الى القائد الجنوبي المنتظر*جلال عبدالله أحمد لا يختلف اثنان من أن الجنوب اليوم يعيش محنه حقيقية* تجلياتها متشعبة* والظروف المحيطة دقيقة ومعقدة* وحال شعبنا اليوم يدعونا الى نصرته في محنته* والقيام بعملية مراجعة شاملة* لكافة جوانب حياتنا وعلاقاتنا وما آلت إليه أحوالنا* وبالتالي مواجهة شجاعة مع مشاكلنا ومصارحة أمينة لشعبنا* الذي يجب بعد اليوم بأن لا تخدعه الشعارات* أو يعيش على وعود كاذبة* ولا تقوده الأوهام.. عندئذ وحتى لا يظل الجواد بلا فارس*
لا بد من مكاشفة صادقة لبعضنا* تطفو فيها الحقائق على الواقع* على أن يتم التعامل بشكل مباشر على قاعدة الوحدة الوطنية* كسبيل وحيد لوضع أقدامنا على بداية الطريق* باعتبار ما بني على باطل فهو باطل. لذلك يتوجب على الجنوبيين الاستفادة من دروس التاريخ* وما ينطوي عليها من تجارب* على أساس اعتبار الماضي ملكاً للجميع* ونرى أن صراعاته وتناحرا ته يجب أن تكون وراء الجميع* لا معهم ولا أمامهم* على نحو يؤدي الى تطهر أنفسنا من رواسب وعقليات وعلاقات الماضي المريضة* لان تلك العقليات والعلاقات قادتنا للأسف الشديد الى تضليلنا وعدم فهمنا عيوبنا* ثم تضخيم عيوب الآخرين* حتى وقعنا في المحظور.. كون التناغم كان مفقود بين مختلف العازفين* وأن أوهمنا تزامن العزف أثناء الأداء.. فالجنوب مهزوم وسيظل كذلك* وعلينا تحويل هزيمتنا الى وحدة وطنية حقيقية* تكرس انتفاضة عقولنا النائمة* ومشاعرنا المتبلدة* بعد أن حولنا الجنوب الى ساحة لتناحر فيما بيننا* تارة تحت شعارات وحدوية خادعة* وتارة أخرى تحت شعارات مغلفة بأسم المبدئية.
وما أن سلمت قياداتنا الجنوب في خدعة 22 مايو 1990م* حتى شرع الأباطرة الجدد كأباطرة من طراز جديد... شرعت أسلحتها في العمل كالبق الذي يمتص دم الضحية زاعما أنه يحررها من أعبائها* لذلك فقد قال الله في محكم كتابه المبين: { إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ } (الأنفال/22)* أن اليمنيين (الجمهورية العربية اليمنية) منذ دخولهم الجنوب* عملوا على زرع الكراهية والأحقاد والخصومات بين أبناء الوطن الواحد (الجنوبيين)* وصلت الأمور الى درجة غدت قيادات الجنوب السابقة واللاحقة عدو لبعضها البعض* أشد من عداوات خصومها عليها.. بينما هي دائماً تطير كالفراش حيث تحترق.. يتبادلوا القصف الإعلامي الشديد* والقصف الناري القبلي من مختلف أنواع الأسلحة* لتصفية حسابات قديمة وجديدة* بينما الاحتلال ورئيسه يحاول أن يجسد فكرة بأننا غير جديرين بوطننا.
إن الموت الحقيقي هو.. الفقر.. هو الاستكانة..* هو القعود.. هو الذل.. أنه الموت الذي لا يتغلب على الإنسان بفعل الموت* بل يتغلب عليه بسحقه وإذلاله.. والانسحاق هو هذا الموت البارد* الذي يخيم على الجنوب ويتغلغل في أيامه.. فلم يكتف المحتل على نهب الأرض ومصادرة كل ممتلكات دولة الجنوب سابقاً* وتوزيعها على المتنفذين* ومن ثم تمليك أرض الجنوب لليمنيين (الشماليين) الوافدين من العسكريين والمستوطنين الجدد* بل قام عن سبق الإصرار والترصد على نبش مقابر الشهداء* وأن شاء الله ستنبش على الاحتلال أبواب جهنم* علاوة على ذلك قام بالدوس على رقاب وأجساد الجنود الجنوبيين في المعسكرات دون أية مبررات أخلاقية أو قانونية أو إنسانية* كما رافق هذه العملية العبث بتاريخ الجنوب* بحيث عملوا على تغيير أسماء ألاماكن والمدن التاريخية* بأسماء مزيفة دون وازع من ضمير أو شرف. فالقطعان المهملة تدخل في أطار عهدة الذئاب المتوحشة* والقوى المشتتة والغير منظمة تجمع في حساب العدو.. رباه! لقد أمتد بنا العمر في رحلة التيه طيلة (17) عاماً في مجاهل حكم الجاهلية في اليمن* فمات في قلوبنا وضمائر الايمان بالحياة* حتى تحول الى كفر* جراء الظلم والتعسف والاستبداد للاحتلال.. فمتى نخرج من قمقم التيه والضياع كخروج موسى.. الجنوب كله اليوم في انتظار القائد الجنوبي الميداني الجسور الشجاع* الذي سيضع القرار التاريخي على الأرض لرفض الاحتلال* ليكون التجسيد الحقيقي العيني المعنوي في تاريخ تجديد مسيرتنا* وتقرير مصيرنا كرأس* لأنه لا جسد بدون رأس* على أن تكون أخلاقه وصفاته طبق الأصل عن ( المثال )* الذي يتصورونه أبناء الجنوب.. صورة تختلف شكلاً ومضموناً عن الصور المألوفة الحارقة* لا تشبه صورة مسؤول جنوبي سابق* وبالذات ممن تحولوا الى تجار عقارات* وملاك شركات* ويعيشوا في دول الخليج* ويتنقلوا بين مصر والشام.. في آخر طراوة.. يتصابون للتنافس في الزواج* يجددوا حياتهم* ومن ثم يعملوا لشعر رؤوسهم صباغة* ولا يسكنوا أو ينزلوا إلا في الفنادق العائمة في وسط البحر* والادهى من ذلك.. يجروا عمليات تجميلية على طريقة الشحرورة... رباه!
نحن في انتظار القائد الجنوبي المنتظر* لكي يحقق المعجزة* ولعل هذا القائد الذي ينتظره أبناء الجنوب* لتوحدهم و لخلاصهم* هو ذلك الرجل الصامت في عرينه* الذي فضل السكوت حتى الآن* فمن المتوقع الذي لا حيله لنا فيه* أن نظل ندور في حلقة مفرغة* كما نحن عليه الآن* مجرد لعبة يلعب بها النظام* ونهبة تنهب* كما قال أحمد حسن الزيات: ( حتى يبعث الله فينا القائد المنتظر* الذي ينتظره الناس كطلعة الشمس* وتنتظره الأرض كرجعة الربيع )* ليتولى مسؤولية تصحيح مسيرتنا والتحرك نحو العمل للم الشمل من الانقسام والتشتت* الى التضامن والوحدة.. لينقلنا من وضع الركود الى وضع الحركة* والعمل نحو آفاق المستقبل والتاريخ* ومن الهزيمة الى النصر* يعكس آمال وتطلعات شعبنا في تجسيد ورص صفوفنا في خوض صراع وطني طويل ومرير* وصولاً الى تحقيق هدفنا الكبير* وهو الاستقلال الثاني.. اللهم يا عليم يا قادر نسألك بعظمتك* عجل بالقائد الهمام البطل الملهم للجنوب* الذي يترقب ظهوره كل الجنوبيين* في السر و العلن* رغم المصاعب والمحن* ويرصدوا نجمه الطالع* الذي سيضئ سماء أرض الجنوب الطاهرة التي دنسها الغزاة* لاستنهاض فينا العزيمة والإرادة القوية* للسير قدماً لا ستعادة كامل حقوقنا المسلوبة ومواطنتنا المنقوصة* التي سلبت.. آمين يارب العالمين.. لقد ظهر في بعض الأمم والشعوب* وهي كانت في الحضيض.. رجالاً صناديد.. أعادوا لتلك الشعوب الأمل والحياة* فالجنوبيين لازالوا يحدقوا النظر العابر للبحار والجبال والسهول في الأفق الغائم* يرجون أن تنشق الحجب على ظهور القائد المنتظر* سيما وأنها لا تنقصنا الشجاعة والوطنية* ولكن ينقصنا القائد الوطني* لاستعادة الوطن المخطوف.. ولا تنقصنا التجربة* ولكن غدر الزمان حتى الآن.
فالقائد المنتظر كما يبدو لازال يدرس ويدقق في تاريخ قادم* كفرصة لكي يحملنا على أجنحة التاريخ للهبوط بنا برفق مجدداً* على قمم جبال ردفان + الكور + فحمان وفي سلسلة جبال المنقعة. وفي الختام نردد ما قاله العقيد سعيد صالح الشحتور ( إما إعادة صياغة إتفاقية وحدة جديدة أو الموت بشرف وكرامة )*
على الأقل إذا لم تكن لدينا دنيا فليكن لدينا آخرة. *معيد في جامعة عدن
أبين/ جنوب اليمن 26 مايو 2007
منقوووووول
Bookmarks