالترحيب بالضيوف، فضلا عن الإرهاق النفسي كونه حاول الحفاظ على نفسه منتبها لأي محاولة.
يروي يوسف عبد الغني أن بعض المناطق كانت تتراجع عن تزويج العريس الذي تفزعه الوخزة، وتزيد أسرة العروس من شروطها عليه، وكأنه ارتكب خطأ يستحق عليه العقاب، لكن هذا انتهى، وبقيت العادة للطرافة دون عقاب للعريس الذي يصرخ ألماً.
وتتذكر سعاد التي تزوجت منذ سبع سنوات أن أقاربها جاؤوا إليها يوم زفافها، وأخبروها أن عريسها صاح وفزع عندما تعرض لوخزة الإبرة من أحد الضيوف، وأغضبها أنهم كانوا يبتسمون بسخرية، لكنها لم تتأثر بكلامهم، واعتبرت الأمر طبيعيا، فكل من يتعرض للوخز وهو غير منتبه لابد أن يفزع ويصرخ مهما كان شجاعا.
Bookmarks