صنعاء - محمد القاضي:
يشهد سوق الإنترنت في اليمن ركوداً كبيراً بسبب الإجراءات التي اتخذتها وزارتا الاتصالات والثقافة المتمثلة في مراقبة وحجب الكثير من المواقع على شبكات الأنترنت، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل امتد إلى ازالة الحواجز العازلة بين المستخدمين للخدمة في مقاهي الأنترنت وكشف شاشة أجهزة الكمبيوتر إلى الخارج بعد أن كان لكل شخص كبينة خاصة به يطلع فيها ويتصفح المواقع بكل حرية ودون أي رقيب.
ويشكو أصحاب محلات ومقاهي الإنترنت في اليمن والتي يقدر عددها بالمئات أن هذا الإجراء يكلفهم الكثير وأدى إلى تكبدهم خسائر فادحة. وتشير المعلومات إلى أن ما أطلق عليه بـ"كشف المستور" أو "شفافية المقاهي" أدى إلى تراجع الدخل اليومي لهذه المقاهي إلى أكثر من 300%، حيث أفلس الكثير من هذه المقاهي نتيجة هذه الرقابة التقنية والإدارية التي فرضت عليها وأغلق العشرات منها علاوة على أن عددا كبيرا آخر في طريقه إلى الإغلاق في ظل إصرار المسؤولين على هذه الرقابة على مواصلة العمل بهذا القرار وهو أمر يتعارض مع الطموحات والشعارات التي ترددها الحكومة مراراً في برامجها والتعلق بانشاء حكومة إلكترونية والتوسع في مجال تقنية المعلومات والاتصالات.
ويؤكد توفيق محمد، صاحب مقهى إنترنت إن الاقبال على مقاهي الأنترنت تراجع بشكل ملحوظ لأن الشخص لا يجد حريته ويرى أن هذا تدخل في حياته الشخصية. ويضيف: إن المستخدم يشعر بأنه مراقب عندما يرغب في تصفح بريده الإلكتروني أو كتابة رسالة أو ما شابه ذلك.
ويحتدم الموقف بين المؤيد والمعارض، حيث يدافع القائمون على هذا الإجراء والرقابة ويعتبرونه ضرورياً وتهدف إلى الحد من المواقع التي لا تتلاءم وثقافة المجتمع. ومع هذا فإنهم يعترفون بعجزهم في فرض رقابة كاملة وحجب المواقع التي يرون أنها ممنوعة ويؤكد خالد الرويشان وزير الثقافة اليمني أنه يصعب أن تكون هناك رقابة فاعلة 100% لكن الواجب يحتم على الإدارة المختصة أن تقيم نظاماً فاعلاً أيضاً قدر الإمكان تربوياً وأخلاقياً بما يتناسب مع طبيعة البلد.
ويقول كمال الجبري مدير مؤسسة الاتصالات بالوزارة أنه لا بد أن يكون هناك نوع من المراقبة لأن الإنترنت حسب رأيه سلاح ذو حدين.
لكن قانونيين يرون أن هذا الإجراء تدخل سافر في خصوصية الأشخاص وخرق واضح للقانون الذي يكفل حرية الاتصال وأنه وصاية على مستخدمي الإنترنت مهما كانت اهتماماتهم وطبيعة استخداماتهم لهذه الخدمة.
ويؤكدون أنه لا جدوى من عملية الحجب والإغلاق في ظل وجود قدرة لدى شبكات المعلومات الدولية، على ابتكار الطرق للدخول إلى أي موقع بغض النظر عن الرقابة. ويعتبرون أن هذه الخطوة وسيلة من وسائل الوصاية التي تعتمدها وزارة الاتصالات وتنصب نفسها حامياً للأخلاق وقيم الناس.
وإذا كانت وزارة الاتصالات قد اتخذت قرارا يقضي بتقديم الخدمة مجاناً إلا أن قرارها بتسديد إجراءات الرقابة وكشف المستور داخل مقاهي الإنترنت علاوة على بطء الخدمة قد أدى إلى نفور الكثير من مستخدمي مقاهي الإنترنت مما جعل العديد من هذه المقاهي مهددة بالإفلاس والقلق في وقت قريب. ومما يزيد من نقمة المستخدمين على وزارة الاتصالات هو تقديمها لخدمة بطيئة جداً تجعل الناس يقضون ساعات أمام جهاز الكمبيوتر كما يتعذر عليهم أحياناً الدخول إلى أي موقع بسبب أن سعة الشبكة أقل بكثير من عدد المستخدمين.
هذا وشكلت مقاهي الإنترنت البديل الأفضل والأكثر يسراً وأقل تكلفة لغير القادرين على اقتناء أجهزة الكمبيوتر أو الاشتراك المباشر في الخدمة، وقد تضاعف عدد المقاهي في المدن الرئيسية خلال العامين الماضيين عشرات المرات وفتح في صنعاء وحدها أكثر من 250مقهى للإنترنت لتستقبل آلاف المستخدمين من الشباب يومياً وحتى ساعات متأخرة. لكن هذا الإجراء الأخير يهدد مستقبل هذه الخدمة التي كانت آخذة في التوسع والانتشار.
وتعد اليمن من أوائل الدول في المنطقة العربية التي أدخلت الإنترنت عام 1996م غير أن هذا السبق لم يعط المواطن اليمني الأفضلية المتاحة لغيره اليوم في دول أخرى بسبب احتكار تزويد هذه الخدمة على شركتين هما تيليمين والمؤسسة العامة للاتصالات. فبعد 8سنوات تقريباً إلا أن عدد المشتركين بهذه الشبكة في اليمن لا يزيد على 20ألفاً في حين يقدر عدد مستخدمي الأنترنت بنحو 150ألفا فقط في بلد يبلغ عدد سكانه 20مليون نسمة
Bookmarks