** غزوة الأحزاب **
[COLOR="#000000"]- تحول مجرى الأيام لصالح المسلمين ، ولم يرق اليهود هذا التحول ولم تكن لهم الجرأة على مواجهة المسلمين . خرج زعماء وسادات بني النضير- الذين طردوا من المدينة إلى خيبر - إلى قريش يحرضونهم فأجابتهم قريش ، ثم خرج هذا الوفد إلى غطفان ،فاستجابوا لذلك وطافوا على قبائل العرب فاستجاب منهم من استجاب وهكذا تكالب الكفار على النبي "صلى الله عليه وسلم" وعلى المسلمين.[/COLOR
--- القبائل التي خرجت وقائدها وعدد أفرادها:
1- من الجنوب خرجت قريش وكنانة وحلفاؤهم --قائدهم أبو سفيان وعددهم 4آلاف.
2- بنو سليم بمر الظهران --
3- من الشرق قبائل غطفان :بنو فزارة -- قائدهم عيينة بن حصن.
4- بنو مرة-- الحارث بن عوف.
5- بنو أشجع -- مسعر بن رخيلة.
6- بنو أسد وغيرها.
- تحركت هذه الأحزاب نحو المدينة وفق ميعاد محدد وعددهم عشرة آلاف مقاتل.
- نقلت استخبارات المدينة الخبر وعقد رسول الله "صلى الله عليه وسلم" مجلسا استشاريا واتفقوا على ما أشار به سلمان الفارسي وهو حفر خندق وفق ما كانوا يفعلون في فارس ، وقام المسلمون يحفرون الخندق ومعهم رسول الله"صلى الله عليه وسلم" يحفر وينشطهم ويشجعهم بأبيات من الشعر .
- وأثناء حفر الخندق وقعت آيات أعلام النبوة ، كالطعام الذي أشبع أصحاب الخندق ولم ينفذ رغم قلته وكثرتهم ، والصخرة التي عرضت لهم أثناء الحفر فضربها رسول الله "صلى الله عليه وسلم" ثلاث ضربات ففتتها .
- وجاءت الأحزاب * قال تعالى : (وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا} [الأحزاب: 22].
وأما المنافقون وضعفاء النفوس فقد تزعزعت قلوبهم لرؤية هذا الجيش {وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا}[ الأحزاب: 12].
ففوجئوا بالخندق ففرضوا الحصار على المسلمين بينما لم يكونوا مستعدين له حين خرجوا من ديارهم لأنهم كما قالوا مكيدة ماعرفتها العرب .
- حاول البعض من قريش اقتحام الخندق فقتل علي بن أبي طالب عمرو بن عبد وتصدى المسلمون إلى الآخرين فعادواهاربين.
وقاوم المسلمون بشدة ليحولوا دون اقتحام المشركين للخندق ، حتى أن رسول الله"صلى الله عليه وسلم" فاتته بعض الصلوات ففي البخاري عن على عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال يوم الخندق: (ملأ الله عليهم بيوتهم وقبورهم ناراً، كما شغلونا عن الصلاة الوسطي حتى غابت الشمس).
- دامت الحرب أياما لم تعرف قتالا غير المراماة والمناضلة ، فقتل ستة من المسلمين وعشرة من المشركين وقتل واحد او إثنين منهم بالسيف.
- ولما لم يفلح المشركون في الاقتحام ، انطلق مجرم بني النضير حيي بن أخطب إلى ديار بني قريظة وكان بينهم وبين النبي عهد ، فلم يزل به حتى نقض عهده ودخل مع المشركين.
وانتهى الخبر إلى رسول الله "صلى الله عليه وسلم" وبعث من يحقق في الخبر ، فوجدوهم على غدر، وقد كان أحرج موقف يقفه المسلمون، فلم يكن يحول بينهم وبين قريظة شيء يمنعهم من ضربهم من الخلف، بينما كان أمامهم جيش عرمرم لم يكونوا يستطيعون الانصراف عنه، وكانت ذراريهم ونساؤهم بمقربة من هؤلاء الغادرين في غير منعة وحفظ، وصاروا كما قال الله تعالي: {وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا}[ الأحزاب:10، 11]
ونجم النفاق من بعض المنافقين حتى قال: كان محمد يعدنا أن نأكل كنوز كسري وقيصر، وأحدنا اليوم لا يأمن على نفسه أن يذهب إلى الغائط. وحتى قال بعض آخر في ملأ من رجال قومه: إن بيوتنا عورة من العدو، فائذن لنا أن نخرج، فنرجع إلى دارنا فإنها خارج المدينة. وحتى همت بنو سلمة بالفشل، وفي هؤلاء أنزل الله تعالي: {وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا وَإِذْ قَالَت طَّائِفَةٌ مِّنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِّنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِن يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا} [الأحزاب: 12، 13].
أما رسول الله صلى الله عليه وسلم فتقنع بثوبه حين أتاه غَدْر قريظة، فاضطجع ومكث طويلاً حتى اشتد على الناس البلاء، ثم نهض مبشراً يقول: (الله أكبر، أبشروا يا معشر المسلمين بفتح الله ونصره)، ثم أخذ يخطط لمجابهة الظرف الراهن، وكجزء من هذه الخطة كان يبعث الحرس إلى المدينة؛ لئلا يؤتي الذراري والنساء على غرة، ولكن كان لابد من إقدام حاسم، يفضي إلى تخاذل الأحزاب، وتحقيـقاً لهــذا الهـدف أراد أن يصالـح عُيينَة بن حصن والحارث بن عوف رئيسي غطفان على ثلث ثمار المدينة، حتى ينصرفا بقومهما، ويخلو المسلمون لإلحاق الهزيمة الساحقة العاجلة بقريش التي اختبروا مدي قوتها وبأسها مراراً، وجرت المراودة على ذلك، فاستشار السعدين في ذلك، فقالا: يا رسول الله، إن كان الله أمرك بهذا فسمعاً وطاعة، وإن كان شيء تصنعه لنا فلا حاجة لنا فيه، لقد كنا نحن وهؤلاء القوم على الشرك بالله وعبادة الأوثان، وهم لا يطمعون أن يأكلوا منها ثمرة إلا قِرًي أو بيعاً، فحين أكرمنا الله بالإسلام وهدانا له وأعزنا بك نعطيهم أموالنا ؟ والله لا نعطيهم إلا السيف، فَصَوَّبَ رأيهما وقال: (إنما هو شيء أصنعه لكم لما رأيت العرب قد رمتكم عن قوس واحدة).
ثم إن الله عز وجل ـ وله الحمد ـ صنع أمراً من عنده خذل به العدو وهزم جموعهم، وفَلَّ حدهم، فكان مما هيأ من ذلك أن رجلاً من غطفان يقال له: نعيم بن مسعود بن عامر الأشجعي رضي الله عنه جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إني قد أسلمت، وإن قومي لم يعلموا بإسلامي، فمرني ما شئت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنما أنت رجل واحد، فَخذِّلْ عنا ما استطعت، فإن الحرب خدعة)، فذهب من فوره إلى بني قريظة ـ وكان عشيراً لهم في الجاهلية ـ فدخل عليهم وقال: قد عرفتم ودي إياكم، وخاصة ما بيني وبينكم، قالوا: صدقت. قال: فإن قريشاً ليسوا مثلكم، البلد بلدكم، فيه أموالكم وأبناؤكم ونساؤكم، لا تقدرون أن تتحولوا منه إلى غيره، وإن قريشاً وغطفان قد جاءوا لحرب محمد وأصحابه، وقد ظاهرتموهم عليه، وبلدهم وأموالهم ونساؤهم بغيره، فإن أصابوا فرصة انتهزوها، وإلا لحقوا ببلادهم وتركوكم ومحمداً فانتقم منكم، قالوا: فما العمل يا نعيم ؟ قال: لا تقاتلوا معهم حتى يعطوكم رهائن. قالوا: لقد أشرت بالرأي.
ثم مضي نعيم على وجهه إلى قريش وقال لهم: تعلمون ودي لكم ونصحي لكم؟ قالوا: نعم، قال: إن يهود قد ندموا على ما كان منهم من نقض عهد محمد وأصحابه، وإنهم قد راسلوه أنهم يأخذون منكم رهائن يدفعونها إليه، ثم يوالونه عليكم، فإن سألوكم رهائن فلا تعطوهم، ثم ذهب إلى غطفان، فقال لهم مثل ذلك.
فلما كانت ليلة السبت من شوال ـ سنة 5هـ ـ بعثوا إلى يهود: أنا لسنا بأرض مقام، وقد هلك الكُرَاع والخف ، فانهضوا بنا حتى نناجز محمداً، فأرسل إليهم اليهود أن اليوم يوم السبت، وقد علمتم ما أصاب من قبلنا حين أحدثوا فيه، ومع هذا فإنا لا نقاتل معكم حتى تبعثوا إلينا رهائن، فلما جاءتهم رسلهم بذلك قالت قريش وغطفان: صدقكم والله نعيم، فبعثوا إلى يهود إنا والله لا نرسل إليكم أحداً، فاخرجوا معنا حتى نناجز محمداً، فقالت قريظة: صدقكم والله نعيم. فتخاذل الفريقان، ودبت الفرقة بين صفوفهم، وخارت عزائمهم.
وبعد هذه التفرقة أرسل الله على المشركين جندا من الريح تقلع خيامهم ولا يقر لشيء قرار أمامها ، كما أرسل سبحانه الملائكة يزلزلونهم ويلقون في قلوبهم الرعب والخوف وهزم الأحزاب وحده.
- -- كانت غزوة الخندق سنة خمس من الهجرة في شوال وحوصر المسلمون شهرا أو نحوه.
قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم" بعد هذه الغزوة :" الآن نغزوهم ولا يغزونا ، نحن نسير إليهم "
]
Bookmarks