حين تم تغير المناهج لم تكن المفاجئة في حدوث ذلك التغير فهو أمر متوقع من دولة لا تملك السيادة على نفسها ولا على مصيرها تحت ضغط قوة معادية تملك كل الإمكانيات لمعاقبة من يخالف أوامرها، ولكن المفاجئة كانت في سرعة تنفيذ ذلك القرار من قبل الحكومة والذي تم في حالة أشبه بالتكتم ولا ندري السبب فربما تكون قد حدثت المعجزة وشعروا بالخجل من أنفسهم...
بالتأكيد نحن لا نلوم الحكومة فهي لا تملك قرار الموافقة ولا الرفض لأي أمرا أمريكي يصدر في الوقت الحالي فالعرب قد صنعوا من أنفسهم عبيد لأطماعهم وضيق أفقهم قبل أن تصنع منهم أمريكا عبيدا لها.
كم هو شعور غريب يجتاحنا كلما رأينا حكوماتنا تخضع وتذل أمام قوة الأعداء فهو خليط من السعادة لأننا نرى من كان يتسلط على رقابنا قد سخر له الله من يتسلط على عنقه ويهينه ويذله وهو كذلك شعور بالغيظ والحنق عليهم وعلى من يستعبدهم لأنه يستعبدنا نحن أيضا، وهو شعور بالخجل أيضا لما أوصلنا أنفسنا إليه اليوم بجهلنا وسباتنا وتخاذلنا أمام تسلط حكامنا وطغيانهم وعملهم لمصالحهم الذاتية دون النظر إلى مستقبلنا ومستقبل امتنا وأجيالنا.
الغريب حقا أننا رغم قسوة اللكمات التي نلناها مازلنا في سبات عميق ... مما يؤكد بأننا لا نعيش في غيبوبة كما كنا نظن ... بل نحن موتى .. وأي موت أسوء من أن تموت رغم انك تتنفس ... ولكن أمريكا في الطريق لقطع جهاز التنفس الذي نعتمد عليه في البقاء ... ولها كل الحق أن تفعل فالعالم أيها السادة ليس بحاجة إلينا .. ومن حقه أن يرفض بقائنا عالة عليه ونحتل مساحة من الأرض ونقاسمهم الطعام في الوقت الذي لا ننتج فيه شئ مقابل ذلك .. ولكن لا تقلقوا فأمريكا لن تمحقنا تماما .. فمازالت بحاجة إلى بعضا منا كفئران تجارب كلما اخترعت سلاحا جديد .. ومازالت بحاجة إلى أسواق تروج فيها بضائعها ...
إننا امة أهدرت ما تملكه من ثروات وأضاعت عمرها وجهودها فيما لا يغني ولا يسمن من جوع ..... إننا قوما ندوس الذهب بأرجلنا ونجتهد في حمل الأوحال فوق أكتافنا .. وذلك ليس زهدا وورعا .. بل من باب الحمق فقط
لطالما كنا نحلم بالتغير والإصلاح وها هو أول تغير نحظى به يجرنا إلى الخلف آلاف الخطوات، وبعد أن كنا في حفرة وقعنا في هاوية، هو تسلسل طبيعي للأحداث فما من امة ستولد من جديد إلا بعد أن تضيق سمائها وتنخسف أرضها بانفجار يزلزل العالم من حولها، فان كانت ولادة طفلا تتطلب مخاضا مؤلما فان ولادة الأمم تطلب مخاضا اشد إيلاما وقسوة.
يا حكومتنا غير الرشيدة ها أنتي تتجرعين جزاء ما عملت يداك ، ويا أيها الشعب ها أنت تتجرع نفس الجزاء لنفس العمل ، فكلانا حكومات وشعوب ما شربنا إلا من سموما اشتركنا في طبخها لعقولنا الفارغة وهممنا النائمة في سبات شتوي سينتهي قريبا بجحيم يذيب الجسد حتى العظام والى مزيد من التغير ومزيد من السير إلى الورى يا امتنا المجيدة.
Bookmarks