الكاتب ابراهيم الاسمر
يمكننا تعريف الإيحاء الذاتي بأنه فعل تغرس به فكرا معينا في الذهن أي في السريرة غير الواعية أو العقل الباطن وهذه السريرة كفيلة بتحقيق ذلك الفكر ونقله إلى الفعل
يتبادر إلى الذهن أن السريرة غير الواعية بدعة مختلقة وهذا غير صحيح فما يدل على وجودها ما يحدث للشخص الذي يقوم في الليل من غير أن يستيقظ ويرتدي ملابسه أو يخرج من غرفته ويذهب إلى غرفة أخرى وينجز عملا لم يكن قد أتمه في اليوم السابق ثم يعود وينام وفي صباح اليوم الثاني يندهش إذ يرى عمله قد تم فما دام هو الذي أتمه وهو يجهل ذلك فهذا دليل واضح على انه فعل ذلك مدفوعا بقوة غير واعية وهذه القوة هي ما نسميها السريرة غير الواعية
على أن الإيحاء الذاتي في الواقع عظيم الخطر ما دمنا نجهل طريقة الانتفاع به ولا شك أن هناك طريقة تمكننا من أن نستخدمه فيما يفيدنا ونتعلم كيف نستخدمه بسريرة واعية وعلى أحسن وجه ،ونحن بالتأكيد نستخدم السريرة غير الواعية منذ الطفولة ولكن بوجه ضار في الغالب
إن الإيحاء الذاتي ليس طريقة تجريبية فحسب بل هي طريقة علمية ترتكز على مبادئ تؤيدها الوقائع
وأول هذه المبادئ أن الفكر ممكن أن يتحول إلى الفعل وان الصور الذهنية تنزع إلى التحقيق المادي مثال ذلك
رجل مصاب بضيق التنفس أو الربو يستيقظ في الصباح وعلى وجهه علامات الانشراح والنشاط فقد قضى الليل مستريحا ولان الغرفة لا يدخلها النور يفتح الستارة فيرى من خلال الزجاج ضبابا كثيفا فيقطب وجهه ويضيق نفسه وتأتيه نوبة الربو فهل الضباب هو الذي أحدث هذه النوبة ؟ كلا لان الضباب موجود منذ ساعات ولم يكن له تأثير ولكن الإيحاء الذاتي لهذا الشخص هو الذي أوجد هذه النوبة لان الضباب أوحى له ذلك لأنه مبرمج سابقا أن الضباب يعني رطوبة زائدة وهذه الرطوبة تؤدي إلى ضيق النفس فحدث ذلك
وأزيد على ذلك وأقول يكفي الإنسان أحيانا أن يفكر انه أصم أو أعمى أو مقعد ليصبح فعلا كذلك
وهناك أمثلة كثيرة في كتب الطب النفسي عن حالات شفيت من أمراض خطيرة وميؤوس منها من عدة جلسات وأحيانا من جلسة واحدة لان المعالج النفسي بدل برمجة العقل الباطن بكلمات ايجابية بسيطة فيختفي الإيحاء السلبي ويشفى المريض
أما المبدأ الثاني فهو أن الإرادة ليست هي وحدها التي تحرك الإنسان بل مخيلته أيضا وإذا تصارعت القوتين تكون الغلبة للمخيلة فإذا قلت أريد أن افعل كذا وكذا ولكنني لا اقدر فلا يقتصر الأمر على انك لا تقدر بل تفعل عكس ما تريد أحيانا
كلما حاولنا في بعض الظروف الانقطاع عن الضحك كثر ضحكنا وكلما حاول من يخاف أن يزيل هذا الشعور زاد خوفه لأنه يقول أريد أن أتوقف عن الضحك ولكن لا اقدر وأريد أن امتنع عن الخوف ولكنني لا اقدر
وطريقة الإيحاء الذاتي سهلة وبسيطة جدا فقد ذكرتها في موضوع سابق (برمج نفسك على الايجابية) على أنني الفت نظر أحبائي الكرام إلى نقطة جوهرية وهي وجوب استعمال الإيحاء
الذاتي ببساطة وبدون جهد فان الذين لا يحصلون على نتائج مرضية نراهم لشدة رغبتهم في التخلص من أوجاعهم يستخدمون الإيحاء الذاتي بقوة حاسمة وهذا خطأ وهؤلاء بالذات يحتاجون إلى معالج متمرس للحصول على ما يريدون
Bookmarks