- حين كنا نعبر أنا و صديقي ذات مرةٍ من أحد شوارع مدينتنا.. قال لي إن نصف المجانين الذي أرى خريجوا (معتقلات الأمن السياسي), و النصف الاخر من مبدعي الوطن الذين غادروه ليحصدوا العلم, و حين عادوا لم يجدوا وظيفة يشغرونها غير الجنون!!!
- حين عاد أبي قبل أعوامٍ إلى أرض الوطن.. قوبل برفضٍ شديدٍ أضطره للرحيل مجدداً.. فقط لأنه كان الوحيد الذي يحمل شهادة دكتوراه في المدينة!!!
- حين كنت أنتقل من مدينةٍ لأاخرى.. توقفت عند (استراحةٍ) ما في منتصف الطريق, فانقض علي متوسول, طلب مني بكل لباقة (سيجارة), فقلت : لا أدخن! قال: اعطني أذاً ثمنها اعطاك الله! قلت له: لو طلبتها باللغة الأنجليزية لاعطيتك , باغثني فجئةً بالتحدث باللغة الانجليزية (بطلاقه) لم اتوقعها! ثم قال لي أنه تخرج من كلية الفنون ببريطانيا!!!
- حين كنت في الثانوية.. قتلوا عائلة صديقي عن بكرة ابيها تحت ستار الليل في منزلهم رمياً بالرصاص, فقط لأن والده (الطيب) تحدث في السياسة جهراً, و لم يكن له (ظهرٌ) يحميه و لا (قبيله)!!! و حين سألت الجيران: ألم تسمعوا صوت الرصاص؟ قالوا بانهم سمعوا و ضنوه عرساً......!
- حين غادر والداي ارض الوطن في بعثة دراسية لدولة اخرى عربية.. تعودا ان يجتمعا بالأصدقاء كل يوم خميس في المنزل لتناول (العصيدة). بسبب تكرار (لمات يوم الخميس) تم التحقيق مع والدي من قبل جهات أمنية!
الظابط: ما الذي تفعلونه عندما تجتمعون كل خميس؟
أبي: نجتمع لأننا أصدقاء.. نحكي همومنا.. و نأكل (العصيدة)!
الظابط: أنصحكم بالكف عن الأجتماع لأكل العصيدة.. لأنكم قد تصبحون جزءً منها!!!
( لم يجتمع طلبة البعثة بعدها قط خارج نطاق الحرم الجامعي)
- أن حوار المواطن مع الحكومات العربية قد تعدى في بعض حالاته مستوى الأحتمال الذاتي للمواطن على محوري (القمع و السرقة)... لابد لنا من البحث عن محورٍ ثالث! اذا كنت تبحث عنه, راجع الصفحة الرئيسية!
- عزيزي القارئ.. كنتَ قبل لحظات خارج نطاق التغطية.. أرجو أن يكون تفكيرك أيضاً خارج نطاق التغطية و أن تطبق المقولة التي أصبحت حكمة: (الاذن الصنجاء) كي تحافظ على ماء وجه ابتسامتك فلا تفقدها, فتفقد معها الأمل! لأنك أذا فقدت الأمل, سيفقد اليأس معناه.. و ستفقد معه حكوماتنا العربية مهمتها الأساسية!!!
(تصبحون على وطن)
عمرو الشرعبي – مواطن عربي هارب من الأنظمة
وارسو
(نشرت في مجلة حوار)
Bookmarks