هناك هيجة هذه الأيام تدعى" حقوق المرأة" و تطالب بمساواتها مع الرجل و في وسط هذه الهيجة هناك من يقول أن الإسلام سوى بين الجنسين في كل شيء، و كذا من يقول أنه ينتقص من كرامتها...
قديما كانت المرأة في العالم هملا، و تجادل العلماء في أمرها : هل لها روح أم لا.. وإذا كانت لها روح هل هي إنسانية أم حيوانية ، و إذا كانت إنسانية : هل تنزل منزلة منزلة الرقيق بالنسبة للرجل ؟
كانت المرأة في أوروبا مهانة أكبر إهانة حيث تعتبر النساء ذوات المركز الاجتماعي زينة المجالس ..هي دلالة للترف و الانجاب...
الى أن جاءت الكارثة: الثورة الصناعية فحكم عليها بالعمل لإعالة نفسها و لحقها من التعسف و الاستغلال الكثير و كانت تتقاضى أجرا أقل من أجر الرجل ... و بعد الحرب العالمية الأولى، ازداد الوضع سوءا و زاد الاستغلال حيث نزلت لسوق العمل و تعرضت هناك للذل و إهدار الكرامة في المصانع و المعامل ...
و أخيرا ، تولد الانفجار، فقامت النساء بثورة عارمة مستخدمة وسائل الخطابة و التظاهر و الصحافة ..إلى أن سويت نسبيا مع الرجل، لكنها تظل حتى اليوم تعاني من تعسفه.
أما وضع المرأة في الإسلام، فهو وضع مشرف جدا..حيث: عرفها أولا على أنها كائن حي فقال تعالى: < يا أيها الناس ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة و خلق منها زوجها و بث منهما رجالا كثيرا و نساءا > فهي الوحدة الكاملة في الأصل و المنشأ و المصير، تترتب عنها حقوق حرمة الدم و المال و العرض و الكرامة، و الأوامر و التشريعات عامة للجميع و الجزاء في الآخرة واحد للجنسين و تحقيق الكيان البشري في الأرض متاح للجنسين : الأهلية للملك و التصرف فيه (و هذا الحق لم تحصل عليه المرأة في الغرب إلا بعد 12 قرن من الإسلام)
و ضمن لها ايضا حق الزواج بإذنها و حق التعلم و ....
لكن رغم المساواة بين الرجل و المرأة في عدة حقوق إلا أنها تظل تختلف عليه في بعض الحقوق و الواجبات..و هذا هو صلب الضجة التي تثيرها نساء المؤتمرات...
فقد أثير الجدل حول أصول الرجل و المرأة الفيزيولوجية و السيكولوجية..هل هما جنس واحد أم جنسان مختلفان فقالت نساء "المؤتمرات" أن لهما نفس التكوين و الوظائف الحياتية و البيولوجية ... و لكن هذا غير معقول و لا داعي لهذه الثرثرة ، ليس هناك وحدة في الوظائف الحياتية فيقوم الرجل بشاركة المرأة الحمل و الوضع و الإرضاع و ...أو لتقوم المرأة بصراع الحياة فتحمي أولادها و زوجها من العدوان...و هذا راجع للطبيعة الفيزيولوجية الذكورية و الأنثوية..
أما في الحالات التي تتجه فيها المرأة مثلا لحمل الأثقال و الرجل يتجه للطهي و رعاية الأطفال فهذا يظهر أن في كيان كل جنس بعضا من كيان الآخر، لكن هذا يخلو تماما من الدلالة المزيفة التي يريدها له هؤلاء .. إذ أن ذلك يعتبر زائدا على وظيفتهما الطبيعية لا غير.
و يجب على كل جنس أن يعلم اولوياته و يتعرف على طبيعته و يراعيها كامل المراعاة، و يمكنه بعد ذلك أن يمارس أشياء خارجة عن أولوياته ..مثلا : المرأة يمكنها العمل خارج بيتها و لكن هذا بعد إتمام وظيفتها الأساسية و بعد مراعاة أولوياتها المتجلية في العمل داخل بيتها...
و الآن نستدرج بعض مواضع الاختلاف بين الجنسين في الإسلام:
إن مزية الإسلام الكبرى أنه نظام واقعي يراعي الفطرة البشرية، و هو يدعو الناس لتهذيب طبائعهم و السمو بها .
لنأخذ مسألة الإرث: يقول تعالى <للذكر مثل حظ الأنثيين> و ذلك لأنه جعل الرجل هو المكلف بالإنفاق و لا يطلب من المرأة الإنفاق على نفسها ... فالمسألة مسألة حساب و ليس مسألة أن قيمة المرأة هي نصف الرجل في حساب الإسلام
و ليس اعتبار شهادة امرأتين بشهادة رجل دليل على ذلك، و إنما هذا إجراء نظرا لأن المرأة بطبيعتها العاطفية سريعة الانفعال فيخشى أن تضل عن الحقيقة لذا فالمرأة الأخرى تذكرها.
أما مسألة القوامة: فالحياة بين الجنسين كالشركة و هي تقضي أن يكون هناك قيم يشرف على الإدارة العامة ..، و يمكن لهذه الإدارة أن تتخذ 3 أوضاع:
_ الرجل هو القيم
_ المرأة هي القيمة
_ هما معا
هنا نستبعد الوضع الأخير لأن التجارب أثبتت أن رئيسين لشركة واحدة مسألة لا تنفع...
فلنأخذ الوضعان الاخيران و نبحثهما ، هل القوامة تقتضي الفكر (الذي هو من طباع الرجل) أم العاطفة (و هو الطبع الغالب على المرأة) ؟
المسألة واضحة .. إذن فالرجل قوام على المرأة بطبيعته غير الانفعالية ..
و كذا لأن المرأة بطبعها لا تحترم الرجل الذي يخضع لها
لكن لكن : القوامة الناجحة هي التي تقوم على التفاهم الكامل و التعاطف المستمر.
من كتاب: شبهات حول الإسلام لمحمد قطب (بتصرف)
Bookmarks