هذه القصة مزجتها اناملي من واقع الحياة
سعيد اليتيم
انه احد ابناء الريف
توفي والده وهوا في سن الرابعة عشرة من عمره
فعانا امر الحرمان على فراق والده تاركاً سعيد مع امه واخته التي تصغر عنه سنتين
نعم لقد عانا بعد موت والده فقد كان كثير الحزن عليه وكثير التفكير بوالده
وفي احد الايام يقرر سعيد ان يزور قبر والده
فاقترب من القبر
وتذكر طيف والده
تذكر نبرات صوته
تذكر ضحكاته
تذكر تعبه
تذكر الآمان الذي كان يحس به في حياته
وتذكر ملامح والده
وهوا يجهد نفسه لاجل لقمة اسرته
تذكر تشجيعه
فانهمرت دموع سعيد بالبكاء على والده
واستشهد على حزنه ببعض الابيات التي حفظها
وقال من قلب محروق
ياوالدي يامن عانيت وربيت
واعطيتنا ما تملك اغلى الوصايف
ليتك بقيت وليتني فدواك ياليت
وليتك تكلمني فانا اصبحت خايف
السعد فارقني من بعدك وما زد تهنيت
بعدك يبووي القلب مجروح ونازف
وكان له صديق لا يفارقه واسمه منصور كان يلازم سعيد كظله اين ما ذهب
كان من ابناء قريتة ومن جيرانه وقد ولد يتيما فقد مات والدة وكان شيخ القرية
ومنصور مازال في الشهر الرابع في بطن امة
واعيان وعقال القرية منتظرين لمنصور الى ان يبلغ سن الرشد
ليجمعوا في قاعدة واحدة على مشيخته عليهم بدل والدة
فقد كان والده مشهور برجاحة عقلة وبصلاحة وبحلول مشاكل القرية والقرى المجاورة له
ويمر عام على موت والدة وتمرض ام سعيد من جديد فلم يدر سعيد ولم يخطر له
على بال بان مرض والدته سيكون مرض يؤدي الى الموت--- مر اسبوعاً عاملاً
وسعيد عند رأس والدته ينفذ ما تامره به بهمس خافت وحزن عميق
وفي احد ايام الاسبوع يقول لوالدتة بانه قد كلم مدير مدرسته بان ياذن له
بالغياب والجلوس عندها في فترة مرضها
يقول لها ذلك بعد ان صلى صلاة العشاء لما نظر من شدة مرضها
وفي حقيقة الامر هوا لم يكلم احدا في مدرسته لا المدير ولا احد من المدرسين
وفي الصباح اصرت والدة سعيد على سعيد بان يدعها ويذهب الى المدرستة
لمواصلة التعليم وكانها تعلم بان ساعتها قد قربت ولا تريد ان تفجع سعيد بموتها
نظر سعيد الى اصرار امه وهي على سرير مرضها فلم يريد ان يغضبها
فوافق على طلبها وودعها بقبلة على جبينها وذهب الى مدرسته
ساعة كاملة وسعيد يواصل المشي مبكرا الى مدرستة
بداية النبوغ والتفوق
وبعد طابور الصباح
ودخول الطلبة الى فصولهم
دخل سعيد فصله اول ثانوي
ودخل كل مدرس على حسب جدوله
وكانت اول حصة في فصل سعيد
لمدرس التربية الاسلامية
وكان عنوان الدرس
امي الحبيبة
استمر المدرس يشرح فضل الام
وفي اخر الدرس قال
بصراحة أي كلام عن الام قليل في حقها فمهما قلنا
فإننا لن نعوض ولو جزء قليل مما أعطته لنا فمهما
فعلنا وقلتا فهو قليل في حقها
ثم قال المعلم من منكم يتكلم بعدد من الجمل عن حنان الام
فرفع سعيد يده وقال انا يا استاذي
فاذن له المعلم
فقال سعيد
أمــــــــــي الحبيبــــــــة
امي يامن ما في الارض لا يساويك
ولا كنوز الارض تعوض بحنواك
امي ياهمس الروح والنفس لبيك
انا وقلبي وكل مالي يهنيك
وليت ربي يمد بعمرك وياريت
وما يجي يوم افرقك واقول وينك
ياليت وتتحقق لي مناتي وياليت
وتشوفي العز في بيتي وانا بيمناك
وليت التعب يكون فيني ولا فيك
وليت الفرح يكون بقربك يواسيك
فصفق له المعلم والزملاءعلى اول محاولة له في حياته
لقول ابيات شعرية ليست موزونه لاكنها معبرة في كل نفس
فاجعة وحرمان جديد
وبعد انتهاء يومه الدراسي عاد سعيد الي البيت وهوا لا يعلم ماذا ينتظرة من اشياء
فقد نظر من بعيد الى تجمع النسوة حول بيته وكذلك دخولهن البيت
فزادت دقات قلبه ولم تعد ركبتاه تقوى على تحمل جسده
وزاد الراعش على اطرافه واحس بجفاف على حلقه ويبس شفتيه
وبصعوبة وصل الى البيت
فكانت كل امراءة تنظر اليه كانت تبكي حزناً على امه ورحمة بسعيد
تمنى سعيد ان يجد امة حية لكي تبتسم له من جديد
لانها اقدار الرحمن قد كتبت في لوح محفوظ عن الآجال
فوصل سعيد الى امه فوجدها جسدا بلا حراك
ونظر الى وجهها وكانها رسمت ابتسامتها الاخيرة وما زال العرق موجودا
على جبينها ولم يجف بعد
فقبلها سعيد على جبينها القبله الاخيرة وودعها الوداع الاخير
وعيناة تذرفات الدموع الغزيرة حزنا على فراق امه
ثم بحث بنظرة عن اخته الوحيدة فوجدها في ركن الغرفة تبكي وتصيح وتولول
فذهب اليها وظم وجهها الى سطرة وهوا يبكي كما تبكي لاكن بكائه بصمت
الصديق الوفي
واكثر من حزن على سعيد صديقه منصور
فقد كان اكثر مواساة ومجالسة لسعيد في محنته وحزنه
وتجمع اهل القرية من كل بيت نساء ورجال واطفال
وحاول كل من الحاظرين مواساة سعيد واخته الباقين من تلك الاسرة
وقامة النسوة بتغسيل ام سعيد وتكفينها وتوديعها الوداع الاخير
واخرجو ا تلك الجثة في جنازة الى مسجد القرية فصلوا عليها
ثم شيعوا بها الى مقبرة القرية وواروا على جسدها التراب ودعوا لها بكل خير
في حياة الفردوس وعند بعث النشور وتمنوا لها جنة الفردوس
وعند عودة سعيد مع اهل القرية الي البيت
كان يحمل في قلبه الحزن على والدة والهم والرأفة على اخته الوحيدة
وحاول اهل القرية من جيران سعيد مواساته مع اخته بشتى الوسائل
واستمروا في اعطائهم الطعام لمدة شعرين
لن يستسلم سعيد
وبعد مرور هذه المدة قرر سعيد ان يجد له عملاً فهوا لا يريد ان يكون
عالة على احد فسوف يتوفق في عمل مع مواصلتة للتعليم
وكان يسكن في اطراف القرية شيخ عجوز كان مشهورا بخياطة البرد اليماني الاصيل
واللحف اليمانية المنقوشة بجميع الاوان والمتناسقة في اطرافها وكانه كان فناناً تشكيلي
وكلنا يعلم كم اطنب الشعراء في البرد اليماني
يقول النابغة الجعدي
كليبٌ لعمري كان أكثر ناصراً * وأهون ذنباً منك ضُرَّج بالـدم
رمى ضرع نابٍ فاستحرَّ بطعنةٍ * كحاشية البرد اليمانـي المسهَّـم
ولابي جويرية العبدي
يمد نجاد السيف حتى كأنه * بأعلى سنامى فالج يتطوح
إذا اعتم في البرد اليماني خلته * هلالا بدا في جانب الافق يلمح
ويقول آخر
إذا ملك الفتى سنّاً ودنّاً ......ومقردةً ومفلسةً وسادْ
ومحبرةً وغربالا إذا .........مضى في سعيه قدُما وسادْ
وكارجةً من البرد اليماني.....يصير كأنّهُ سبَقَ العبادْ
فذهب اليه سعيد وسلم عليه واخبره بما عزم عليه من تعليم حرفة تلك الصناعة اليدوية
فرق قلب ذلك الشيخ العجوز ولبى طلب سعيد وتم الاتفاق في ما بينهم
بان تكون فترة ساعات التعليم من بعد عصر كل يوم
فكان سعيد يذهب في الصباح لمواصلة تعليمه ومن بعد العصر لتعليم تلك الحرفة اليدوية
التي بدأت بالانقراض رغم حاجات الناس اليها
وبعد مضي شهرين قال ذلك الشيخ العجوز لسعيد
ابارك لك ياولدي من كل قلبي فقد اتقنت مهنتي اتقاناً طيبا لحتى انني احسست
بانك اصبحت امهر مني فلم تعد في حاجتي بعد اليوم
فقال سعيد وبماذا اقدر اكافئك فقد كنت لي مثل والدي لي واحن من والدي
فقال ذلك الشيخ سامح الله ياولدي دعائك لي يعتبر اكبر مكافئة لي
وهكذا اصبح لسعيد عمل يقضية كل يوم في بيته من بعد العصر
عبارة عن غرفة فيها ما يحتاجه لصناعة تلك اللحف والابراد اليمانية
وتاتي اختبارات آخر العام فناظل سعيد في مذاكراته وفي عمله في صناعة الابراد
وتاتي في نهاية العام البشارة لسعيد فقد كان الاول في فصله فيفرح بهذه النتيجة
ويفرح جميع اصدقائة له بهذه النتيجة الطيبه
فرحتان
فكان لسعيد في ذلك العام فرحتان
فرحة على حصوله اعلى نسبة في حصيلتة السنوية
وفرح اخرى باجماع اهل القرية على توقيع قاعدة لصديقه منصور
بان يكون شيخ القرية والقرى المجاورة
حيث ان عمره ما زال في السابعة عشرة لاكنة قد اكمل دراستة الثانوية
فهوا يسبق سعيد في دراستة بفصلان دراسيان
وتمضي الايام تلوا الايام والاشهر بعد الاشهر
ومن عام الى عام وتاتي امتحانات الشهادة الثنوية لسعيد ويدخل الامتحانات
كدخول البطل الصنديد للمبارزة بعد ان اشتد ساعدة وفاق اقرانه في التدريب والتعليم
ان بعد العسر يسر
وكانت الفاتحة الخيرة في نهاية العام عند ظهور الدرجات النهائية للطلبة
وكان مجموع سعيد في الدرجات 98% قسم علمي
وبعد شهرين من اعلان النتائج تقرر الدولة اعطاء منح دراسية في الخارج
في قسم النفط والمعادن لمن كان مجموع درجاته فوق ال95% قسم علمي
ويبقى سعيد محتار بينه وبين نفسه فقد فكر في اخته وفي ذهابه للدراسة
وبعد اسبوع تقدم صديق سعيد منصور شيخ القبيلة
وطلب من سعيد موافقته بالاقتران بكريمة سعيد وترجاه ان لا يرده خايب
فتبسم سعيد لصديقه منصور ولمن اتى معه وطلب منهم ان يمهلوه الى الغد
ليستشير اخته في هذا الامر
وعند الغد تمت الموافقة وبعد اسبوع زفت العروسة باوفا صديق لسعيد
وبعد العرس باسبوع ودع سعيد اخته وصهره منصور وجميع اهل القرية
وتوجة الى احد الدول العربيه لاتمام منحنة الدراسية ورسم مستقبله
فتوجه الى المطار وغادر ارض اليمن
النهاية
Bookmarks