بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بعض الناس يريد أن يأخذ أجزاء من الدين ويترك أجزاء (صلاة-كلها تفكير-صوم كله-نوم-الخ..)أما باقي أمور الدين من اجتناب الربا والخنى والزنا والفساد في المجتمع فلا يحب التعرض له بل قد يرتاح لزيادته فإلى مثل أولئك أسوق قصة عبد ياليل عندما جاء وفد ثقيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم للتحاور في أمور هذا الدين الجديد عليهم وكانوا يريدون ان يجعلوه يوافق رغباتهم الشهوانية ولكن الله أبى إلا أن يكون وفق ما يعود على البشرية بالخير وان جهلوا ذلك فأترككم مع تلك القصة:
مَكَثَ الْوَفْدُ يَخْتَلِفُونَ إلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَهُوَ يَدْعُوهُمْ إلَى الْإِسْلَامِ فَأَسْلَمُوا فَقَالَ كِنَانَةُ بْنُ عَبْدِ ياليل : هَلْ أَنْتَ مُقَاضِينَا حَتّى نَرْجِعَ إلَى قَوْمِنَا ؟
قَالَ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ " .
قَالَ أَفَرَأَيْت الزّنَى فَإِنّا قَوْمٌ نَغْتَرِبُ وَلَا بُدّ لَنَا مِنْهُ ؟
قَالَ " هُوَ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ فَإِنّ اللّهَ عَزّ وَجَلّ يَقُولُ { وَلَا تَقْرَبُوا الزّنَا إِنّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا } [ الْإِسْرَاءُ : 32 ]
قَالُوا : أَفَرَأَيْتَ الرّبَا فَإِنّهُ أَمْوَالُنَا كُلّهَا ؟
قَالَ " لَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ إنّ اللّه تَعَالَى يَقُولُ { يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا اتّقُوا اللّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ } [ الْبَقَرَةُ 278 ] .
قَالُوا : أَفَرَأَيْت الْخَمْرَ فَإِنّهُ عَصِيرُ أَرْضِنَا لَا بُدّ لَنَا مِنْهَا ؟
قَالَ " إنّ اللّهَ قَدْ حَرّمَهَا وَقَرَأَ { يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا إِنّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلّكُمْ تُفْلِحُونَ } [ الْمَائِدَةُ 90 ]
فَارْتَفَعَ الْقَوْمُ فَخَلَا بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ فَقَالُوا : وَيْحَكُمْ إنّا نَخَافُ إنْ خَالَفْنَاهُ يَوْمًا كَيَوْمِ مَكّةَ انْطَلِقُوا نُكَاتِبُهُ عَلَى مَا سَأَلْنَاهُ فَأَتَوْا رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَقَالُوا : نَعَمْ لَك مَا سَأَلْت أَرَأَيْت الرّبّةَ مَاذَا نَصْنَعُ فِيهَا ؟
قَالَ " اهْدِمُوهَا " .
قَالُوا : هَيْهَاتَ لَوْ تَعْلَمُ الرّبّةُ أَنّك تُرِيدُ هَدْمَهَا لَقَتَلْت أَهْلَهَا
فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ : وَيْحَك يَا ابْنَ عَبْدِ ياليل مَا أَجْهَلَك إنّمَا الرّبّةُ حَجَرٌ .
فَقَالُوا : إنّا لَمْ نَأْتِك يَا ابْنَ الْخَطّابِ وَقَالُوا لِرَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ تَوَلّ أَنْتَ هَدْمَهَا فَأَمّا نَحْنُ فَإِنّا لَا نَهْدِمُهَا أَبَدًا .
قَالَ " فَسَأَبْعَثُ إلَيْكُمْ مَنْ يَكْفِيكُمْ هَدْمَهَا "
فَكَاتَبُوهُ
فَقَالَ كِنَانَةُ بْنُ عَبْدِ ياليل : ائْذَنْ لَنَا قَبْلَ رَسُولِك ثُمّ ابْعَثْ فِي آثَارِنَا فَإِنّا أَعْلَمُ بِقَوْمِنَا فَأَذِنَ لَهُمْ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَأَكْرَمَهُمْ وَحَبَاهُمْ
وَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللّهِ أَمّرْ عَلَيْنَا رَجُلًا يُؤَمّنَا مِنْ قَوْمِنَا فَأَمّرَ عَلَيْهِمْ عُثْمَانَ بْنَ أَبِي الْعَاصِ لِمَا رَأَى مِنْ حِرْصِهِ عَلَى الْإِسْلَامِ وَكَانَ قَدْ تَعَلّمَ سُوَرًا مِنْ الْقُرْآنِ قَبْلَ أَنْ يَخْرَجَ
( زاد المعاد 3/ 521)
وهكذا كان هذا الموقف صورة تطبيقية عملية للأمر بالدخول في السلم كافة، فالإسلام كل لا يتجزأ ينبغي أن يؤخذ جملة والصبر على ذلك لنيل الأجر والسلامة من أضرار المحرمات ، وإلا فما هو بدين الله الذي أراده الله ورضيه للبشر ديناً.
Bookmarks