التغيير المنشود والمستقبل المجهول

بقلم / محمد عبده سفيان
----------------------------------
ليس هناك من يرفض التغيير إلى الأفضل.. فعلى المستوى الشخصي كل واحد منا يريد أن تتغير حياته إلى وضع أفضل وأحسن من الوضع الذي يعيشه وعلى المستوى العام كل أبناء الشعب اليمني يريدون التغيير الذي ينقلهم إلى وضع أفضل من الوضع الذي يعيشونه.. جميعنا نريد أن يكون الغد أفضل من اليوم والمستقبل أفضل من الحاضر.. فالتغيير من سنن الحياة.
كلنا ننشد الدولة المدنية الحديثة دولة النظام والقانون.. كلنا ننشد الدولة التي يتساوى فيها الجميع أمام الدستور والنظام والقانون لا فرق بين مسؤول مهما كان منصبه أو شيخ مهما كان مركزه وبين مواطن عادي.. نريد دولة مدنية لا تخضع لهيمنة القبيلة ومراكز القوى وإنما تخضع للدستور والقانون يتحقق فيها مبدأ العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص بين الجميع ولا يوجد فيها مكان للوساطة والمحسوبية والرشوة.
جميعنا ننشد التغيير الذي سينقلنا إلى مستقبل أفضل وليس إلى مستقبل مجهول ولذلك فلابد أن يحدث التغيير وفقاً للأسس الشرعية والدستورية والديمقراطية وعبر حوار وطني جاد ومسئول يضم كل أطياف المجتمع اليمني دون استثناء يتم فيه مناقشة كل القضايا التي تهم الوطن والشعب بشفافية مطلقة والخروج بوثيقة وطنية تتضمن الأسس والإجراءات التي تحدد الكيفية التي يتم بموجبها انتقال السلطة بشكل سلمي وسلس وإحداث التغيير الجوهري المنشود لإصلاح النظام السياسي بالانتقال من النظام الرئاسي إلى البرلماني واعتماد القائمة النسبية في الانتخابات العامة.
نعم.. جميعنا نريد التغيير ولكننا نختلف حول الأسلوب والكيفية والوسيلة التي يجب أن يتحقق من خلالها هذا التغيير.. هناك من يرون بل ويصرون بقوة على أن يحدث التغيير عبر الانقلاب على الديمقراطية والشرعية الدستورية ولذلك نجدهم متفقين على رأي واحد وهدف واحد وهو «إسقاط النظام» دون أن يقولوا لنا ما هو النظام البديل للنظام القائم الذي هو «نظام جمهوري ديمقراطي يقوم على التعددية السياسية والحزبية والتداول السلمي للسلطة».. هل سيكون النظام البديل هو نظام الإمارة الإسلامية على غرار نظام طالبان في أفغانستان أم نظام المجلس العسكري أم نظام الحزب الواحد أم نظام ولاية الفقيه على غرار النظام الإيراني أم نظام المشايخ والسلاطين؟.. وبالمقابل هناك من يرون -وأنا واحد منهم - بأن التغيير يجب أن يتم بطريقة سلمية وديمقراطية وفقاً للدستور وأنا أرى أن إجراء انتخابات رئاسية مبكرة وبإشراف إقليمي ودولي لضمان نزاهتها هي الطريقة الناجعة ليعبر اليمنيون من خلالها إلى اليمن الجديد والمستقبل المنشود وهي الطريقة المثلى لحفظ اليمن واليمنيين من الانزلاق نحو المجهول وفتح صفحة جديدة في تاريخ اليمن الحديث.. صفحة خالية من الأحقاد والضغائن والمناكفات والمكايـــدات والمؤامــرات والانقلابـــات وتصفيـــة الحسابات.
وختاماً.. على الشباب في ساحات الاعتصامات أن يعوا جيداً طبيعة الوضع اليمني وأن الفرق شاسع بين واقع اليمن وواقع مصر أو تونس.. عليهم إعمال العقل والمنطق بدلاً من العاطفة والحماس.. عليهم أن ينظروا جيداً إلى ما يحيط بهم.. عليهم أن يقفوا ملياً أمام أسماء الذين أعلنوا انضمامهم إلى ما يسمونها بـ «ثورة الشباب» ويعرفوا من هم أولئك الأشخاص وما هو تاريخهم وماضيهم وحاضرهم، فسيكتشفون بأنهم للأسف مجرد ورقة في لعبة كبيرة يتم استخدامهم ليكونوا سلّماً لأولئك الطامحين والطامعين في الوصول إلى كرسي السلطة ولو عبر أنهار من الدماء وفوق جماجم الأبرياء.. على أولئك الشباب المغرر بهم أن يدركوا جيداً أن التغيير عن طريق الانقلاب على الديمقراطية والشرعية الدستورية سوف يعيد البلاد إلى مربع الانقلابات العسكرية الدموية والدخول في نفق مظلم لا نهاية له.