تعود بي ذاكرتي إلى الماضي.. إلى ذاك الزمن البعيد.. إلى تلك القصص والحكايات والروايات.. التي تكاد أن تكون شبه خيالية.. لا تصدق.. حين تمر على اذان وأذهان السامعة.. التي ما أن ينتهي سردها حتى يوجه إليها بانتقاد بطلها.. بزعمهم انه يؤدي دور البطولة بشكل لا يتناسب مع طبائع البشر في الوقت الراهن.. من حيث المثالية.. التي باتت أن تنعدم في زمن يكثر فيه الغش والخداع واختلاق الصدق والوفاء.. وهذا ما يدلوا به الأغلبية..
بينما نرى الكثير من الفتيات المراهقات .. سرعان ما يتأثرن بتلك الشخصيات المبدعة.. ويحلمن بالفارس المغوار.. الذي يأسر قلوبهن ويسلب عقولهن ويشل تفكيرهن.. وللأسف الشديد يلتبس لديهن مفهوم تمثيل الدور والتزييف والخيال وبين الواقع المشهود..
ولا أخفي عليكم حقيقتي .. فقد راودتني هذه الأفكار في مراهقتي.. ولا أنكر إحساسي بالحسرة والنقص.. حينما كنت أرى من يتبادل الحب ويفهم لغة العيون.. تمنيت كثيرا أن أجد الحب الصادق أو اشعر به ولو للحظة.. حلمت كثيرا بمن يقدرني ويحترمني لا أن يصغر من شأني.. ويواجه المصاعب ويتخطى العقبات ويتحدى الجميع.. ليسعى إلى الوصول إلى قلبي وكسب ودي.. حلمت بذاك الإنسان الذي يمنحني حبه وحنانه وعطفه.. ويشبع عاطفتي الجياشة.. صدقا لم أنسى تلك الحسرة التي تربعت بقلبي وتعششت في صدري..
انطوت السنين والأيام والشهور.. وأنا فانتظار ظهوره في حياتي.. ليطرق باب قلبي.. ويمتلكني بحبه ويغمرني بعشقه.. حتى فقدت الأمل في إيجاده.. وبدأت أتغاضى عن هذا التفكير العاطفي الذي اجتاحني.. وأيقنت كما يقال ليس كل ما يتمناه المرء يدركه.. فاستدركت حياتي بمنهاج عقلي لا عاطفي.. لأتخلص منه وأتخطاه بنجاح.. وفعلت .. هنا وجدت راحتي بصدق.. أفضل من مسايرة الأوهام والتعايش معها..
وبعد هذا الانصراف والسكون العاطفي.. لم أتوقع بتاتا أن ألمح طيفا يلفت نظري ويجذبني إليه بكل قوتي.. لأجده شخصا بكل معنى الرجولة والشهامة والنشامة.. لقد فجر بداخلي المشاعر المكنوزة منذ زمن بعيد .. تدفقت بدمي كتدفق المياه من منبعها بنفس قوتها..
ما زلت أتذكر حين ارتجفت يداي.. واقشعر بدني.. حينما كنت أراقب ارتباكه وتلعثمه عبر أسلاك الهاتف وهو يهمس لي بكلمة أحبك.. تردد صدى صوته بأذني ليخترق أوصالي وشراييني.. ويستقر بقلب.. للمرة الأولى يدرك معنى الحب.. حينها كانت كالصعقة الكهربائية صعقتني وأصابتني بالتشنج والذهول.. لم أتمالك نفسي.. ولم اشعر بمن حولي.. ربما كان حلم عابر.. أو أن ما حدث هو لفتاة أخرى..
لكن ما ردني لصوابي هو حقيقة مشاعره وصدقه وتضحيته وعطاءه.. فهو من هز كياني وأعاد لي كل معاني الحياة.. وأدركت أنه راحتي الحقيقية المفقودة..
والآن.. سرد القصص والروايات ما عادت تحز في خاطري.. فهي تمر على مسمعي مرور الكرام.. وغالبا ما اشعر بأنهم يسردون قصتي.. فما املكه أنا ليس ببشر.. بل بالكاد أن يكون ملاكا لا مثيل له.. ومثاليا من الواقع وليس من وحي الخيال. . وليس بمقدور أي كان أن يستنكر أصالته.
اتمنى اسلوبي وخاطرتي البسيطة تنال اعجابكم ... والسموحة منكم
ريم الخليج
Bookmarks